لم استغرب دعوة عضو الكونغرس الأميركي، الجمهوري، رندي فاين قصف قطاع غزة بقنبلة نووية، مستذكراً هذا العضو وبعجرفة قصف اليابان في الحرب العالمية الثانية مرتين. كذلك لم استغرب بعض الدعوات الغربية، والاميركية، إلى ابادة سكان القطاع، وتصويرهم القضية الفلسطينية انها “قضية شريرة”. كل هذا طبيعي ممن يتنكر للحق والعدالة، المتبجح بحقوق الانسان فيما هو يمارس عكس ذلك، فهذا لن يكون غير ذلك، وربما من المهم الاستفادة من الدروس القاسية التي يعاني منها العرب عموما، والفلسطينيون خصوصا منذ “سايكس – بيكو” إلى اليوم، وتأسيسهم “لوبيات” وقوى ضغط في عواصم القرار الدولي، وعدم الاكتفاء بالتحالفات والمعاهدات، إذ رغم أنها تساعد، لكن ليس لديها اظافر واسنان، وهذه نقطة ضعف علينا جميعا ان ننتبه إليها. لقد وضع العرب بيضهم طوال العقود الماضية في سلال الدول التي كانت تستعمرهم، وبعضهم اتجه إلى سلال دول اعتبرت صديقة، وصحيح انها كانت فاعلة في يوم ما، لكنها تقيس خطواتها بدقة وفق مصالحها، ولهذا كان العرب دائما صدى صوت، وليس صوتا فاعلاً. من هنا عندما تعترف 147 دولة بفلسطين، ولا ينفذ هذا الامر في الواقع، ويبقى مجرد اعلان، فليس له اي قيمة إذا لم يصاحبه ضغط على الولايات المتحدة اولا، وثانيا على إسرائيل ليس لوقف الابادة الجماعية فقط، بل البدء بجعل تلك الدولة تتنفس عبر منح مؤسساتها الرسمية حرية العمل اولا، وثانيا ان تكون قادرة على تمثيل شعبها، وثالثا ممارستها سلطتها من دون تدخل إسرائيل. إذ صحيح أن هناك فورة غضب شعبية عالمية على ممارسات إسرائيل، وقد تعاظمت في الاشهر الاخيرة، لكنها لم تساعد على تقديم ما يمكّن الجوعى في غزة من سد رمقهم، بل تكون بالقطارة، لان تل ابيب لا تزال تعتمد على قوة الولايات المتحدة ودعمها المطلق، إذ رغم تصريحات ترامب عن التخلي عنها إذا لم تقبل خطته لادخال المساعدة إلى القطاع، لكنها لا تزال لا تلقي بالا لهذا. تل ابيب تستند إلى قوة شعبية مؤيدة لها، وهي صحيح باتت محدودة، لكنها لا تزال فاعلة، ومنذ ايام رأيت في احد المنتديات “فيديوهات” عن تظاهر عدد محدود من المؤيدين لإسرائيل في العاصمة البريطانية لندن، كان المشاركون فيها يرفعون شعارات تؤيد الابادة الجماعية ضد “الفلسطينيين كافة”، وكانت بحماية الشرطة، في المقابل فإن الالاف الناس ممن يدعمون الحق الفلسطيني كانوا في المواجهة، لكنهم اتهموا بمعادة السامية. ولان العين الغربية لا ترى إلا الاسود، فقد اتهم المناصرون للحق المشروع لفلسطين، وشعبها بمعاداة السامية، وهذه لازمة وشعار يراد به باطل، لكنه مدعوم من قوى ضغط مالية واقتصادية وسياسية غربية قادرة على جعل العدالة عمياء، تؤيد الظالم، فيما تتنكر لحق المظلوم. لهذا فإن تصريحات عضو الكونغرس الاميركي ليست ردة فعل على حادث عرضي، إنما هي سلوك سياسي، لانه لم يقابل باي قوة مضادة لتصحيح المفاهيم. استناداً إلى ما ذلك، على العرب اليوم أن يعملوا على بناء قوى ضغط دولي حقيقية، فالسكين الصهيونية لن تقف عند حد، وعلينا ان ننظر إلى 77 عاماً من المعاناة الفلسطينية، كي نتعلم ان هذا الشعب المظلوم له الحق في العيش الكريم، واثبات أن “القضية الصهيونية هي الشريرة” وليست القضية الفلسطينية، كي لا نأكل مرة اخرى، فيثبت علينا المثل “اكلت يوم أكل الثور الابيض”.