4 نوفمبر، 2024 6:29 م
Search
Close this search box.

أضواء على موضوع ” أكاذيب متصاعدة في القصص الصحفية لحرب العراق “

أضواء على موضوع ” أكاذيب متصاعدة في القصص الصحفية لحرب العراق “

من المعروف أن العمل الصحفي صعب جداً وخطر جداً أحياناً حسب الموقع الذي يكون فيه الصحفي لأنجاز الواجب المكلف به. كل صحفي يحاول أن يبرز نشاطه في الموقع الذي يغطيه ويحاول أن يكون سباقاً الى خلق حدث مثير من خلال كلماته البليغة في التعبير عن القصة أو الحكاية التي يحاول إظهارها الى القراء في كل مكان. أحياناً يكون الصحفي محتاراً في خلق حكاية أو قصة معينة حينما تكون ألأوضاع هادئة خالية من ألأحداث المثيرة. من خلال تجربتي المتواضعة مع الصحافة العالمية – حيث كنتُ – مرافقاً ومترجماً لمجاميع صحفية وشبكات تلفزيونية عالمية من كل ألأجناس من عام 1987 حتى عام 2008 وجدت أشياء كثيرة تدور في أذهان الصحفيين عموما. حينما يتجول الصحفي أو المسؤول عن الشبكة التلفزيونية التي يرافقها أو مراسلاً لها يحاول أن يدقق النظر في كل ألأتجاهات وفي كل المناطق السموح له بالتجول فيها. يرسم في ذهنه صوراً كثيرة تؤدي في النهاية الى كتابة تقرير معين أو تصوير فلم عن حالة معينة ويقوم بأعداد كلمات مثيرة فد تكون أحياناً قريبة من الواقع وأحياناً تكون مجرد تعابير لفظية معينة لشد القاريء اليه  والمشاهد الذي يراقب عملة الصحفي.  في بعض ألأحيان أشعر أن الصحفي يبتعد عن الحقيقة كثيراً – لأنني أكون معه في كل حركةٍ يقوم بها – على سبيل المثال رافقت أحد الصحفيين المعروفين من إحدى القنوات العالمية المعروفة أثناء أحتلال الكويت. كانت هناك دبابة واحدة عند مدخل ألأذاعة والتلفزيون العراقية في ذلك الزمن , ومن خلال تقريرة الذي أعدهُ كان يقول حرفياً ” تجولت في المدينة وشاهدت الدبابات منتشرة في كل مكان وكأن الوضع يدل على حالة من التأهب الشديد لحدوث شيءٌ ما” . حينما مازحته من أن الوضع إعتيادي جدا وأن كلماته فيها مبالغة كثيرة أخبرني بأنه يتحتم عليه قول تلك الكلمات لأضفاء حالة  من ألأثارة على التقرير. منذ تلك اللحظة لم أعد أهتم لتقارير الصحفيين العالميين ومهما ذكروا من أشياء كبيرة في تقاريرهم. بعضهم يحاول أن يلجأ الى عدم قول الحقيقة لأشياء يكون قد جاء من أجلها. عام 1988 حينما رافقنا مجموعة كبيرة من الصحفيين الى جبال شمال العراق للبحث عن ألأسلحة الكيمياوية وتاثيرها على المزروعات.  حطت الطائرات السمتية الكثيرة التي ذهبنا بها في الحقول الوافرة الفواكه من كل ألأصناف طلب بعض الصحفيين من قائد الطائرة السمتية أن ياكل من تلك الفواكة للتأكد فيما إذا كانت ملوثة بالمواد السامة. حينما شاهدوه يتناول الفاكهة وهو يبتسم شرعوا يأكلون من تلك الفاكهه. في تقاريرهم المسائية كتبوا بالحرف الواحد ” كانت المنطقة متاثرة بالمواد السامة وأثار ألأسلحة الكيمياوية ظاهرة للعيان” . 
أنا لا أدافع عن أحد في هذا الميدان ولااقول كانت هناك آثار لسلاح كيمياوي .  ولكن للتاريخ – كما يقول أنور الحمداني- في برنامجه الشهير. لم يكن هناك أي أثر للسلاح الكيمياوي في المنطقة التي زرناها في ذلك العصر الذي شهد مآسي كثيرة. ولكن وأقولها مرة أخرى – ولكن- حينما عدنا الى الفندق وجلست مع قائد الطائرة السمتية وتحدثتُ معه حديثاً وديا بعد أن وثق بي وطلب مني عدم البوح بأي شيء في ذلك الزمن وإلا فسنذهب سوية الى المشنقة. ” هل ضربتم المنطقة بالسلاح الكيمياوي؟” هذا هو السؤال الذي وجهته مباشرة الى ذلك الطيار العسكري. نظر ذات اليمين وذات الشمال وكأنه يروم التأكد من أن أحداً لايسترق السمع.  ” أصغِ الي جيدا وإياك أن تتفوه بحرف واحد من الكلام الذي سأقولة لك . لقد إستخدمتُ أنا شخصياً الطائرة التي جئنا بها  في حمل السلاح الكيمياوي وألقيناه في مناطق مختلفة ولكن ليس في هذه المنطقة. ” الموضوع ليس ماقاله الطيار ولكن الموضوع هو ماقاله الصحفيين عن تلك المنطقة. كانوا بعيدين عن الحقيقة. ليس معنى هذا أن كافة الصحفيين لايذكرون الحقيقة في تقاريرهم ولكن توجد حالات يحاول الصحفي أن يكون فيها  مراوغاً كي يخرج تقريره مثيرا. مع التقدير لكل الصحفيين الذين أعرفهم وممن لا أعرفهم.

أحدث المقالات