موجة الاصلاحات التي تهب على العراق لها ضحايا أول ما طبقت طالت حياتهم ومستقبلهم، وفي المقابل لهذه الاصلاحات مزايا ومنافع للبعض الآخر لانها رفعت من مكانتهم وثبتت وجودهم وسلطتهم في حاضر ومستقبل الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية في العراق.
أول ضحايا الاصلاح ليس نواب رئيس الجمهورية ونواب رئيس الوزراء الذين يصرحون ويتحركون بل ويسافر احدهم الى ايران ويصرح بتصريحات هي من اختصاص وزير الخارجية، وانما21 واحد وعشرين محكوماً بالاعدام تم توقيع 21 مرسوماً جمهوريا من قبل رئيس الجمهورية، هذه السرعة والاستجابة السريعة لرئيس الجمهورية في التوقيع على ملفات 311 محكوما بالاعدام واعلانه ذلك يوم الجمعة وهو يوم عطلة رسمية واعلان وزارة العدل يوم السبت وهو ايضا عطلة رسمية عن استلامها21 مرسوماً جمهوريا موقعا من رئيس الجمهورية لمحكومين بالاعدام مما يبين ان الضحايا هؤلاء والذين سينفذ عليهم حكم الاعدام هم اول الضحايا لهذه الاصلاحات التي من المفروض ان تُنصفهم لا ان تُسرع باجراءت اعدامهم، رغم ان شعارات يوم الجمعة 14آب وخطبة ممثل المرجعية وتصريحات العبادي التي”دعا السلطة القضائية الى القيام بسلسلة اجراءات جذرية لتأكيد هيبة القضاء واستقلاله وتمكينه من محاربة الفساد وتكريس مبدأ العدالة بين المواطنين”، وان “الاصلاحات الواسعة التي دعا اليها تتطلب قضاء عادلا ونزيها وحازما لدعم هذه الاصلاحات والوقوف في وجه مافيات الفساد وابعاد القضاء عن المحاصصة الحزبية والفئوية والطائفية”،مشدداً على”احترامه والتزامه بالقضاء العادل والنزيه”.
علما ان المحكومين بالاعدام قد حوكموا من قبل هذا القضاء الذي يصرح الجميع اليوم ويؤكد على ضرورة اصلاحه ويعرف الجميع أن السلطة القضائية قد اثقلها الفساد والظلم والتسرع والانتقائية في الاحكام الى الحد الذي وصفت فيه العدالة في العراق بانها عدالة متهرئة، وان القانون لا يطبق الا على الفقراء والضعفاء ممن لا حول لهم ولا قوة وان الاسماك الصغيرة وحدها من يتم خنقها باحكام القانون في حين ان الحيتان الكبيرة يحميها ويصفق لها الكثيرون ممن هم اليوم فرسان وطُلاب للاصلاح المنشود.!
اما مزايا ومنافع هذه الاصلاحات فقد تم تثبيتها للمرجعية الدينية التي بدت خطبة ممثلها يوم الجمعة وكأنها اوامر للعبادي الذي بدا اشبه بطالب صغير يردد ما يردده ممثل المرجعية وبلغة حماسية توافق مزاج وطلبات المتظاهرين الذي حملوا ورفعوا كل ما معقول ومقبول من الشعارات والهتافات الى جانب ما هو غير معقول وغيرمقبول من الشعارات التي كان ابرزها نعشاً مكتوب عليه بلغة عربية خاطئة (المطلوب صقوط البرلمان) اي بالصاد وليس بالسين، مما يشير الى ان العراق يسير باتجاه المجهول وسيطرة الشارع وتوجيهه لمن يتولون الحكم الى جانب ان العراق يبدو انه يسير باتجاه الدولة الدينية ذات التوجه المذهبي المعين الى الحد الذي صارت خطبة الجمعة لممثل المرجعية هي المحرك والمؤشر والمقرر والآمر والناهي للاحداث والتطورات في العراق.
كما ان من ضحايا الاصلاحات الدستور العراقي الذي بدا وكانه هو السبب والمتسبب في كل ما جرى ويجري في العراق رغم ان ضعف واهمال الدستور العراقي لا يعود الى الدستور بل الى السياسيين الذين طبقوا ما ينفعهم وما يتطابق مع اهوائهم واهملوا كل ما ينفع ويفيد الناس، الى الحد الذي يصل بالعبادي التصريح بطلب التفويض من الشعب لتغيير الدستور، رغم علم الجميع ان الدستور قد صوت ووافق عليه 85% من الشعب العراقي واذا كانت فيه عيوب او نواقص (وهو كذلك) فلا بد من اتباع السياقات الدستورية في تعديل والغاء مواده وليس من خلال الطلب من الشعب.