5 نوفمبر، 2024 3:54 م
Search
Close this search box.

سر إبتزاز الأحزاب الكردية وهل من حل جذري للخلافات؟3/4

سر إبتزاز الأحزاب الكردية وهل من حل جذري للخلافات؟3/4

أعتقد أن هذه المواقف إضافة إلى تضخيم موضوع المناطق المتنازع عليها هي مظاهر تكتيكية لأمر أعمق. فما هو؟
بعد أن فقد السيد البرزاني الثقة بالديمقراطية العراقية ودخول الأمريكيين، توقعاً، على طول الخط للنفخ في مخاوفه من جهة وطرح العروض المغرية بشأن كركوك ووحدة كردستان من جهة أخرى، إنحاز السيد البرزاني وحزبه بإتجاه الأمريكيين الذين شكلوا من جانبهم محوراً في المنطقة يضم السعودية وقطر وتركيا وإسرائيل وتبنوا الجهد السعودي في تأجيج صراع طائفي(8) للتهرب من الإستحقاق الشعبي في الديمقراطية وحقوق الإنسان. أراد الأمريكيون الإطاحة بالنظام السوري ومن ثم الإيراني والعراقي(9) وصولاً إلى الحدود الروسية ومن ثم العمق الروسي ليقوم الإسلاميون السلفيون بدورهم  في تمزيق المجتمع هناك وتدمير الإقتصاد ليجعل روسيا في المطاف الأخير غير قادرة على توفير الموارد الإقتصادية اللازمة لدعم برنامج التسلح الروسي وبذلك تصبح أمريكا سيدة العالم بفعل قوتيها الإقتصادية والعسكرية وسيطرتها على منابع البترول للي أذرع الآخرين، من جهة أخرى، وبذلك تستطيع كبح جماح المارد الصيني الإشتراكي(10)المتصاعد أيضاً. إنه مشروع إحياء مشروع أمريكا الأصلي الذي ساقها إلى إحتلال العراق عام 2003 بحجة إمتلاك نظام البعث الطغموي أسلحة دمار شامل، ولكنه أُجهض من قبل أغلبية الجماهير العراقية الملتفة بقوة حول المرجعية الدينية في النجف والحكومة العراقية بقيادة الإئتلاف العراقي الموحد ومن ثم التحالف الوطني وفي المقدمة منه إئتلاف دولة القانون وزعيمه رئيس الوزراء السيد نوري المالكي.
بناءً على هذا المشروع، أصبح لزاماً على قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني التعاون مع الطغمويين في ما تبقى من إئتلاف العراقية بقيادة السيد أياد علاوي، لإسقاط حكومة بغداد والقضاء على النظام الديمقراطي.
هنا بدأ إختيار تكتيكات التحرك المناسبة بالنسبة للحزب الديمقراطي الكردستاني.
بتقديري، إن جميع التكتيكات تقليدية إلا ثلاثة تكتيكات تستحق التوضيح:
1- تركيز الحملة على شخص المالكي لأهميته وإلتزامه بمبدأ المواطنة والتمسك بالدستور والديمقراطية وتأسيس دولة المؤسسات. وهو الذي أثبت جدارة قيادية وشجاعة ومقدرة سياسية وقدرة على الإستيعاب والمناورة والمرونة وتجمعت لديه خبرة عالية لا يصح التفريط بها لصالح إدعاءات فارغة كاذبة كالدكتاتورية والتسلط والرجل يواجه إستحقاقات وضوابط دستورية ديمقراطية وهي تحديداً مجلس الوزراء ومجلس النواب والإنتخابات العامة والرأي العام وحزبه وإئتلافه وتحالفه. والتركيز على شخص دون حزبه أو إئتلافه أو تحالفه تكتيك معروف في محاولة دق إسفين داخل هذه المكونات لتمزيقها وتمزيق الوضع العراقي معها وهو الدور الموكول للسيدين أياد علاوي ومسعود برزاني في هذه الصفقة.          
2- الإنضمام إلى إئتلاف العراقية في جهده وتكتيكاته لشل يد الحكومة ومحاولة إفشالها خاصة ما يتصل بتعطيل التشريع ومشاريع الإعمار وتوفير الخدمات بغية تأليب الشعب عليها وخلق الإرباك وتوتير الأجواء وصولاً إلى إشاعة الفوضى العارمة.
3- إتباع تكتيك جديد يلائم الوضع الفيدرالي في محاولة إسقاط هيبة الحكومة وإستفزازها وصولاً إلى إسقاطها وإسقاط النظام. إتخذ هذا التكتيك مسارين على محورين هما:

a. جعل الإقليم، الفيدرالي دستورياً، وكأنه دولة مستقلة مجاورة للعراق تشاركه في موارده وفي برلمانه وتشريع قوانينه وفي حكومته ووزاراته ودواوين وزاراته ودوائر دولته وسفاراته وقنصلياته وفي جيشه وشرطته وقواه الأمنية ومطاراته وليس للحكومة الفيدرالية شيء في كردستان سوى الإهانة والتهديد والوعيد بقطع يد الجيش العراقي.

