17 أبريل، 2024 5:30 ص
Search
Close this search box.

“نيويورك تايمز” : قوانين “الزواج من المغتصب” تتساقط تباعاً في الشرق الأوسط

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – لميس السيد :

انتشر في شوارع بيروت مؤخراً مشهد مروع لأثواب زفاف رثة وملطخة بالدماء معلقة في الهواء مع لوحات تقول: “الاغتصاب لا يغطيه فستاناً أبيض”. وفي شهر نيسان/أبريل الماضي، حيث كانت قد قامت مجموعة حقوق المرأة، “أبعاد”، بتنفيذ عمل رمزي مشابه على طول ساحل مدينة بيروت الشهير.

وتشكل حملات التوعية العامة الاستفزازية هذه جزءاً من حملة جديدة في لبنان, وفي الشرق الأوسط, لإلغاء قوانين وضعت منذ أمد طويل تسمح للمغتصبين بتجنب الملاحقة الجنائية إذا تزوجوا من ضحاياهم. وقد بنيت القوانين حول المواقف الأبوية التي تربط شرف الأسرة بعفة المرأة في مجتمعات الشرق الأوسط. فإن خيار الزواج يهدف إلى حماية عائلة الضحية من “الفضيحة”، كما قال شقيق أحد الضحايا في مقابلة صحافية.

المغرب يلغي التشريع ولبنان والأردن في الطريق..

في عام 2014، ألغى “المغرب” حكماً يسمح للمغتصبين المدانين بالتهرب من العقاب عن طريق الزواج من ضحاياهم. ومن المتوقع أن تصدر أصوات البرلمان في وقت مبكر, خلال هذا الصيف, في “لبنان” وفي “الأردن” تصديقاً على توصيات اللجان الحكومية في كلا البلدين بإلغاء إعفاءات مماثلة لكل من المتهم والمحكوم عليه.

رصدت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية قصة لأحد ضحايا الاغتصاب، وهي السورية “بسمة محمد لطيفة”, التي تقول أن أي تغيير في القوانين قد جاء متأخراً بالنسبة لها، فقد أجبرها أهلها على الزواج من الجاني بعد واقعة اغتصابها في قرية بجنوب لبنان, قبل ثلاث سنوات, رغم كونه في سنٍ أكثر من ضعف عمرها. ولم تذهب عائلتها إلى الشرطة، حيث اتفقت على عدم تقديم اتهامات مقابل زواجها منه، ولم تسلم من شره عندما زارها بمنزل أخيها في حزيران/يونيو الماضي، وفي أحد ليالي شهر رمضان الفئت انهت حياته بتسع طلقات نارية.

ويعزو الخبراء إطلاق تلك الحركة المناهضة لقوانين الاغتصاب إلى انها في الأساس من أجل توسيع إمكانيات تعليم المرأة في المنطقة, ونوع جديد من النشاط العام الذي تحفزه وسائل التواصل الاجتماعي، ويحرك المدافعون عن القضية مشاعر الناس من خلال عمل مثير في الشارع, مثل الفساتين البيضاء في شوارع بيروت.

وقالت “وفاء بني مصطفى”، عضو البرلمان في الأردن، ومؤيدة قوية لإلغاء القوانين، إن تغيير القانون وحده يمكن أن يدفع بتغيير حقيقي في المعايير الاجتماعية. وبدون إلغاؤه “حالة الإفلات من العقاب ستستمر، وسيتم وضع مصلحة الأسرة قبل حق الضحية في الحصول على العدالة”.

ثغرات تسوية جرائم الاغتصاب بالزواج عالمياً..

ثغرات الزواج في حالات الاغتصاب ليست فريدة من نوعها بين بلدان العالم العربي، حيث أن بلدان المنطقة من بين البلدان الأخيرة التي تحتفظ بتلك الخطوة في قوانينها الجنائية. وذكرت دراسة أجرتها منظمة “المساواة الآن” لحقوق المرأة، أن “الفلبين”، وهي دولة كاثوليكية ، مازالت تعاني من ثغرة الزواج من المغتصب عوضاً عن عقوبته. حتى عام 2006، كانت “أوروجواي” تطبق تلك القوانين، وحتى عام 1994، كانت “فرنسا” تستخدمها ايضاً، وفقاً لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”.

