3 أكتوبر، 2024 1:31 م
Search
Close this search box.

الأيزيدية في بعض دوائر المعارف والموسوعات العربية والعالمية

الأيزيدية في بعض دوائر المعارف والموسوعات العربية والعالمية

ان الحديث عن الايزيدية، وعن معتقداتها وآرائها ومقدساتها وكتبها المقدسة وشيوخها وقديسيها وطرق عباداتها وأعيادها ومواقيت هذه الأعياد، وصلتها بالحضارات القديمة التي ظهرت على ارض العراق أو الحضارات الأخرى المجاورة، أو صلتها بالدين الإسلامي ولاسيما بعض الفرق الإسلامية، وأماكن تواجد أتباعها في العالم. كل ذلك وجد له سبيلاً للحديث والتأليف في الموسوعات ودوائر المعارف العالمية والعربية قديماً وحديثاً. وسيستمر الحديث عن هذه الديانة إلى أمد غير محدد، بسبب اهتمام الباحثين والدارسين في الكشف عن طبيعة وماهية هذه الديانة وبعدها التاريخي ونشأتها وطرق تطور آرائها ومعتقداتها الكونية والعقيدية والفلسفية، وغير ذلك.
ولأجل ان نعرف القارئ والباحث الذي يبغي معرفة تفصيلية بالأيزيدية نضع أمامه ما ذكرته بعض تلك المصادر أو المراجع التي تحمل صفة الموسوعية في تأليفها، متبعين المنهج التاريخي في العرض والشرح منذ ان تم الإشارة لهذه الديانة في تلك المصادر والمراجع، دون ان نتدخل في صحة ما عرض من قبل كُتاب هذه المصادر والمراجع.
أولاً- المصادر والمراجع الإسلامية ولاسيما تلك التي تتحدث عن الفرق والملل والنحل والمذاهب والعقائد، أشارت بشكل واضح إلى اليزيدية أو الأيزيدية ، ونسبتها إلى رجلٍ، فهذا الرجل هو مرةً يسمى (يزيد بن أنيسة)، وأخرى (يزيد بن أبي شيبة)، فمثلاً أبو الحسن الأشعري (ت330هـ/ 935م) في كتاب مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، تحقيق وشرح نواف الجراح، ط2، بيروت 2008، ص68. يقول: ((والفرقة الثانية (من الخوارج) منهم يسمون اليزيدية، كان إمامهم يزيد بن أنيسة، …، وزعم ان الله سيبعث رسولاً من العجم وينزل عليه كتاباً من السماء، يكتب في السماء وينزل عليه جملة واحدة، فترك شريعة محمد ودان بشريعة غيرها وزعم أن ملة ذلك النبي الصابئة، وليست هذه الصابئة التي عليها الناس اليوم، وليس هم الصابئون الذين ذكرهم الله في القرآن ولم يأتوا بعد)). أما عبد القاهر بن طاهر البغدادي، (ت429هـ/1037م) فيتحدث في كتاب الفرق بين الفرق، بيروت 1978، ص263. عن اليزيدية، أنهم: أتباع يزيد بن أبي أنيسة الخرجي، وكان من أهل البصرة، ثم انتقل إلى تون من أرض فارس، إذ يقول يزيد هذا، أن الله يبعث رسولاً من العجم، وزعم أن النبي المنتظر هم الصابئون المذكورون في القرآن، ويقول البغدادي كذلك في كتاب أصول الدين: اليزيدية زعموا أن الله عز وجل يبعث في آخر الزمان نبياً من العجم وينزل عليه كتاباً من السماء ويكون دينه دين الصابئة. ويكرر القول هذا في كتابه الملل والنحل. ومن جهته يصرح الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم (ت548هـ/1153م)، في كتاب الملل والنحل، تحقيق محمد بن فتح الله بدران، ط2، القاهرة، القسم الأول، ص132. ما ذكره البغدادي في كتبه أعلاه عن اليزيدية، وينسبها إلى يزيد بن أنيسة. أما أحمد بن يحي بن المرتضى المعتزلي (ت840هـ/1437م)، فيقول في كتابه القلائد في تصحيح العقائد، تحقيق ألبير نصري نادر، بيروت 1985، ص59. اليزيدية هم: أصحاب يزيد بن أبي شيبة، زعموا أن الله تعالى سيبعث رجلاً من العجم ينزل عليه كتاباً يكتب في السماء، ثم ينزل جملة واحدة.
