السوداني ومصافحة الجولاني… ماهو الثمن؟

السوداني ومصافحة الجولاني… ماهو الثمن؟

في واحدة من “الصدمات” التي تحملها عمليتنا السياسية بين حين واخر، أطل علينا رئيس الوزراء “الشروكي” محمد شياع السوداني من العاصمة القطرية بصورة مسربة يتوسط الامير تميم بن حمد وزعيم التنظيمات الإرهابية ابو محمد الجولاني الذي استولى على السلطة في سوريا بحصان تركي، وتحول من العمامة إلى أفندي يرتدي البدلة وربطة العنق واصبح اسمه “احمد الشرع”، خلال اجتماع وزيارة كانت توصف بالسرية قبل فضحها بكمين قطري سنأتي على أسبابه بين طيات الأسطر.
اللقاء الذي حاول السوداني ومكتبه الحفاظ على سريته، ذاع صيته بعد يومين على تاريخ عقده، وأكدته الخارجية القطرية وتفاخرت بمضمونه الرئاسة السورية، لتضع رئيس الوزراء بمواجهة مباشرة مع “عباد الله” المتضررين من العمليات الإرهابية وعوائل الشهداء الذين فقدوا أحبتهم بتوجيهات من الجولاني ورفاقه بقيادة التنظيمات الدموية، ووفر فرصة مناسبة لخصوم السياسة من أجل استعراض عضلاتهم بالدفاع عن الأرواح التي ازهقت من ايام الزرقاوي مروراً بالقاعدة وليس انتهاءً بتنظيم داعش، ليجد السوداني نفسه أمام “ورطة” حقيقية صاغتها يد خارجية، ودفعته للوقوع بحبالها أطماع الولاية الثانية التي يسعى لاعتلاء كرسيها مهما كان الثمن.
قد يستكثر العديد من المدافعين عن “خطوة” السوداني، حملات الرفض الشعبية للمصالحة مع القتلة وزعماء الإرهاب، ويبررون موقفهم بان الدولة لا تبنى بالعواطف، لان مصالح البلاد فوق جميع الاعتبارات، نعم… لا تبنى بالعواطف، لكن الدولة المحترمة لا تساوم على دماء أبنائها من اجل مكاسب سلطوية وكراسي زائلة، ولا تتجاهل ” أنين” الارامل والأيتام، لكسب تأييد زعيم عربي او رئيس غربي، لان الحاكم مؤتمن على حقوق شعبه ولا يتنازل عنها مقابل “حلمه” بانجاز يسجله التاريخ باسمه، لكنه لا يدرك بان “خيانة الامانة” لعنة ستبقى تطارده حتى بعد رحيله وادراج اسمه بخانة الوفيات.
السوداني الذي راهنا سابقاً على نجاحه كحال العديد من ابناء الشعب، تحول بسبب “غرور” السلطة لورقة تستخدمها قطر لإغاظة خصومها من الدول الخليجية، وكما وعدتكم في بداية المقال بتفسير اسباب “فضح” الدوحة للزيارة والاجتماع السري، لانها ارادت إيصال رسالة للسعودية والامارات، تستعرض خلالها دورها السياسي في المنطقة وقدرتها على جمع “الأضداد”، وهي حركة ساهم السوداني بصياغتها من خلال “تفخيم” دور قطر أمام منافسيها في الخليج ومنحها منجزاً تتباهى به يتمثل بجمعه مع الجولاني الذي كان قبل ايام يصفنا ببلد “اللطم والعويل” ويعتبر نظامنا السياسي مثالا سيئاً يجب عدم تكراره في سوريا.
لم يكتف دولة رئيس الوزراء بمصافحة من تلطخت يده بدماء الأبرياء، وزادها بتوجيه دعوة مباشرة للجولاني لزيارة بغداد والمشاركة بالقمة العربية التي ستعقد على ارضها في شهر ايار المقبل، متجاهلاً جميع التحذيرات والأصوات المعارضة لتلك الزيارة التي قد “تفتح” جراحاً تحاول عوائل ضحايا الإرهاب التعافي منها، وتعيد للأذهان مشاهد الانتحاريين باحزمتهم الناسفة وتفجير السيارات والشاحنات في الصدرية والكرادة والمسيب، وغيرها من المدن والمحافظات التي كانت تهزها اصوات المفخخات وصيحات الجولاني وعناصره وهم يهتفون بالنصر على “الرافضة والمرتدين والكفار”، لكن عوائل الضحايا ومن اجل استعادة حقوقهم ينتظرون موقفاً من القضاء الذي يمتلك ملفاً متكاملاً عن الجولاني وجرائمه واسمه المستعار الذي كان يستخدمه قبل دخوله المعتقل في العام 2005 وحتى بعد مغادرته في 2011 والتحاقه بالبغدادي قبل الانفراد بتشكيل جبهة النصرة ونقل تنظيماته من الموصل إلى سوريا.
الخلاصة:. ان امتناع السوداني ومكتبه عن إصدار بيان رسمي يشرح خلاله طبيعة الاجتماع السري وأسبابه، يجعلنا امام امرين لا ثالث لهما، اما شعور رئيس الوزراء بالندم على لقائه بالجولاني، وهو مستبعد، او قد يكون اجراءً انتخابياً لمنع خسارته المزيد من جمهور بيئته ومكونه الاجتماعي، الذي قدم التضحيات في ميدان مواجهة الإرهاب وزعاماته…. اخيراً… الاسئلة التي لابد منها… هل باع السوداني القضية مقابل الولاية الثانية؟. وماذا لو حضر الجولاني إلى بغداد؟..

أحدث المقالات

أحدث المقالات