لم استطع ان اوضح في قرارة نفسي وانا اتابع بشكل يومي وبتكثيف تطورات الاحداث السياسية في العراق وتبعاتها كما لم اتمكن من التكهن بمستقبل العملية السياسية التي لا يهمني منها سوى ان يكون بلدي مستقراً وأنا على دراية بالاوضاع المزرية التي عاشها ابناء لبنان والتي يعيشها أخوتنا في سوريا , داعيا الباري ان يجنبنا ما وصل اليه الاخوين, ولعل ما لفت الانتباه وجعلني اوجه سمعي وبصري نحوه هو الشعارات والتصريحات الرنانة التي يطلقها السياسيون في كل يوم من أيام الازمة التي بدأت على أمل ان تنتهي قريبا وهو ما أصابني بالدهشة والاستغراب فقد صور لنا ساسة العراق الجديد بأن بلدنا الحبيب يتيم الاب والام وهم اوصياء عليه بفعل الشرعية التي القاها عليهم ناخبوهم الذين صوتوا لهم في الانتخابات الماضية , والى الان انقسم العراقيون الى ثلاث اقسام اثنان منهم تباكوا على العراق بنفس طائفي وكل منجذب نحو طائفته ومذهبه فالمالكي الذي يتحمل جزء ليس باليسير مما يحدث من أزمة بدا وكأنه حامي الشيعة وملاذهم الامن وظهر مدافعا عن الغاء الولاية للامام علي من الاذان الشيعي الذي تبثه قناة العراقية التي اصبحت مالكية الهوى عراقية الاسم , وهو وان أظهرته القنوات المحاكية لمنجزاته بمنظر بطل الفيلم الا انه لم يستطيع اخفاء نبرته المعادية لبروز أي شخصية تحاول اعاقة تقدمه نحو التمسك بولاية ثالثة فدعا لالغاء البرلمان والعمل بحكومة تصريف أعمال على ما يبدو ستبقى مفتوحة الى ما لا نعلم , والمالكي الذي عمل المستحيل في سبيل انعاش وضعه الانتخابي عمد الى تجاهل الدستور والعمل بارتجالية واضحة وفقاً لاعراف دولته فخلق مشكلة حساسة مع الحليف الكردي الذي اعطاه رئاسة الوزراء مقابل مواد لا تخرج من كونها دستورية كالمادة 140 سبق وان بصم على تطبيقها باصابعه العشرين , الطرف الثاني المشكل للازمة هو الطرف السني الذي لا يريد أن يغادر كونه طرف مهمش في العملية السياسية ويحتاج الى اعاد توازن في جميع مفاصل الدولة شاعرا بالغبن بعدما كان زعيما في ايام حكم البعث الشمولي ولكنهم تباكوا على العراق من بوابة اغتصاب السجينات ومظلومية اهل السنة في مناطقهم فافتعلوا عصياناً غير منطقي اذ كان الاجدر بهم ان يلجأو للدستور من خلال ممثليهم في مجلس النواب ووزرائهم الموجودين في الحكومة فكان نفساً طائفيا عكسوه على الشارع العراقي الذي لم تندمل جراحه من شظايا الامس الطائفية بعد , ولعل الطرف الثالث وهو الطرف الاكثر عقلانية وهو ما نعتقده سيكون مفتاحا لحل اقفال الازمة التي تم تشفيرها لدواعي انتخابية فالامل اليوم يقع على عاتق المرجعية الدينية وادواتها من السياسيين التي اصبحت بيوتهم ملاذات آمنه ومراكزا لحل الازمة فهي لم تتباكى على العراق بل دعت لوضع النقاط على حروفها من خلال قلع الازمة السياسية من جذورها ووضع جميع المشكلات في صندوق لا لون له وترميه في مياه المحيط البعيد فيكون يوما مشرقا نرى فيه تصفيرا للازمات وعشقا لتقديم الوطن والمواطن على الانا وتركيب مفردة الـ ” نحن ” في قاموس أي سياسي يريد ان يخدم العراق ونرفض التباكي عليه .