22 ديسمبر، 2024 9:03 ص

شعلان الكريم أول ضحايا التسقيط السياسي.. إسرائيل حتّة وحدة؟!

شعلان الكريم أول ضحايا التسقيط السياسي.. إسرائيل حتّة وحدة؟!

لم تعد لعبة التسقيط السياسي غريبة على الساحة العراقية منذ بدء العملية السياسية الحافلة بالتناقضات ، فقد باتت هذه اللعبة القذرة جزءا مهماً من سيناريو تصفية الحسابات والإقتصاص من الخصوم السياسيين ، وخصوصا في الفترات التي تسبق الانتخابات النيابية والتي تشهد رواجاً منقطع النظير لهذه الحرفة السوداء .
ورغم ان بوادر لعبة التسقيط السياسي ظهرت مبكرا هذه المرة مع اقتراب الانتخابات من خلال قضية مياه الأمطار التي كانت سبباً في تراشق الاتهامات بين فريقين مهمين ، ومن خلال الحديث عن مذكرات القاء القبض الصادرة بحق برلمانيين من كتل مختلفة ، إلا ان هذا الموسم (التسقيطي) لم يشهد عملية نوعية كبيرة حتى استيقظنا صباحاً على خبر لايقل وقعه عن وقع خبر تفجير برجي مركز التجارة العالمي ، فالعنوان يقول (شيوخ عشائر صلاح الدين يستنكرون زيارة النائب شعلان الكريم الى اسرائيل..!!! ) ، في تلك اللحظة لا أدري كيف غاب الخبر عن فضائية (سبيستون) الخاصة بالأطفال وكيف لم يقم مراسلها في بغداد بإرسال الخبر اليها لتعرضه في شريط السبتايتل وتكتب الى جانبه كلمة (عاجل) ، أو كلمة (به به له) باللغة الكردية فيما لو افتتحوا لنا قناة كرتونية ناطقة بالكردية .
كنت انتظر من فيصل القاسم ان يستضيف الشيخ الكريم عبر الأقمار الصناعية من بغداد ، وبنيامين نتنياهو من تل أبيب ليتحدثا عن نتائج الزيارة المزعومة وما أسفرت عنه المباحثات بين الجانبين !
وكنت انتظر من الفنان محمد سعد الشهير بلقب (اللمبي) أن يقول مخاطباً الشيخ شعلان الكريم (يا راجل ، إيه الكلام ده؟ إسرائيل حتة وحدة؟! ).
ان العجيب في هذه العملية التسقيطية أن من قاموا بفبركة هذا الخبر الساذج اختاروا ضحية ليست له عداوات ولا خصومات ، وألصقوا به تهمة ما أنزل الله بها من سلطان وهو بعيد كل البعد عنها ، وكان الأجدر بهم ان يلفقوا له تهمة تتعلق بشيء آخر لتكون الكذبة على الأقل فيها جانب يمكن ان يصدّقه بعض الحمير والجهلة ، ولكن.. إسرائيل؟؟ والرجل حسب اعتقادي لم يصل الى (طريبيل) !!
بالنسبة لي لا أعرف الرجل معرفة شخصية ولم ألتق به سابقاً ولستُ محامياُ موكلاُ للدفاع عنه ، ولكن من خلال عملي في الإعلام اعتقد أن الرجل قليل الكلام ونادرا ما يدلي بتصريحات صحفية ولا خبرة له بالتلاعب بالألفاظ ، ومن هنا فإنه يستحق أن يدافع عنه الإعلاميون الشرفاء ، ولا أقول كلامي هذا من باب الرأفة به طبعا ، فالرجل شخصية عشائرية مهمة وهو محترم من قبل الجميع ومعروف باعتداله ، بل أنه يخجل حتى من التلفظ بألفاظ باتت عادية جدا كالشيعة والسنة والمذهب والطائفة ، لكنه تعرض الى عملية تسقيط خبيثة جدا لايستحقها أبداً ، ولماذا استهدفوه وهو بعيد كل البعد عن الصراعات والتجاذبات والهوسات السياسية التي أصابتنا بالقرف ، هذا الرجل حسب علمي مشغول في محافظته ويمارس عمله هناك في استلام شكاوى الناس والاصغاء الى هموم الفقراء من أبناء جلدته وهو من البساطة الى درجة أن أي محتال يمكن أن يتظاهر أمامه بأنه فقير معدم لم يتناول لقمة منذ ثلاثة أيام ليثير عاطفته ونخوته العربية ويأخذ كل ما في جيبه ، وهو بحسب أحاديث الأهالي في محافظة صلاح الدين يمارس مهنة أقرب الى مهنة مختار المحلة أو المصلح الاجتماعي أو صاحب منظمة انسانية حتى أن البعض نسوا انه نائب في البرلمان ، هذا الشيخ ذو اللحية البيضاء لم يؤذِ نملة ، فلماذا استهدفوه؟! وما هذه القسوة المفرطة الكامنة في قلوب من قاموا بفبركة خبر حول زيارته المزعومة الى اسرائيل؟!
لقد أصدر مجلس عشائر صلاح الدين بياناً نفى فيه أنه قد تبرأ من الشيخ الكريم بسبب زيارته المزعومة الى اسرائيل ، وأنا أقول لمجلس العشائر : لا حاجة الى إصدار نفي بهذا الخصوص ، فكل شخص ذو عقل سليم لن يصدق هذه الأكذوبة التي لاتنطلي حتى على السذج والأغبياء ، لكنني أعتب على بعض المواقع الألكترونية التي سارعت الى نشر هذا الخبر الكاذب رغم ان القائمين على هذه المواقع يعرفون ويدركون جيداُ ان الشيخ الكريم لم يسافر الى اسرائيل يوماً ولم يتعد حدود (كراج العلاوي) ، فأي مهزلة يعيشها الإعلام العراقي اليوم ، مع احترامي واعتزازي بوسائل الاعلام التي حافظت على مهنيتها واستقلاليتها وسط هذه المعمعة ولم تتمرغ في أوحال التسقيط السياسي الخبيث .
اليوم شعلان الكريم ، وغداً من التالي؟ ، والى أين سيسافر (الضحية) الجديد في عملية التسقيط القادمة؟ بالنسبة لي لن استغرب لو قرأت غداً في شريط اخبار قناة (سبيستون) خبراً عن زيارة الملك غازي الى القطب الشمالي !