وفي العام الماضي، صوت البرلمان البحريني لإلغاء قانون مماثل، بيد أن السلطة التنفيذية اعترضت على أن ثغرة الزواج يجب أن تلغى فقط في قضايا الاغتصاب التي تشمل العديد من الجناة.

وفي “تركيا”، اقترحت الحكومة, خلال تشرين ثان/نوفمبر الماضي, تبرئة نحو 000 3 رجل متهمين بالاغتصاب القانوني إذا تزوجوا من ضحاياهم ولم يتهموا باستخدام القوة البدنية, ولكن الاحتجاجات العامة ألغت الخطة.

العديدي من ضحايا الاغتصاب في البلدان العربية لا يثقن في سلطات إنفاذ القانون..

بغض النظر عن فكرة “العار” التي ترتبط بالاغتصاب في الدول العربية، تقول الحقوقيات النسائيات إن الناجيات من الاغتصاب في العديد من البلدان لا يثقن دائماً في سلطات إنفاذ القانون بمعالجة قضاياهن على محمل الجد. وهكذا غالباً ما يتم عقد صفقات الزواج بعيداً عن شروط القانون ودون توجيه اتهام جنائي للمغتصب.

وقالت “مايا عمار” الناطقة باسم مجموعة “كفى” اللبنانية, التي تعمل مع الناجين من العنف العائلي: “إذا ألغي القانون اللبناني، فإنه سيكون انتصاراً أخلاقياً للمرأة”.

وأضافت أنه يتعين على المزيد من الناجيات تقديم الاتهامات لمرتكبي حوادث الاغتصاب، بدلاً من تسويتها بشكل خاص.. حيث إن هذه القضايا لا تناقش علناً.. وجميعاً يفضلن الصمت”.

وفي المغرب، لم تجلب هذه المسألة انتباه الجمهور إلا بعد أن انتحرت فتاة تبلغ من العمر 16 عاماً, في عام 2012, بعد أن أجبرت على الزواج من الرجل الذي قالت إنه اغتصبها. وقال والدها إن مدعياً عاماً حث المتهم على الزواج منها إذا أراد النجاة من التهم الموجهة إليه.

وأدت وفاة الفتاة، “أمينة فيلالي”، التي ابتلعت سم الفئران، إلى إثارة الغضب الشعبي. وبعد ذلك بعامين، عدلت الحكومة قانون الاغتصاب في البلاد، مما ألغى حكم الزواج مقابل الافلات من العقاب.

وفي لبنان، كانت عائلة السيدة “لطيفة” غير راغبة في إعلان قضيتها للجمهور أثناء محنتها. وكانت هي وشقيقها “أحمد”، قد جاءا من سوريا كلاجئين. وظلوا يعيشون في قرية يغلب عليها الشيعة في جنوب لبنان في حالة من الخضوع, مثلهم مثل مجموعات السنة في القرية. وكان هناك رجل في منتصف العمر يزور العائلة لعدة أشهر ثم، وفقاً للسيدة “لطيفة”، اغتصب شقيقتها. ونصح اهل القرية الأسرة وقتها بالتفاوض على عقد زواج مع الرجل. وقال “لطيفة”: “لم تكن أختي تحب الصفقة، لكني أكدت لها أنها ستكون مؤقتة”.

وانتهى الأمر إلى البقاء في الزواج لمدة ثلاث سنوات، وهو شرط القانون للمتهمين إذا ارادوا التهرب من الملاحقة القضائية. وقال شقيقها: “كان يضربها باستمرار.. كنت أرى الندوب على وجهها، عندما كانت تزورني”.

لم ينقذ الطلاق شقيقة السيدة “لطيفة” من الرجل الذي اغتصبها قبل الزواج، ولكن الأمر انتهى بمقتلها ومواجهته مجموعة من التهم منها القتل. وتساءل السيدة “لطيفة” متشككة، فيما إذا كان التغيير في قانون الزواج من المغتصب، كان سيحدث أي فرق في مستقبل شقيقتها. ولكنها أكدت على أن الأسرة تعرضت للضغط من أجل الاستقرار، ولأنهم كانوا لاجئين، فهم بدون رعاة سياسية. وقالت: “إن كلماتنا لم تكن لها تأثير كبير”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب