21 ديسمبر، 2024 7:33 م

دوائر الدولة والقطاع الخاص وعيون المسؤولين!

دوائر الدولة والقطاع الخاص وعيون المسؤولين!

مرة سئل النائب السابق القاضي وائل عبد اللطيف من أحدى وسائل الأعلام سؤالا أفتراضيا عن ماهي أولياته التي يقوم بها أذا أصبح رئيسا للوزراء؟، فأجاب: بأن أعادة النظر بالمناصب والأستحقاقات الوظيفية ستكون من أهم أولوياته فهو يرى (ضرورة أعادة الكثير من المديرين العامين ووكلاء الوزارات والمستشارين الى أستحقاقاتهم الوظيفية الصحيحة، حيث يجد بأن الكثير منهم لا يستحق درجة معاون ملاحظ أو رئيس ملاحظين على أكثر تقدير!). الى هنا أنتهى ما قاله القاضي وائل عبد اللطيف. أرى وانا على يقين بأن الكثيرين يتفقون معي بأنه لم يعد سرا بأن دوائر الدولة المدنية ( وزارات ، مؤوسسات، شركات حكومية) تزخر بالكثير من المديرين والمسؤولين الذين لا يمتلكون أية خلفيات أدارية أو مهنية أو علمية تخصصية في مجال عملهم، فهم وضعوا بغير مكانهم المناسب تماما!، كما أن فيهم من أصحاب الشهادات المزورة، أو المشكوك في صحة صدورها!، وهؤلاء من يطلق عليهم (بموظفي الدمج)! الذين نصبتهم المحاصصة الطائفية والسياسية والقومية ليكونوا على رأس الكثير من دوائر الدولة ووزاراتها ومؤسساتها، ونفس الشيء يقال عن المؤوسسة العسكرية حيث تضم الآن ومع الأسف الشديد الكثير من الضباط من أصحاب الرتب الكبيرة الذين أطلق عليهم تسمية (الضباط الدمج) والذين أصبحوا حديث الشارع وسخريته وأصبحت صورهم التي تتداولها الكثير من مواقع التواصل الأجتماعي مثارا للضحك والأستخفاف، حيث منحت لهم هذه الرتب بالكيفية والمزاج ولأعتبارات سياسية وطائفية وقومية! بعيدة كل البعد عن أية سياقات عسكرية معمول بها!! . أن أمثال هؤلاء(الضباط والموظفين الدمج)، هم كانوا وراء خراب ودمار وفساد دوائر الدولة المدنية والعسكرية منها، كما أنهم يعانون من عقدة الشعور بالنقص العلمي والأجتماعي والتخصصي والمهني وحتى المدني (متمدن/ أبن المدينة )!، هذه العقد ظلت ملازمة لهم حتى أصبحت عائقا أمام تطور مهاراتهم القيادية والأدارية لكونهم يعرفون تمام المعرفة بأنهم لا يستحقون المناصب والمسؤوليات التي هم فيها لذا تدفعهم عقدة شعورهم بالنقص العلمي والأداري والتخصصي هذه الى تشكيل طابور خامس من العيون! من نفس موظفي الدوائر التي يعملون بها من النساء والرجال، للتجسس على زملائهم من منتسبي الدائرة!، وأمثال هؤلاء من الطابور الخامس دائما ما يكونوا من (المنافقين والأنتهازيين والوصوليين) وهم متوفرون في كل زمان ومكان لخدمة المدير والمسؤول والوزير والحاكم والسلطان، ودائما ما يكونوا هؤلاء من أراذل الناس ومن سقط المتاع، ويكون واجب هذا الطابور من العيون الوقحة ليس لمراقية عمل الموظفين ومتابعة أدائهم الوظيفي من أجل تحسين العمل ورفع كفاءة الأنتاج بل لمراقبة من يأتي على ذكر الوزير والمدير والمسؤول بسوء!. لذا دائما ما نسمع من هؤلاء الوزراء والمستشارين والمدراء والمسؤولين (الدمج) بمناسبة أو بدونها عبارة ( أحنة ندري بكلشي وكلشي يوصلنة)!، في محاولة لزرع الخوف لدى الموظفين، ومن الطبيعي أن الأمر لا يخلو من كيد وأحقاد من قبل عيون طابور التجسس للأيقاع بمن يريدون الأيقاع به!. وطبعا يتعرض الموظف او الموظفة التي ترد أسمائهم عند المديرللكثير من المضايقات أو النقل أو تصدر بحقه أية عقوبة حتى لأتفه الأسباب. وهنا لا بد من الأشارة ان شركات ومؤوسسات القطاع الخاص هي الأخرى تعاني من وجود مثل هذه الكوادر الوظيفية الرخيصة والمنافقة والأنتهازية، التي دفعت بها الأقدار والحظوظ وأستطاعت بكل الطرق الملتوية وبالتدليس أن يكونوا على رأس مجالس أدارات او يكونوا مدراء مفوضين لشركات أو لمصارف أهلية. ولا يهم هؤلاء جميعا من تطوير العمل وأستحداث وجلب آخر التقنيات الحديثة في مجال عملهم بقدر ما يهمهم كيفية السرقة والتحرش بالمنتسبين من الفتيات (آفة الرجل ثلاثة/ المال والمنصب والمرأة، والكثير الكثير من هؤلاء مصابين بهذه الأفة)!!. وقد كان للقطاع الخاص ومع الأسف دوره الكبير والمؤثر في تخريب الأقتصاد بسبب من وجود أمثال هؤلاء المسؤولين من المنافقين والوصوليين والفاسدين. وقد وصف الشاعر المصري الراحل (أحمد فؤاد نجم) أمثال هؤلاء المسؤولين بأحدى قصائده قائلا ( أنتوا دود الأرض والأفة المخيفة، أنتوا ذرة رمل في عنين الخليفة، أنتوا كرباك المظالم والمآسي، أنتوا عله في جسم بلدي، أنتوا جيفة)!. أخيرا نقول: نتمنى فعلا أن يكون هناك أعادة النظر بكل الأستحقاقات الوظيفية ومناصب المسؤولين في كل دوائر الدولة ومؤوسساتها المدنية والعسكرية وكذلك القطاع الخاص. ويكون ذلك ضمن أولويات عمل الحكومة المقبلة وبرلمانها خدمة للصالح العام والله من وراء القصد.