دور المرأة في بناء المجتمع والارتقاء به/1

دور المرأة في بناء المجتمع والارتقاء به/1

-الجزء الأول-
يقول الله تبارك وتعالى:

﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ..﴾.

إن الإسلام لا يريد دفن طاقات المرأة وسلب أي دور لها في المجتمع ، بل العكس تماماً فهو يريد أن يفعّل طاقات المرأة في الاتجاه الصحيح ، لتكون عنصراً فعالاً له دوره الإيجابي والبناء في المجتمع، فالفعالية في المجتمع ليست خاصة بالرجال بل هي تكليف للمؤمنات كما كانت تكليفا للمؤمنين.

فالمرأة إذن ليست عضواً خارج المجتمع أو على هامشه بل هي في قلب المجتمع لها دورها الأساسي والفعال، إذ أن ” الإسلام يؤهل المرأة لأن يكون لها ـ كالرجل ـ دور في جميع الأمور، فكما يؤدي الرجل دوراً في جميع الأمور، فالمرأة أيضاً تمتلك مثل هذا الدور، والكثير من يعتبر أن النساء الصالحات هن السبب في رفعة المجتمع وانتصاره أمام كل التحديات ، فلو جردوا الأمم من النساء الشجاعات والمربيات للإنسان ، فسوف تهزم هذه الأمم وتؤول إلى الانحطاط ، فهي التي تعمر البلاد جنباً إلى جنب الرجال.

ولنقرأ معاً بعض النشاطات التي لابد أن تأخذ المرة دورها الإيجابي فيها:

1ـ المساهمة في تحديد المصير: على المرأة أن تساهم في مقدرات البلاد المصيرية.  نحن ندعو لأن تحتل المرأة مكانتها الإنسانية السامية،وهنا ينبغي للمرأة أن تساهم في تحديد مصيرها.
“للمرأة حق تقرير مصيرها كما هو الحال بالنسبة للرجل” فالمرأة إذن لها دور قبل مرحلة الإجراء والتنفيذ ، لها دور في القضايا المصيرية ، وعليها أن تبادر للتصدي لمثل هذه الأمور وإبداء رأيها بها، وبالأخص الأمور المصيرية التي تتعلق بالمرأة.

2ـ نشاطها في إطار العائلة: “القرآن الكريم يربي الإنسان ، والمرأة أيضاً تربي الإنسان”.
عبارة تختصر كل شيء ، وتبين خطورة دور المرأة وأهميته في المجتمع فهي المدرسة التي تخرج إنسان هذا المجتمع ليأخذ لونها ويسير بإلهام منها، بل نجد عند المقارنة بين دور المرأة ودور الرجل في المجتمع فأن دور المرأة أهم وأخطر ، إذ إن دور المرأة في المجتمع أهم من دور الرجل، لأن النساء ـ علاوة على كونهن شريحة فعالة على كل الأصعدة ـ فإنهن يتصدين لتربية الشرائح الفعالة الأخرى أيضاً.

وبسبب خطورة هذا الدور وأهميته نجد الإسلام قد خصها بالثواب الجزيل مقابل ذلك ، فإن ليلة واحدة من سهر الأم لطفلها ، تعادل سنين من عمر أب ملتزم ، إن الرأفة والرحمة التي تحملها نظرات الأم النورانية ما هي إلا تجلِ لرأفة ورحمة رب العالمين. ويكفي الأم شرفاً ما ورد في الحديث الشريف: “الجنة تحت أقدام الأمهات.

إن الأمومة لها احترامها الخاص ولها أهميتها الخاصة عند الله سبحانه وتعالى ، فلماذا كان هذا الاهتمام يا ترى؟

أهمية التربية:

التربية تشكل المخزون الثقافي والنفسي والسلوكي الذي سيلقي بظلاله على الإنسان طيلة مسيرة حياته ، وكما يقال “من شب على شيء شاب عليه”.  وفي الرواية عن الامام علي ابن ابي طالب عليه السلام: “إنما قلب الحدث كالأرض الخالية ، ما ألقي فيها من شيء إلا قبلته”.
وهنا فإن طفلاً صالحاً يتربى في أحضان المرأة من الممكن أن يسعد شعباً كاملاً.

نعم هذا هو سبب أهمية دور الأم. إنها هي التي تخرج أفراد المجتمع الصالحين الذين يمكن أن يسعد الواحد منهم شعباً كاملاً.

وبقدر أهمية هذا الدور هو خطير أيضاً ، فلو كانت تربية سيئة فقد يفسد مجتمعاً لا سمح الله ,لا تتصوروا أنه طفل، فقد ينزل هذا الطفل إلى المجتمع ويمثل موقعاً على رأس المجتمع ثم يسوقه إلى الفساد.

3ـ نشاطها في المجتمع: ان صلاح أو فساد مجتمع ما ، ينبع من صلاح أو فساد نساء ذلك المجتمع.
المرأة عنصر مؤثر جداً في المجتمع ، فإن كانت صالحة تسببت بصلاح المجتمع والعكس صحيح. المرأة

اليوم تساهم في بناء كل ركن من أركان المجتمع فهي الطبيبة و المعلمة و المحامية و المهندسة ..الخ ودخلت بكل ثقة في بناء كل مفصل من مفاصل المجتمع الحيوية ، وقد تفوقت وأبدعت في هذه الميادين.

4ـ نشاطها في السياسة وبناء الدولة: ومن هذه المجالات ،

أ ـ المشاركة في الاستفتاء والانتخابات والترشيح:

 “من الأمور المهمة التي ينبغي التأكيد عليها مشاركة النساء الفاضلات والشجاعات في مختلف أنحاء العراق في الاستفتاء العام” ، إذ تتمتع النساء بحق الانتخاب، وإننا من المهم جدا ان نؤمن بهذه الحقوق للنساء أكثر من إيمان الغرب بها… فالمرأة تتمتع بحق الرأي، وحق الانتخاب وحق الترشيح.
فالمرأة لها حق الانتخاب فلها أن تشارك بالانتخابات لتنتخب الشخص الذي تراه مناسباً. وكذلك لها حق الترشيح، حيث بمكنها أن تترشح أيضاً في أي انتخابات تجري. ويمكنها أن تترشح أيضاً في أي انتخابات تجري. ويمكنها أن تحتل المراكز المتقدمة وتقوم بعملها إذ انتخبها الناس بلا فرق بينهما وبين الرجل.

ب ـ الخوض في الشؤون السياسية:

الشؤون السياسية والأعمال السياسية ليست مختصة بالرجال ، بل للمرأة دور في هذا الإطار عليها أن تقوم به، بل نجد أنه من اللازم على المرأة المساهمة في القضايا السياسية، فمثلما يجب على الرجال المساهمة في القضايا السياسية والحفاظ على مجتمعهم، يجب على النساء أيضاً المشاركة والحفاظ على المجتمع، يجب على النساء أيضاً المشاركة في النشاطات الاجتماعية والسياسية على قدم المساواة مع الرجال.

ج ـ إعمار البلاد:

والنساء أيضاً هم جزء من أبناء هذه البلاد، فهم يستفيدون من صلاحها وإمكانياتها ويتضررون من النواقص والمشاكل الموجودة فيها، وتقع على عاقتهم مسؤولية إعمار البلاد كما تقع على عاتق الرجال، فإعمار البلاد مسؤولية المجتمع كله، وعلى المرأة أن تؤدي دورها في هذا الإطار أيضاً، وتدفع الأمور باتجاه إعمار البلاد.

د ـ إدارة شؤون البلاد:

المرأة ليست مجرد عنصر مشجع على العمل، أو عنصر عامل ضمن مستويات التنفيذ وتلقي الأوامر فقط، وإنما للمرأة التدخل في إدارة شؤون البلاد وإشغال المناصب الحكومية العالية أيضاً، فكونها امرأة لا يمنع من قيامها بهذه الأمور وتأدية هذه الأدوار الإدارية، ذلك؟ الله تعالى هو الذي دعا لذلك. وإن هذه النسوة بمشاركتهن هذه يلبين دعوة الله.

5ـ الجهاد والعمل العسكري:

لعل الجهاد العسكري هو من أكثر الأمور التي تثار حولها علامات استفهام بالنسبة للمرأة. فهل للمرأة دور في الجهاد، أم هو مختص بالرجال؟ وإذا كان لها دور فما هي طبيعة هذا الدور؟
أ ـ المشاركة في الحروب:

ميز الإسلام بين الحروب العادية التي يمكن أن تقع بين البلدان، وبين تعرض بلاد المسلمين للغزو والخطر على الوجود والهوية ، وبعبارة أخرى ميز بين الجهادي الابتدائي والجهاد الدفاعي. ففي الحروب العادية يسقط الجهاد عن المرأة ولا يجب إلا على الرجل. وأما في النوع الآخر وعندما تتعرض البلاد للغزو فالدفاع واجب على الرجل والمرأة بلا فرق بينهما.
“وإذا ما حدث ـ لا سمح الله ـ في وقت ما هجوم ضد البلاد فإن على الجميع نساءً ورجالاً أن يهب للدفاع، إن الدفاع لا يقتصر على الرجل دون المرأة. أو على فئة دون أخرى، بل يجب على الجميع التحرك والدفاع عن البلاد.

ب ـ المشاركة في التدريب العسكري:

عندما نتحدث عن عمل عسكري يمكن للمرأة أن تقوم به، خصوصاً في حالة الدفاع، فمن الطبيعي أننا سنتقبل مستلزمات العمل العسكري. وأهمها التدريب العسكري. فالتدريب هو مقدمة ضرورية لأي عمل عسكري ، ولا يمكن السماح للمرأة بالعمل العسكري ومنعها
عن التدريب. تطبيقاً لنداء العقل ولقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ …﴾.
فإذا ما كان الدفاع واجباً على الجميع، ينبغي أن تهيأ مقدمات الدفاع أيضاً، من جملة ذلك موضوع التدريب العسكري، وتعليم فنون القتال لمن لا يجيدها، فالأمر ليس بهذه الصورة بأن يجب علينا الدفاع ولكن لا ندري كيف ندافع. بل يجب أن نتعلم كيف ندافع.

ج ـ دعم الجبهات:

كل جبهة تحتاج لخطط خلفية تؤمن لها حوائجها ومستلزماتها وتدعمها. وهذا الدور يمكن أن تقوم بها المرأة أكثر من غيرها. وقد أثبتت جدارتها فيه عملياً على الدوام. أن النساء في صدر الإسلام كن يخرجن إلى الحرب، وكان معظمهن يعمل طوال الوقت في إسعاف المصابين ومداواة الجرحى.