27 ديسمبر، 2024 3:09 ص

المنطقة والفوضى الخلاقة

المنطقة والفوضى الخلاقة

تشهد منطقة الشرق الأوسط فوضى خلاقة على الصعد كافة، تنذر بكارثة حقيقية أبتدأتها إدارة المجرم بوش بالعراق وعاثت فيه خرابا ودمارا وفسادا، وانشئت فيه ديمقراطية مزيفة تقوم على المحاصصة والطائفية والتهميش والاقتتال الحزبي والطائفي معا، بعد ان أحالته إلى كومة خرائب ينعق فيها البوم بصوت عال ويقول للأمريكان ( شكرا لكم على تحرير العراق)، في وقت يعيش الشعب العراقي الجريح أسوء حالاته الأمنية والاقتصادية والصحية والتربوية، وحكومات ينخر فيها الفساد المالي والإداري السرطاني، دون ان تحقق إدارة أميركا أهدافها المخفية والمعلنة بنشر الديمقراطية وتحقيق (الانتصار) وإقامة الشرق الأوسط الكبير الذي قبرته المقاومة العراقية الباسلة، ثم استدارت إلى ليبيا ولكن هذه المرة قام حلف الناتو بتحقيق أهدافها التدميرية وحصل الخراب نفسه هناك، في حين تتهيأ الآن الدول الغربية (حلف الناتو والأطلسي) وبعض الدول العربية (مع الآسف) قطر والإمارات والكويت والسعودية بتخطيط وضغط وإدارة أمريكية مباشرة للحرب على سورية، مع ظهور عراب جديد لهذه الحرب هو تركيا، بغض النظر عمن يحكم سورية إلا اننا نختلف في النظرة إلى طريقة التغيير التي تريدها أمريكا وحلفاؤها تدميرية (فوضى خلاقة)، تأكل الأخضر واليابس فيها نار الفتنة الطائفية والحرب الأهلية، التي أخذت تشعل فتيلها تصريحات أميركية وغربية هنا وهناك (هيلاري كلينتون، وهيغ وكاميرون وغيرهم من العرب قطر مثالا) إذن تشير كل التوقعات والتصريحات ان السيناريو الذي نفذ في العراق وليبيا هو نفسه يعد الآن لسوريا وإيران، ففي سوريا هناك تظاهرات غاضبة تطالب بالتغيير، وهذا مطلب مشروع، ولكن غير المشروع هو التدخل الخارجي الذي تطالب به بعض أطراف المعارضة مثل عبد الحليم خدام والبينوني وغيرهم، والوضع الأمني والسياسي المرتبك هناك والذي دخلت عليه الجامعة العربية وزادت من تأزمه بتهديدات مباشرة وقرارات لم يسبق للوضع العربي ان شهد مثلها مثل الحصار والقطيعة وفرض عقوبات قاسية عليها، مما أربك الخطاب الإعلامي والسياسي السوري وفضح الدول العربية التي تدعي العروبة والحفاظ على الثوابت القومية والموقف الروسي بدا واضحا ومؤثرا في الوقوف بجانب سوريا حيث توجد حاملات الطائرات والبوارج الحربية في المياه السورية اضافة إلى تزويدها بصواريخ (إس300)، ناهيك عن الموقف الرسمي المناهض للحرب على سورية في المحافل الدولية ومجلس الأمن، وهو موقف متوازن ولكنه لا يكفي لإطفاء نار الحرب المحتملة على سورية، في حين تتصاعد الحرب الإعلامية والتصريحات الغربية والأمريكية على إيران بشكل محموم وعاجل نتج عنه الهجوم الإيراني من قبل قوات الحرس الثوري على السفارات الغربية وإشعالها في طهران، مع تهديدات إعلامية بريطانية والمانية وفرنسية بعواقب وخيمة على إيران بدأتها إدارة أوباما بفرض عقوبات (غير مسبوقة) تشمل جميع الحصارات الاقتصادية والمالية والعسكرية والجوية، وهذا يتطابق مع تهديد خطير لإيران ومباشر إلى تركيا بتدمير الصواريخ المنصوبة في أراضيها (رادارات وصواريخ) في أول ضربة تشنها إيران ترد فيها على أي هجوم على مفاعلاتها النووية ومنشآتها الحيوية، وإيران من جهتها تحاول تصدير أزماتها الداخلية (تفجيرات حصلت داخل منشآتها قتل فيها أبرز علمائها النوويين حسن مقدم) وغيرها من الأزمات التي أخذت تظهر على السطح  منها الخلافات داخل السلطة بين الخامنئي وأحمدي نجاد، ثم تدخلاتها السافرة في البحرين وإرسالها ميليشياتها فيلق القدس والحرس الثوري إلى سورية لقمع الثورة هناك، ولا ننسى تحضيراتها وإصرارها على قتل سكان معسكر أشرف في العراق، والتي تصر حكومة المالكي على نقله داخل العراق وإنهاء وجوده نهاية هذا العام خلافا للقوانين والأعراف الدولية التي تفرض حماية سكان أشرف كونهم لاجئين بإتفاقية جنيف ويجب مراعاتهم وتوفير الأمن لهم وتقديم التسهيلات لنقلهم إلى جهة هم يرغبون بها دون إكراه، وهذا عكس ما تفعله حكومة المالكي التي تتواطئ مع فيلق القدس والحرس الثوري الايراني لشن هجوم عسكري على سكان أشرف قبل نهاية هذا العام دون موافقة العراقيين ونواب المجلس والمنظمات الدولية والاتحاد الاوربي وإدارة أوباما ومجلس الشيوخ الأمريكي أذن الفوضى الخلاقة تعم المنطقة وتشي بحرب عالمية أخرى تحرق الجميع وتعرض المنطقة إلى التقسيم والتفتيت والاقتتال والحرب الأهلية وهذا ما تريده أمريكا وحلفاءها في الدول الغربية وبعض الدول العربية المنبطحة أمام إدارة أوباما بكل أريحية، ظنا منها أنها بعيدة عن التغيير، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.. وكل يوم تصبحون على حرب.