اياد علاوي .. بعيدا عن السياسة

اياد علاوي .. بعيدا عن السياسة

في الذكرى المئوية لتأسيس نادي العلوية .. كنت ابحث عن شخصية اجتماعية عراقية مهمة ومعروفة تتحدث للعدد الخاص من مجلة ( نادي العلوية) التي اترأس تحريرها ، حديثاً عن الحياة الخاصة داخل هذا النادي العريق .. الذي يقترب تاريخه من تاريخ الدولة العراقية ،،1924 .
الحقيقة .. لم اجد افضل من الدكتور ايادعلاوي بين جميع الأعضاء ، لأن الرجل كان يتمتع بالشجاعة التي يتحدث بها عن نفسه بصراحة غير معهودة ، ربما هو الشخصية السياسية التي لا تخشى الخوض في الحديث عن كل شيء ، دون مواربة ودون خوف او تردد من ذكر بعض الحالات والتجارب الانسانية والعاطفية التي مرت عليه في حياته الاجتماعية والسياسية .
وعندما أعلنت للدكتور اياد علاوي برغبتي في الحديث خارج أسوار السياسة ، رحب وبسرعة ، وهذا يكشف توقه للخروج من الشرك السياسي الذي أدمن عليه .
ولكي يكون للحديث طعم ولذة وجدًة في مفاجآته ودهاليزه ، وبشكل يخص علاقاته العاطفية في نادي العلوية ، وكان الشاب دون الثلاثين ،، الوسيم الجريء الغني بسمعة عائلته .. ذكر لي دونما تردد ولا حرج ولا ارتباك ،، اسم اول صديقة له في نادي العلوية ، وهي شابة بريطانية جميلة اسمها انجيلا ..!!
— ومن هذه الحسناء الاجنبية ( انجيلا ) يا دكتور اياد :
– انجيلا شابة مثقفة ومن عائلة اوستقراطية ودبلوماسية عريقة .. كانت تعمل بالسفارة البريطانية ولها علاقات واسعة في نادي العلوية ، كانت بالفعل اجتماعية جدا ومحبوبة جداً ، الأمر الذي سهل لي ان اقيم معها علاقة صداقة استمرت لأيام طويلة .
— وهل توقفت علاقتك وانتهت من دون خطوبة ولا زواج ..؟؟
سارع اياد علاوي لدفع تهمة الارتباط الأبدي قائلا :
– همنا السياسي كان اكبر من ان نقيم علاقات طويلة ، وحتى التفكير بالزواج ، لأنه لم يكن يشغلنا كثيرا ، ثم اني كنت طالباً في كلية الطب . والكليات عادة تكون المكان الامثل للتعرف على شريكة الحياة والاقتران بها .
ويستدرك علاوي ثانية .. وهو يتحدث عن صديقته انجيلا مبتسماً :
كان الزواج بالأجنبيات بطاقة مرور للدخول إلى الأوساط الدبلوماسية ، خاصة وان الاجانب هم الذين يهيمنون على مجمل النشاطات الاجتماعية والثقافية في النوادي الخاصة مثل نادي العلوية .
لكن وربما لارتباطاتي الحزبية ، شعرت ان الأمر لا يناسبني ابداً .
– هل أصطحبت بعض الرفاق من البعثيين النافذين إلى نادي العلوية ..؟
— نعم البعض منهم ، وكانوا يظنون ان النادي اصبح وكراً للعملاء الاجانب ..!!
فكيف يمكن لي الزواج من عميلة في النادي .. يقهقه علاوي طويلا ..!!
ويتذكر الدكتور اياد علاوي ايضاً شروط القبول في نادي العلوية فيقول :
كانت اجراءات صعبة جدا ، لقد كان القبول في نادي العلوية ، يقتصر عادة على طبقة خاصة .. وهي طبقة العوائل البغدادية ، التي لها مكانة اجتماعية خاصة ، من خلال ما تملك من سمعة واموال وشركات ومعامل ومن مناصب حكومية ..مع وحود طبقة الدبلوماسيين من العاملين بالسفارات العربية و الاجنبية ، ومن العاملين في السلك الدبلوماسي عموماً في العاصمة بغداد .
وعن الاجواء العامة والخدمات بنادي العلوية ذكر علاوي :
كانت الخدمات تجري بشكل جيد ، يقوم بها الاخوة من المسيحيين الذين اشتهروا بتقديم الخدمة الجيدة ، التي تليق بتاريخ النادي العريق ، كانوا يرتدون ملابس خاصة بهم ، وكانوا يتفننون بطريقة تقديم الوجبات ضمن إتيكيت متقن ورفيع المستوى .
ويستمر علاوي في حديثه : ومن الأكلات البغدادية ، ما ترتبط بالمطبخ الهندي ، فمعظم الوجبات كانت مصحوبة بالكاري الهندي ، وكانت ادارة النادي تخصص كل يوم ثلاثاء وجبة خاصة من الكباب ومن الغنم العراقي ، كانت تقام عادة على حدائق النادي .
