العراق : الترهيب في قضية الدكتورة بان زياد .. الأسباب والنتائج

العراق : الترهيب في قضية الدكتورة بان زياد .. الأسباب والنتائج

الرأي العام والإعلام في قضية الدكتورة بان زياد طارق تحولا إلى أداة ترهيب. في البداية، كان الهدف من الضغط الشعبي هو المطالبة بالعدالة وكشف الحقيقة، خاصة بعد التضارب في الروايات حول وفاتها، وظهور تسريبات تشكك في فرضية الانتحار. لكن هذا الحراك سرعان ما خرج عن مساره ليتحول إلى محاكمات شعبية، حيث تم توجيه اتهامات مباشرة لعائلة الدكتورة بان استنادًا إلى معلومات غير مؤكدة وشائعات، مما أدى إلى حملة تشهير واسعة النطاق. هذا الوضع أثار حالة من الخوف والقلق لدى العائلات في البصرة، التي باتت تخشى أن تتعرض لمصير مماثل في حال وقوع أي حادث لأحد أفرادها. القضية أظهرت أن الإعلام، خاصة في الفضاء الرقمي، أصبح قوة لا يمكن السيطرة عليها، وأن الدولة غير قادرة على إدارة الأزمات الإعلامية بفعالية. غياب المعلومات الرسمية الواضحة والسريعة سمح للشائعات بالانتشار، مما أضعف الثقة في المؤسسات القضائية والأمنية، وجعل الرأي العام يفرض روايته الخاصة حتى في وجه نتائج التحقيقات الرسمية التي أثبتت الانتحار. هذا التحول من المطالبة بالعدالة إلى التشهير والتهديد هو ما جعل قضية الدكتورة بان زياد مثالاً على الإرهاب الإعلامي الذي لا يُخضع لسيطرة الدولة.لا شك أن قضية الدكتورة بان زياد طارق في البصرة تُعد مثالًا صارخًا على تحوّل الإعلام، وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي، إلى قوة خارجة عن سيطرة الدولة، وقادرة على ممارسة ما يُشبه (الإرهاب الإعلامي) .أسباب تحول القضية إلى إرهاب إعلامي منها غياب المعلومات الرسمية ، في بداية القضية، كان هناك فراغ كبير في المعلومات الرسمية. هذا الفراغ ملأته وسائل التواصل الاجتماعي بالروايات المتضاربة والتحليلات غير المؤكدة. عندما لا تُقدم السلطات الحقائق بسرعة وشفافية، يُصبح الرأي العام فريسة سهلة للشائعات التي تتحول إلى حقائق في أذهان الناس.أضف إلى ذلك المحاكمات الشعبية ، بدلاً من انتظار نتائج التحقيقات الجنائية، تحوّلت منصات التواصل الاجتماعي إلى ( محاكم ) افتراضية. تم توجيه اتهامات مباشرة لعائلة الدكتورة بان بناءً على تقارير مسربة أو معلومات كاذبة، مما أدى إلى حملة تشهير واسعة النطاق ضد أفراد لم يُدانوا بأي جريمة.ومن جانب آخر لأب من الإشارة إلى حالة  الخوف والضغط ، أدى هذا التشهير إلى خلق جو من الخوف في المجتمع، ليس فقط على عائلة الدكتورة بان، بل على أي عائلة أخرى في البصرة قد تتعرض لموقف مشابه. فالقضية أظهرت أن أي حادثة يمكن أن تتحول إلى حملة إعلامية ضخمة، وأن الأفراد يمكن أن يتعرضوا للتشهير والاتهام حتى قبل أن تقول السلطات كلمتها. والدولة دون سيطرةهذه الحالة تُظهر ضعفًا واضحًا في قدرة الدولة على إدارة الأزمات الإعلامية. فبدلاً من أن تكون الجهة الوحيدة والموثوقة لنشر الحقائق، وجدت الدولة نفسها في مواجهة جيش من المؤثرين والناشطين الذين يُصدرون أحكامهم ويُشككون في نتائج التحقيقات الرسمية.ولا بد ايضاً من الإشارة إلى ضعف التواصل الحكومي ، كان بإمكان الحكومة، ممثلة بالجهات القضائية والأمنية، أن تُسيطر على الرواية من البداية. لو أنها أصدرت بيانات واضحة ومُحدثة بانتظام حول مسار التحقيقات، لكانت قد حدّت من انتشار الشائعات. لكن التأخر في نشر المعلومات، والاعتماد على تسريبات غير رسمية، سمح للرواية الإعلامية الشعبية بأن تكتسح المشهد.كما نود الإشارة إلى قوة وسائل التواصل الاجتماعي ، تُظهر هذه القضية أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت قوة لا يُستهان بها، وتعمل في فضاء خارج عن سيطرة القوانين التقليدية. لا توجد آليات واضحة لمعاقبة من ينشرون الشائعات أو يُحرّضون على التشهير، مما يجعل الفضاء الرقمي مرتعًا للفوضى. وفي النهاية، تظل قضية الدكتورة بان زياد طارق مثالًا حيًا على كيفية تحول الإعلام من أداة للمطالبة بالحق إلى أداة ترهيب، وكيف أن غياب دور الدولة الفعّال في السيطرة على المعلومات يمكن أن يُفاقم من الأزمات الاجتماعية.