 وقد ذهب الإقليم إلى أبعد من ذلك إذ صار يعقد إتفاقات نفطية ببنود سرية دون علم أو موافقة الحكومة الفيدرالية، ويعتمد صيغة “المشاركة في الإنتاج” بدل صيغة “عقود الخدمة” المعتمدة من قبل الحكومة الفيدرالية؛ وراح رئيس الإقليم يستقوي بشركات النفط ضد الحكومة الفيدرالية(11). حتى لو لم يكن هناك قانون للنفط والغاز وتقاسم الموارد الطبيعية، فإن الأصل في الأمور هو حصر شؤون السياسة الخارجية وشؤون الدفاع والأمن والشؤون المالية بضمنها الموارد الطبيعية في دائرة إختصاصات الحكومة الفيدرالية، فما بالك والدستور ينص على ذلك بالتشاور مع مجالس المحافظات. لقد تمدد الإقليم إلى ما هو أبعد حتى من الكونفدرالية. علماً أن إختصاصيي القانون أفادوا بأن فحوى النظام الفيدرالي ينحصر بتسهيل عملية التنمية الإقتصادية لا غير. ونسج الإقليم علاقات قوية مع دول معادية للعراق كقطر والسعودية وتركيا وأصبحت كردستان ملاذاً آمناً للمجرمين والإرهابيين كطارق الهاشمي وكبار الضباط البعثيين الطغمويين الذين أذاقوا الشعب العراقي الويل ومنهم تحديداً: مانع رشيد ومانع رحيم الدوري ومزهر مطني عواد فضلاً عن الزيارات المتكررة لعزت الدوري إلى أربيل الذي تُحضره طائرة سعودية خاصة(12).
 
b. تضخيم موضوع المناطق المتنازع عليها:
إن إرساء العراق الجديد على أساس النظام الفيدرالي الديمقراطي  قد أضعف القوى الكردية من جهة مقدرتها على كسر هيبة حكومة بغداد بالطريقة التي أتقنتها قوات البيشمركة على إمتداد النظم الدكتاتورية. كانت القوات الكردية تحتل المدن الكردستانية أثناء الليل وتنسحب نهاراً أو تزعجها فقط. كان هذا كافياً لإستفزاز أية حكومة دكتاتورية لأنها تعتبر هيبتها والهيمنة على الناس وضبط تحركاتهم هي معيار شرعيتها من جهة، ومن جهة أخرى ما كانت الحكومة الدكتاتورية لتسمح لقسم من السكان أن يعلن عصيانه وكسر عصا الطاعة خوفاً من إنتشار العصيان إلى أماكن أخرى من العراق الذي كان يعاني كله من الظلم.

 إنتهت هذه التقنية في العهد الفيدرالي الديمقراطي لأنه ما عادت هناك مدن كردستانية تُحتل فهي كلها أصبحت ضمن سلطة إقليم كردستان، وأصبح لزاماً على قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، المدفوعين من حلفائهم الجدد، إيجاد وسيلة أخرى لإهانة وإستفزاز الحكومة الفيدرالية. تمثلت هذه الوسيلة بسحب النزاع إلى المناطق المتنازع عليها التي لم يحددها الدستور ما عدا كركوك، بل حددها الكرد منفرداً إذ أشار الدستور إليها بصيغة  “كركوك ومناطق أخرى”. دفع الإقليم بقواته إلى بعض هذه المناطق علماً أن القوات الفيدرالية ضعيفة التدريب والتسليح بتخطيط أمريكي مسبق سيء النية؛ بينما قوات البيشمركة مدربة تدريباً جيداً وإستولت على أسلحة ثقيلة لتشكيلات مهمة وكبيرة من الجيش العراقي السابق كالفرقة الخامسة.
هنا تقف الحكومة الفيدرالية أمام أحد حلين كلاهما مرٌّ ومهين لها وبالتأكيد سيُستغلان لمحاولة الإطاحة بها وهو بيت قصيد القوى الخارجية والطغمويين: فأما الرضوخ وأما القتال.
 
