حين يُشترى الصوت يموت الاختيار

حين يُشترى الصوت يموت الاختيار

في المجتمعات الديمقراطية يُفترض أن تكون الانتخابات أداة حقيقية للتغيير والتعبير عن إرادة الشعب وأن يختار الناخب من يراه الأكفأ والأقدر على تمثيل مصالحه وخدمة وطنه ولكن ما نشهده في كثير من الدول وخاصة في بيئات تضعف فيها الرقابة وتتفشى فيها المصالح الشخصية يُثير تساؤلات عميقة ومنها هل تحولت الانتخابات من كونها ممارسة ديمقراطية إلى سوق مفتوحة لشراء الذمم؟

أصبح المال السياسي واحداً من أبرز التحديات التي تواجه نزاهة العملية الانتخابية فبدلاً من أن تكون البرامج الانتخابية والقدرة على تقديم حلول واقعية لمشكلات المجتمع هي المعيار وبات المال يلعب الدور الأكبر فشراء الأصوات بالمال أو بالوعود الشخصية مثل التوظيف أو الخدمات الخاصة يُفقد العملية الانتخابية معناها الحقيقي.

ويسبب انعكاسات خطيرة على المجتمع مثل إضعاف ثقة المواطن بالديمقراطية فحين يدرك الناخب أنّ صوته لا قيمة له إلا إذا قُيّم بالمال يفقد الثقة بالعملية برمتها وايضا صعود غير الأكفاء حيث من يملك المال قد لا يملك الكفاءة مما يؤدي إلى وصول أشخاص غير مؤهلين إلى مواقع صنع القرار وهناك ايضا تعميق الفساد حيث من يصل عبر شراء الأصوات سيعتبر أنّ المنصب استثمار يجب أن يُستردّ بالفساد والمحسوبية.

وللخروج من هذه الدائرة يبدأ من وعي الناخب لأن الصوت الانتخابي ليس سلعة بل أمانة كما أن دور مؤسسات الدولة والهيئات الرقابية أساسي في ردع المال السياسي وتشديد العقوبات على من يثبت تورطه وإلى جانب ذلك فإن الإعلام ومنظمات المجتمع المدني عليهم مسؤولية كبرى في كشف التجاوزات ونشر ثقافة المشاركة الواعية.

وفي النهاية نستلهم بأن الانتخابات الحقيقية ليست شراء للذمم بل اختبار حقيقي للكفاءة والنزاهة مالم يستوعب الناخبون هذه الحقيقة سيبقى المال السياسي متحكماً في مصائر الشعوب وستتحول صناديق الاقتراع من وسيلة للتغيير إلى مجرد واجهة شكلية بلا مضمون وتكون الديمقراطية رهينة حسابات المصالح الضيقة بدلاً من أن تكون وسيلة للتغيير والإصلاح …

أحدث المقالات

أحدث المقالات