وعن نفسه يذكر علاوي انه كان يحب الرز بالكاري مثل البرياني و الكباب على الفحم ، و كثيرا ما يحتسي الويسكي ويتلذذ به .
اما الحفلات .. فكانت هناك حفلات ترفيهية متنوعة ومستمرة ، وكانت في حدائق النادي، سينما شتوية وصيفية ، واتذكر مرة .. اننا كنا نشاهد فلما عن معارك الحرب العالمية الثانية التي انتصر فيها هتلر، فصفق الجميع للبطل النازي الذي انتصر على الحلفاء في معاركه .. لكنه قد خسر الحرب في نهاية الامر .
وعن المناسبات السنوية يقول اياد علاوي .. كانت احتفالية ( السفينة الغارقة ) من اهم احتفاليات النادي ، كذلك في اعياد الميلاد والأعياد الاسلامية .
وعن طبيعة اعضاء النادي .. يقول علاوي :
اعضاء النادي كانوا يرتدون ملابس تليق بالنادي ، ولا يسمح بدخول النادي إلاً بربطة عنق .
ومايسجل على نادي العلوية من حالات التميًز .. ان جميع الأعضاء كانوا يشكلون عائلة واحدة ، والكل يعرف الكل ، وعلى مدى السنوات التي كنت احضرها .
وعن المشاكل التي تحدث في النادي يقول علاوي :
لم اشهد مشاحنات تذكر ، لان الألفة الاجتماعية واحترام تقاليد النادي كانت تشكل حالة خاصة من قبل جميع الأعضاء دون استثناء .
مع هذا حدثت لي واقعة خاصة ، ذات مرة ، فقد تفوقت على السفير الروسي في لعبة الشطرنج .. والحديث لعلاوي ايضاً :
غضب السفير وتعصب وحزن ، و لم يتقبل الهزيمة ، وكان فعلا بحالة عصبية .. فتركته وهربت خارج النادي لكي لا تحدث مشاجرة بيني وبينه تسيء لسمعة النادي .
وذات مرة .. يواصل علاوي حديثه :
عزمت صدام حسين في نادي العلوية ، عندما كان عضوا في تنظيم حزب البعث ، وبعد قليل من الوقت شعر صدام ،، ان النادي ليس مكانا امينا للظهور فيه ، وهنا قال عن النادي انه( نادي عملاء ) ، لذلك طلب من أخيه برزان التكريتي ان يكون له حضور مؤثر في الهيئة الادارية للنادي .
ومن الاجراءات التي اتخذها برزان التكريتي .. منع أشقاء علاوي من دخول النادي ، ربما لانهم كانوا يصادقون الاجانب في نادي العلوية ويتحدثون معهم باللغة الانجليزية ، وبرزان لا يجيدها ،، وربما لاسباب طبقية ،، لكن حجة برزان كانت انهم لا يرتدون الملابس ( سبورت) التي تليق بالنادي .. وعندما عرف صدام طلب من برزان الغاء قراره وفعل .. لكن شقيقيً صباح وعماد .. لم يعودا إلى النادي احتجاجا لقرار الإبعاد المجحف بحقههم .
وعلى الرغم من اني والحديث لي هذه المرة .. ابتعدت مرغما عن طبيعة حياته الحزبية والسياسية المؤلمة التي يعرفها الجميع ..
لهذا ظل يستذكر حياة الصبا ، عندما كان شاطرا وشقيا في كلية بغداد ، وايضاً ( مسلحا ) في كلية الطب ، وأحد اعضاء الحرس القومي الشرسين في الستينيات ، ومن الذين انقلبوا على قائد الحرس القومي أنذاك الطيار العسكري منذر الونداوي ، وشاركه في العصيان ايضاً صلاح عمر العلي ومنصور السعدون ، وعادل عبدالمهدي وشقيقه باسل عبد المهدي وآخرون .
واستمر في احاديثه المتقطعة ، بين الحزن والشقاء ، كاشفا عن ترإسه التنظيم العسكري السري الذي ضم ذنون عبد الجواد وحسن فارس وآخرين .. وعن حركة وفاق التي أعلنت مغارضتها لنظام صدام حسين ..
واخيراً.. فقد عاش اياد علاوي في منطقة الرصافة / في محلة جديد نجيب باشا في الاعظمية ، وذكريات كلية بغداد .
وفي منطقة المسبح – الكرادة ، كانت المرحلة الثانية من الحياة المتميزة له ، وهو الشاب الجامعي في كلية الطب .. النشط والمشاكس الذي كان ومنذ طفولته متميزا في كل شيء – في الدراسة والسياسة ، وايضاً وهذا الأخطر .. في الانقلاب السياسي على سلطة وقبضة صدام الذي لاحقه في عملية اغتيال فاشلة ، في عاصمة الضباب لندن ، ولم ينل منه ، لكن زوجته ذهبت ضحية لصراعات السلطة ، والتسلط للحزب الواحد الأحد ..!! انتهى

أحدث المقالات

أحدث المقالات