ولكن كاتب هذه السطور يقول أن مؤلفي وكتاب الفرق والملل والعقائد الإسلامية اللذين عرضنا لرأيهم، وعلى اختلاف انتماءاتهم العقيدية نسبوا الأيزيدية إلى شخص من فرقة الخوارج، يدعى يزيد بن أنيسة، ونسبوا له أقولاً يشم منها رائحة غير طيبة تجاه الإسلام والنبي محمد، بل وربطوا أقواله بالصابئة باعتبارها ديانة لها حضورها ووجودها بين المسلمين، ويعرفها هؤلاء بشكل واضح نظراً لوجود إشارات لها في القرآن الكريم، وعلى ما يبدو أن هؤلاء المؤلفين المسلمين لم يطلعوا على الأيزيدية اطلاعاً كافياً، أما بسبب غموضها أو بسبب تكتم أتباعها عن التعريف بها بين الناس خوفاً من القتل أو الدخول في الاسلام أو دفع الجزية، أو بسبب سكنهم في مفاوز ومغارات ومناطق يصعب الوصول إليها من قبل غيرها، أو لأسباب أخرى أهملها هؤلاء الكتاب، مما أدى هذا الموقف إلى الالتباس من قبل هؤلاء المؤلفين الذين كتبوا عنها من وجهة نظر مخالفة ومغايرة، بل وأدى هذا الموقف لربما إلى تشويه الصورة الحقيقة لهذه الديانة وماهيتها وعقيدتها بشكل سليم وصحيح، حتى من قبل بعض الكتاب المعاصرين من العرب والمسلمين اللذين شايعوا ورددوا ما قاله القدماء عنها وإلى زمن قريب.
ثانياً- الموسوعات ودوائر المعارف الحديثة: كثيرة هي الموسوعات ودوائر المعارف الحديثة والمعاصرة التي تناولت بالدراسة والتحليل الأيزيدية على اختلاف لغاتها التي كتبت فيها، وبدورنا سوف نشير إلى تلك الموسوعات ودوائر المعارف وكيف قدمت رؤيتها الأيزيدية، بحسب الآتي:
1. الموسوعات الأجنبية: ونبدأ بدائرة المعارف البريطانية، المجلد 12، ص828،. إذ ترسم الموسوعة البريطانية كيفية لفظ وقراءة الأيزيدية، على الشكل الآتي: Yazidi, Yezidi,  Azidi, Zedi, Izidi.   ، وتطلق عليها لقب طائفة دينية Religious Sect،  في حين ترسم دائرة المعارف الأمريكية، الطبعة العالمية، 1979، المجلد 29، ص677، كيفية لفظ الايزيدية على الشكل الآتي: Yzidis, Yazidi، وتعرف بها بطريقة مختصرة، وتقول أنها طائفة دينية، وتشير إلى أنهم يعتقدون بقدسية يوم الأربعاء ويوم السبت يوم راحة، صلواتهم وأدعيتهم وابتهالاتهم فيها عناصر يهودية ومسيحية وإسلامية وزرادشتية، وأنهم يصلون للشمس. ويصرح صاحب معجم الأفكار والأعلام، هتشنسون، ط1، بيروت 2007، ص559. عن الأيزيدية بقوله: مجموعة إسلامية بدأوا كرسل للصوفي القديس شيخ عادي بن مسافر، ومعتقدات أعضائها تمزج تقاليداً فلاحية مع الاسلام كما تدمجها مع بعض التقاليد اليهودية والمسيحية، يمارسون التطهير والعمادة، كما تشمل عبادة الملاك الساقط (طاووس ملك) الذي تصالح مع الله، ومركزهم الأساسي في مدينة الموصل في العراق. أما المستشرق المعروف كارل بروكلمان فيقول في كتابه موسوعة تاريخ الشعوب الإسلامية، بيروت 1960، ج1، ص206-207. عن الأيزيدية، إنها البقية الباقية من الفرق الموالية للأمويين هذه الفرقة التي تجمع الأماني السياسية الى الآمال الدينية فتتمثل اليوم في اليزيدية الأكراد الذين يعيشون في جبل سنجار حول الموصل وينتشرون شمالا حتى بلاد القبق الداخلية. ويصرح صاحب الموسوعة الحرة عن الإيزيديين أو اليزيديين، أنهم أتباع طائفة دينية في الشرق الأوسط ذات أصول قديمة، ويعيش اغلبهم جنوب الموصل ومنطقة جبل سنجار في العراق، وتعيش مجموعات اصغر في تركيا وسورية، اللغة الرسمية لديهم الكردية، ولم يحدد أصل واضح لليزيديين، ولهم صلة بالديانة الآشورية بسبب وجود تماثيل ورموز في ديانتهم مشابهة لما موجود بالديانة الآشورية القديمة، معتقداتهم ترى أن الملك طاووس (Melek Taus (  أو The Peacock Angel  يحكم الكون بمعية سبعة من الملائكة، وهذه الملائكة السبعة خاضعة للرب الأعلى، يمثل الملك على شكل طاووس مصنوع من النحاس بحجم الكف المضمومة، كتبهم المقدسة هي كتاب الجلوة لعدي بن مسافر، ومصحف رش، شخصياتهم البارزة هي عدي بن مسافر وزرادشت ويزيد بن معاوية وتحسين بن سعد أمير الشيخان، ووادي لالش في العراق هو المكان المقدس، والصلاة عندهم عبارة عن أدعية مع التوجه نحو الشمس، ويؤمنون بالتناسخ بعدِّه وسيلة للتكفير عن الذنوب، وتعميد المولود، ويحرم عندهم اللون الأزرق وأكل الخس الملفوف وحلق الشارب، الاحتفال بأول أربعاء من شهر نيسان في كل عام.  ومن جهته يصرح صاحب معجم الأديان، جون هينليس، ط1، القاهرة 2010، ص805. عن اليزيدية قائلاً: هم طائفة كردية أنشأها شيخ الإسلام الصوفي عدي بن مسافر (ت1162م)، ثم أنشأ أتباعه بعده طريقة أصبح لها نفوذا في أجزاء كثيرة من العالم الإسلامي،…، وأصبحت الأساطير المحلية والتعاليم القديمة إيرانية تشكل مصدراً وجزءاً من معتقدات الجماعة،…، ومنذ القرن الخامس عشر كان اليزيديون موضع عداوة شديدة واضطهادات من جانب جيرانهم اللذين اعتبروا عبدة الشيطان، وفي ثمانينيات القرن العشرين اجبر معظم السكان الأكراد في تركيا على الهجرة الى ألمانيا بسبب ضغينة المسلمين، ويوجد حاليا مائتا ألف يزيدي تقريبا في شمال العراق وأربعون ألفا في أمريكا وأذربيجان وجورجيا وخمسة ألاف في سورية،…، ولا يلعب اللاهوت دوراً رئيسياً في اليزيدية، وتعتبر الطاعة لأهل الثقة في الدين ونظام الشعائر والطقوس من العناصر الأساسية، والأعياد هي الجزء المهم من الحياة الدينية، وأكثر الأعياد أهمية هو عيد الاجتماع، وهو عيد خريفي يحتفل به في لالش المركز العالمي الديني لليزيدية، ويضم مقدسات عظيمة وضريح الشيخ عدي وعدد من الأضرحة الأقل شأناً. 
ثالثاً- الموسوعات العربية: وهذه الموسوعات هي الأخرى متعددة ومتنوعة في كتابتها عن الأيزيدية، إذ تعطي صورة عنهم ذات بعد ديني بحت عن هذه الطائفة، وقد اعتمدنا بشكل رئيسي على موسوعة الفرق والجماعات الدينية في الوطن العربي قديماً وحديثاً، لمؤلفها سعيد مراد، القاهرة 2007، ص177.وذلك لأهميتها على أمل أن نتوسع في المستقبل بتفصيل أكثر. يقول سعيد مراد: اختلف الباحثون في التسمية، فمنهم من يرجعها الى يزيد بن معاوية، ومنهم من يقول أن أصلها دين آري قديم، ويرون ان كلمة يزيدية مشتقة من الكلمة الفارسية أو الكردية يزدان التي تعني الله، ومنهم من يرى أنهم أتباع يزيد بن أنيسة الخارجي،..، أهم شخصيات هذه الفرقة هم الأمير إبراهيم بن حرب بن خالد بن يزيد، وعدي بن مسافر وصخر بن صخر بن مسافر، وعدي بن أبي البركات وشمس الدين ابن محمد المعروف بالشيخ حسن، والأمير بايزيد الأموي آخر رئيس للطائفة، والأمير تحسين بن سعيد أمير الشيخان وآخر رئيس لهم، والشخصيات المقدسة عندهم بعض أعلام الصوفية مثل الحلاج وعبد القادر الجيلاني والحسن البصري، ويتولى أمر اليزيدية رئيسان هما زمني يرتقي نسبه الى يزيد بن معاوية الأموي ويلقبونه مير شيخان، والآخر ديني من سلالة الشيخ فخر الدين ويمثل السلطة الروحي ويسمونه بابا شيخ، أي الشيخ الكبير. أما المراتب فهم الأمير والبابا شيخ والشيخ والبير (شيخ الطريقة)، والفقير، والقوال، والكواجك، والمريد، كتبهم المقدسة هي كتاب الجلوة لأصحاب الخلوة، ومصحف رش أي الكتاب الأسود، عقيدتهم في خلق العالم انه خلق يوم الأحد الملك الأول عزازيل وهو طاووس ملك رئيس الجميع والمتسلط على الخلائق كافة وقد اختص بالأمة اليزيدية دون غيرها، وفي يوم الاثنين خلق الملك دردائيل وهو الشيخ حسن، وفي الثلاثاء خلق اسرافيل وهو الشيخ شمس الدين، وفي الأربعاء خلق ملك ميكائيل وهو الشيخ أبو بكر، وفي يوم الخميس خلق جبرائيل وهو الشيخ سراج الدين، وفي الجمعة حلق شمنائيل وهو ناصر الدين، وفي السبت خلق نورائيل وهو الشيخ فخر الدين. وفكرتهم عن الخير والشر هي ان الكون وجد من قوتين الخير والشر، وان الخير هو الله قد تغلب على الشر وهي الشيطان فطرده من سلطان الملكوت، وهنا يظهر الشيطان عندهم بصورة ملاك ساقط، ولهذا يتحاشون ذكر اسمه، وعبادتهم للشيطان عبادة تضرع وتعطف وخشية بخلاف عبادة الله فهي عبادة شكر وخضوع وامتنان، كما أنهم يكرمون طاووس ملك ويجلُّونه.  وعباداتهم عبارة عن صلوات يتوجهون بها الى الشمس عند شروقها وعند غروبها ويلثم الأرض ويعفر وجهه بالتراب ويدعوا دعاءً خاصاً بلغة هي مزيج من العربية والكردية والفارسية، والصوم عندهم صومان، صوم للعامة ويطلقون عليه صوم يزيد ويقع في أيام الثلاثاء والأربعاء والخميس الأولى من شهر كانون الأول الشرقي، وصوم الخاصة ومدته ثمانون يوماً ، يصوم رجل الدين نصفها منذ العشرين من شهر كانون الأول الشرقي والنصف الثاني من العشرين من شهر تموز الشرقي.

أحدث المقالات

أحدث المقالات