ارتفع منسوب الدعاية الانتخابية والزيارات الميدانية للمرشحين وارباب نعمهم على الفقراء والمساكين، وكانهمفي موسم عيد الأضحى المبارك عندما يتذكر الناس أقاربهم الموتى ويزورون قبورهم عند كل موسم، وتكثر العطايا والوعود الوردية الخلابة، لكن الناس تعلم حقيقتهم وما سيكون عليه حالهم بعد الانتخابات، وهذا المشهد الذي ازدحمت به الابصار عبر جميع الوسائل المتاحة للمشهد البصري، قفز الى ذاكرتني مشهد ادبي ، الذي تمثل بما دار بين الثعلب وضحاياه من الديكة في قصيدة الشاعر احمد شوقي، وينقل لنا شوقي كيف لبس الثعلب ثوب الواعظين ودعى الناس الى التوبة والهداية،فيقول شوقي بان الثعلب برز في ثياب الواعظين ومشى في الأرض يهذي ويسب الماكرين، وينقل عنه بانه يقول (الحمـــــد للــــــــه إله العالمينـــــــــا) ثم يوصف لنا دعوته الى عباد الله (ياعباد الله توبــــــــــــوا فهو كهف التائبينا .. وازهـــــــدوا في الطــــير إن العيش عيش الزاهدينا)، ويحثهم على ترك اكل الديك لأنه يؤذن للصلاة، وهذا هو حال كثير ممن نراهم في هذا المشهد الراهن، وعلى ما يبدو انهم اما يدركون ان الناس تعرف حقيقتهم ونواياهم او فعلا يظنون بالناس البساطة والسذاجة لتصديقهم في ما يقولون، لكن اعود الى احمد شوقي عندما نقل لنا على لسان ضحايا الثعلب من الديكة، عندما قدم اليه رسول الثعلب، حيث قالوا له (مخطئ من ظن يـــــــــوما أن للثعلب دينا) وقولهم عن خبرة أهلهم من اسلافهم بالثعلب ومكره، لكن هل يكون الجمهور الانتخابي اكثر جرأة من ديك احمد شوقي ويقول لثعالب الانتخابات بانكم مخطئون ان ظننتم يوما ان لكم سعي للإصلاح ومحاربة الفساد، بل اننا نعلم وعن خبرة سنوات مضت بان الفاسد لا ينتح الإصلاح والصلاح، فكيف لمن يحمي الفساد ان يوجه الوعظ للناس بتباع سبل الشفافية والنزاهة والاستقامة عند اجراء الانتخابات ، وان هناك من يحرص على سير العملية باعلى درجات الاستقامة والنزاهة، والشعب يعلم بان ثعالب الانتخابات اخطر من ثعلب احمد شوقي، وان الظروف التي تحيط بالجمهور الانتخابي جعلته اوهن من ديك احمد شوقي، لانه غير قادر عن التعبير عن رأيه في أي امر سواء يتعلق بالفساد او حتى في جرائم القتل التي طالته، بل ممنوع عليه ان يعبر عن وجعه بصرخة، وحتى لو فكر في القول بما يدل على الفساد، نجد سوط الجلاد يرفع بوجه عبر أوامر النهي وخطابات الزجر، والتهديد بالاعتقال والتخوين، وفي الختام انقل ما كتبه شوقي عن الثعلب الماكر ليكون ختامها ادباً معطرا بالتفاؤل الذي لابد مه ولا محيص عنه لانه هو الدواء الوحيد للعلاج من داء الفساد، والذي يغذي فينا روح العمل نحو قلع جذور الفساد من اسسه التي تجذرت في كل مفاصل الدولة،
قاضٍ متقاعد
قصيدة الشاعر احمد شوقي
برز الثعلــــب يومــــــــا في ثياب الواعظينا
فمشى في الأرض يهذي ويسب الماكرينـــا
ويقول الحمـــــد للــــــــه إله العالمينـــــــــا
ياعباد الله توبــــــــــــوا فهو كهف التائبينا
وازهـــــــدوا في الطــــير إن العيش عيش الزاهدينا
واطلــــــــــبوا الديك يؤذن لصلاة الصبــــــــح فينا
فأتى الديك رســـــــــول من إمام الناسكينا
عرض الأمـــــــــــــر عليه وهو يرجو أن يلينا
فأجــــــــــاب الديك عذرا يا أضل المهتدينا
بلــــــــــــــــغ الثعلب عني عن جدودي الصالحينا
أنهم قالــــــــــــــوا وخير القول قول العارفينا
مخطئ من ظن يـــــــــوما أن للثعلب دينا
بَلِّغِ الثَعلَبَ عَنّي عَن جدودي الصالِحينا
عَن ذَوي التيجانِ مِمَّن دَخَلَ البَطنَ اللَعينا
أَنَّهُم قالوا وَخَيرُ القَولِ قَولُ العارِفينا
مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا