25 أكتوبر، 2024 8:01 ص
Search
Close this search box.

الدكتور عبد الحسين شعبان يستنجد بالبحر ، كلما انتابه دوار البر ؟ !

الدكتور عبد الحسين شعبان يستنجد بالبحر ، كلما انتابه دوار البر ؟ !

في النصف الاول من تسعينات القرن الماضي ، صدر للاديب الفلسطيني (جبرا إبراهيم جبرا) ، رواية (السفينة) . وعام 1995 بدأت بقراءة الرواية . خلاصتها : مجموعة من الناس تسافر من بيروت الى موانئ البحر الابيض المتوسط . بعضهم عراقيون . تنتهي (الرواية / الرحلة) في مدينة نابولي الايطالية ، بأنتحار الطبيب العراقي فالح ، وعودة جثته الى بغداد مع زوجته لمى وصديقه عصام السلمان .

إطمئنان البحر

وفي مقاطع وعبارات عديدة ، يتحدث الروائي عن البحر ، وبالذات : البحر الابيض المتوسط . ومنها : البحر جسر الخلاص – البحر هذا الشيخ الوقور – ما أشد إطمئنان البحر – دائماً هناك بحري وزورقي ومغامراتي .

وحول (البحر) قدم الاديب الفرنسي (ستندل) الصورة التالية : (رأيت الصخور عارية كفتاةجميلة . ورأيت الماء يضربها كأنه لص يستدرجها الى كهف بعيد . ورأيت الشمس من وراء السحاب سعيدة بذلك . وتمنيت أن اكون الماء والرمل تحت الصخور والشمس أيضاً) . وأنا الآخر تمنيتُ ذلك .

الصديق العتيق

لكن المفكر العراقي الدكتور عبد الحسين شعبان ، يخاطب البحر ، بعبارات محملة بالمشاعر الانسانية ، التي جمعت بين العقل والعاطفة .

ففي (الاهداء الاول) لكتابه الذي حمل عنوان : (الجواهري .. جدل الشعر والحياة) ، يقول الدكتور شعبان : (بغتة داهمني ذلك الحلم الغامض ، شديد الاخضرار ، بقوته السحرية في ذلك المساء الخريفي الشفيف ، وفي تلك المدينة الاليفة ، فوجدني أحمل قلبي وأنا في لجة الابحار .. ) .

ويمضي الدكتور عبد الحسين إلى القول : (لم يكن لي من معين سوى البحر ، الصديق العتيق الذي ضم حكايات عشقي وأسراري وهواجسي . اليه أعود كلما إنتابني دوار البر أوْ غافلتني وحشة السكون .. ) . تاريخ ومكان هذا الاهداء : (لندن / كنغستون / 29 – تشرين أول (اكتوبر) – 1996 . تلك وجهة نظر نسجلها للمفكر عبد الحسين شعبان .

الاشرعة تهزأ بالشاعر

في ديوانه الذي حمل عنوان : (أحلام الهزيع الأخير) ، يشكو الشاعر قيس لفته مراد ، اليأس والاحباط في حواره مع البحر . فها هو يقول :

أنا ذلك البحارُ أفني العمرَ في تيه البحارِ

ما نلتُ غير حصى شواطئها وأصداف المحارِ

ورجعتْ تهزأ بي مجاديفي وأشرعةُ الصواري

أنا الآخر : أحببتُ البحرَ ..

وكم أحببتُ زرقة البحر عامة ، وزرقة البحر الابيض المتوسط خاصة . وبعض الاحيان أتساءل عن السبب في ذلك ، وهل هي النشأة الريفية على ضفاف الهور ، حيث المسطحات المائية الشبيهة إلى حدِّ ما بسطح البحر وزرقته . وجوابي : رُبَّما ؟ ! .

و .. حْمِتُ حول البحر الابيض : من خليج (أوغاريت) قرب مدينة اللاّذقية في الساحل السوري ، عاينتُ البحر . ومن العاصمة اليونانية

(أثينا) ، ركبتُ الباخرة نحو الجزر الأغريقية ، وأشهرها (كريت) و (رودس) ، مروراً بقبرص فاللاذقية فالاسكندرية على الساحل المصري . من جزيرة (الخزيرات / الخضيرات) الاندلسية ، قطعتُ البحر باتجاه مدينة طنجة المغربية ، ومنها بأتجاه مدينة جبل طارق على الساحل الاسباني .

هل البحر أليف حقاً ..

لكن السؤال : هل البحر أليف على الدوام ؟ وقائع أخرى تجيب على هذا التساؤل بالنفي . فما أكثر ما اختطف من بشر وغيبهم . وكثيرة هي السفن التي إبتلعها (وأشهرها التايتانيك) . وكثيرة هي الشواطئ التي اجتاحها ، ثم عاد الى مستقره حاملاً جثث عشرات الألوف من ضحاياه ، (إعصار سونامي مثلاً) . أما الهجرة غير الشرعية من الساحل الأفريقي (الليبي) نحو الساحل الاوربي الجنوبي (الايطالي) فقد تحولت الى مقبرة للأحياء .. وقالوا عن البحر : أنه صانع الأرامل .

الخيال الانساني الخصب ، هو الذي يضفي صفات الهدوء والوقار والألفة على البحر .. .

وبدون (الخيال) تصبح الحياة صحراء قاحلة .. .

أحدث المقالات