وهذا للأسف هو الحال الذي بلغه العراق اليوم. وعلى الوطنيين والديمقراطيين تدارك الموقف وحل الإشكالات حلاً ديمقراطياً دستورياً ومشرفاً لكل الأطراف.
ـــــــــــــــــــــــ
 تأسيسه” و “الطائفية” و “الوطنية” راجع الرابط التالي رجاءً:
http://www.qanon302.net/news/news.php?action=view&id=14181
 (9): لاحظتُ في الأونة الأخيرة إشتداد التحريض والهجوم المباشر على شيعة العراق وعلى التحالف الوطني وبالأخص إئتلاف دولة القانون وخصوصاً رئيس الوزراء السيد نوري المالكي من قبل الإعلاميين المستأجَرين من قبل فضائية “الحرة – عراق” الأمريكية وهم السادة عماد جاسم وعمر حسين وناصر طه وعمر محمد وفلاح الذهبي وسعدون محسن ضمد. يقف على رأس هذا الجوق السيد عماد جاسم المهووس بالتأليب على إئتلاف دولة القانون وزعيمه منذ مدة ، ربما حسب الدور الموكل إليه رغم أن السيد الذهبي هو مدير المكتب في بغداد،.
رغم الجوانب الإيجابية الكبيرة ورفعة مستوى التقنية الإعلامية ومهنيتها على العموم الذي تمتاز به الفضائية، إلا أنها تأليبية ضد الحكومة العراقية بشكل إيحائي متخصص وذكي ليس بعيداً عن متناول وسيلة إعلام أمريكية يشرف عليها الكونغرس تنتقي وتدرب كوادرها بعناية فائقة لترويج سياسة أمريكا في العراق وهي بالأساس مصالح ستراتيجية وإقتصادية وعلى رأسها النفط.
تغفل الفضائية الدور الأمريكي في سوء الحالة الأمنية ومسؤوليتها في تردي تدريب وتسليح الجيش العراقي الجديد وتردي الخدمات ومساهمته في إنتشار الفساد وشل يد الحكومة في عملية البناء والتستر على بعض المجرمين كطارق الهاشمي حسب النائب سعد المطلبي.
أراهن على أن اعنف وأعمق ثورة شعبية كانت ستنشب في أمريكا (وبالتالي في العالم) لو تعاملت فضائية أمريكية معتمَدة من قبل الكونغرس وبثت للأمريكيين بالطريقة التي تبث بها فضائية الحرة للعراقيين لمدة ستة أشهر فقط وليس لسنوات. لو قامت تلك الفضائية الإفتراضية ببيان الحقائق فقط، ناهيك عن النفخ، في خلفية حركة “إحتلوا الوول ستريت” والأزمة الإقتصادية العنيفة وصرف آلاف البلايين من الدولارات لإنقاذ ونجدة البنوك ورؤسائها الذين يتقاضون “رواتب” فلكية ويصفهم البعض بالحرامية، ناهيك عن التمايز الطبقي والفقراء والحرمان من الرعاية الصحية والملايين المحرومين الذين يعيشون على  مشروع الفتات أي “طوابع الطعام / أي Food Stamps”، والتركيز على إستغلال المهاجرين غير الشرعيين والتمييز ضد السود، وغير ذلك من المواضيع التي لا تعد ولا تحصى.
آهٍ … لو بثت تلك الفضائية الإفتراضية إعلانات عن برامجها كل يوم ولسنين كإعلانات فضائية الحرة – عراق من قبيل: “الأحلام…؟ الأحـــلام تلاشت” و “ما بقه شيء إبهذا البلد غير الشعب الفقير” في الوقت الذي تعرض العراق لإحتلال وعلى أرضه (150) ألف جندي أمريكي وكان مثقلاً بمديونية تبلغ مئات المليارات من الدولارات وهبط معدل الدخل الشهري للفرد العراقي إلى ربع دولاراً بينما أصبح الآن (350) دولاراً تقريباً وورث زراعة وصناعة مدمرتين وهو يرزح تحت طائلة الفصل السابع وهناك من بين أبنائه من يهددك كل يوم بدعوة “سيادة جنرال الفصل السابع”!!.
(10): إني أحد المؤمنين بأن الصين تبني الإشتراكية العلمية بطريقتها الصينية الخاصة.
(11): أطلق السيد مسعود برزاني، رئيس إقليم كردستان، تصريحاً قال فيه بأن شركة أكسن موبيل النفطية تعادل عشرة فرق عسكرية وإنها إذا دخلت بلداً فلا تغادره. وهذا يحمل تهديداً مبطناً للحكومة الفيدرالية مشابهاً للتهديد الذي طرحته شركات النفط على الزعيم الشهيد عبد الكريم قاسم.
(12): كرر كبار المسؤولين في كردستان ومنهم رئيس الإقليم السيد مسعود البرزاني إعتراضهم على تعيين الفريق عبد الأمير الزيدي على رأس قيادة قوات دجلة وساقوا سببين: 1- لأنه إحتل أربيل أيام النظام البعثي الطغموي، 2- إنه يجب أن يشمل بقانون “المسائلة والعدالة”.
أوضح السيد هادي العامري وزير النقل ورئيس منظمة بدر لفضائية الحرة – عراق / برنامج حوار خاص بتأريخ 26/11/2012 أن الفريق الزيدي دخل أربيل عام 1996 عندما إستنجد السيد البرزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني بحكومة البعث الطغموية في قتاله ضد قوات الإتحاد الوطني الكردستاني بقيادة السيد جلال طالباني.
أما بشأن خضوع الفريق الزيدي لقانون المسائلة والعدالة، فأنا أسأل السيد البرزاني ورفاقه: ألم يكونوا المتصدرين للحديث عن ضرورة المصالحة يوم كان يلح عليها الأمريكيون لأغراض معروفة حيث أعادوا تحت غطائها مئات الضباط من الجيش الطغموي السابق؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات