كلما اشتعلت النيران في مستشفى أو سوق أو بناية متهالكة تهرع الكاميرات ، وتُرفع الأكف وتُشكّل اللجان ويُسدل الستار على مسرحية دم جديدة ، لكن هذه المرة في الكوت لم تحترق جدران فقط بل احترق أطفال وشباب وأحلام بريئة ماتت اختناقًا وقهرًا لأن هناك من قرر أن ينام في حضن المنصب ويستيقظ فقط عند نهاية الراتب أو بداية فضيحة .
الذين يفترض أن يسهروا على حياة الناس ، غطّوا في نوم عميق ووسائدهم محشوة بالإهمال والتقصير الدفاع المدني نسي أن مهمته لا تنتهي بالزي الرسمي والتقاط الصور ، بل تبدأ حيث تحترق الأسلاك ويُختنق الناس المؤسسات الخدمية أصبحت كما الأفران ، توزع الكارثة بعد أن تعجنها بالفساد وتخبزها بالإهمال .
منذ متى كانت أرواح الناس مجرد أرقام في تقارير اللجان التحقيقية ؟ كم لجنة شُكلت منذ فاجعة مستشفى الحسين في الناصرية ؟ كم تحقيقًا فتح منذ حريق أطفال الرُضّع ؟ هل وجدتم شيئًا ؟ هل سُجن مسؤول واحد ؟ أم أن الإبرة ما زالت ضائعة في قشّ المحاصصة ؟
يا سادة ، الفساد لم يعد ينخر في السقف بل حفر أساسات هذا الوطن لم يعد يحتاج إلى ستار ، فقد تمدد في وضح النهار واحتل المكاتب والقرارات والضمائر ، من يتحدث اليوم عن التحقيقات يبدو كمن يرش ماء الورد على جثث متفحمة ، أي تحقيق هذا الذي لا يبدأ من حساب كبار الرؤوس؟ أي محاسبة إذا كانت كل كارثة تُمهد لكارثة أكبر ؟
عندما ترى صور الأطفال المحترقين لا يمكنك إلا أن تقسم ، لعنة الله على كل مسؤول جعل النوم ألذ من الواجب ، والكرسي أهم من الحياة والفساد أقرب من الضمير .
إن لم تُقطع يد الفساد ، وإن لم تُكسر شوكة المستهترين بأرواح الناس فاستعدوا لنكبة أخرى وفاجعة جديدة ، ولعنات متوالية لا تطفئها كل مياه الفرات .

أحدث المقالات

أحدث المقالات