27 ديسمبر، 2024 4:51 ص

المالكي يحرق كل شيئ

المالكي يحرق كل شيئ

لا أعتقد اني أبالغ حين أصف الأزمة الداخلية التي يمر بها حزب الدعوة الإسلامية اليوم بأنها الأسوء والأشد منذ تأسيسة قبل عقود إلى مرحلة النَزْع التي يمر بها على يد أمينه العام السيد المالكي وأذرعه (العلنية) من الذين دفع بهم إلى صفوف الحزب الأولى دون استحقاق، (والغير علنية) من الأعضاء الجدد اللذين أقحمهم وسط الدعاة ليشكل بهم قطيع أصوات يثقل بهم كفته في أي اقتراع أو تصويت داخلي، مستغلاً البيروقراطية ونوع الديمقراطية في تشكيل وصياغة قيادة وكوادر هذا الحزب العريق .
ذات الأسلوب الناجع الذي درج عليه السيد المالكي في إدارة الدولة العراقية، من التباكي وإظهار البراءة علناً والمكيدة والإلتفاف على الضوابط سراً، لايردعه في تحقيق قناعاته وأهدافه حتى تبرير أقبح المساوئ والآثام، شائحاً ببصره عن كل العواقب والآثار السلبية الجسيمة والفادحة لغرائزه ونزواته السياسية والنفسية .
مكـّنت قوة الدولة وسطوتها (بإسم حزب الدعوة )شخص السيد المالكي من إضعاف بعض الشخصيات المؤثرة في الحزب كخطوة إستباقية لردع تماديه وتطرف آرائه، ولتعطيل صمام الأمان الذي قد يحول مابينه وبين مركزه القيادي في الحزب من جهة ومابين مركزه القيادي في هرم السلطة للبلد من جهة أخرى . ونتيجة طبيعية لهذا الإضعاف المتعمد وبغض النظر عن الإنشطارات التي حدثت في الحزب عموماً، برزت إلى الواجهة شخصيات من الصف القيادي المتأخر للحزب محدثةً بذلك خلل في مركزية التأثير والتمثيل الحزبي للدعوة التي طالما عرفت بثرائها القيادي المميز .
أما من ناحيتهم ( الدُعاة ) فقد فاقم زهدهم وحساسيتهم الدينية وسموا معايـيـرهم الأخلاقية والترفّع عن خوضهم في صراع مناصب دنيوية، فاقـَم من شدّة الموقف الذي قد يغير تاريخ الحزب الإسلامي العراقي الأقدم والوحيد (إذا أخذنا بعين الإعتبار التفاصيل التنظيمية لمفهوم الحزب ). كان هذا التباين من الصفاة القديمة التي تناقلها الدعاة عن السيد المالكي منذ ان كان في سوريا حين سكن اخوانه الدعاة في الاحياء الفقيرة من دمشق ورفض السيد المالكي السكن سوى في ارقى واغلى احياء دمشق أو حينما كان في لبنان اذ يتقاسم اخوانه حينذاك قوتهم زهداً بنمارق الدنيا يصر السيد المالكي على التعالي، وقصة عدم قبوله باقتناء سيارة سوى المارسيدس مشهورة في ذلك الحين لدى الدعاة متجاهلاً كل الإشكالات المالية والشرعية والأخلاقية . والآن وبعد كل تاريخ النضال والجهاد وبعد كل تلك التضحياة التي حولت الحزب إلى رمز للوقوف بوجه الضلم والإستبداد حتى وسم به كل متحرر ومقاوم وإن لم ينتمي أو يتعرف على حزب الدعوة اساساً، تحول تدريجياً إلى حزب استبدادي لايأمن الضعيف من ضلمه ولايخشى الظالم من عدله وحاشى للدعاة المخلصين الخنوع والرضى بهذا المصير والهوان والتفريط بكل تلك التضحياة وذلك التاريخ المشرف .