26 أبريل، 2024 12:27 ص
Search
Close this search box.

مراجعة إتفاق “خمسة + واحد” .. ترامب عندما يستهدف إيران وحلف الناتو معاً

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – نشوى الحفني :

في الذكرى الثانية لتوقيع الاتفاق النووي “خمسة + واحد” مع إيران (اتفاق لوزان النووي) لتقييد برنامجها النووي ومنع طهران بموجبه من الحصول على قدرات نووية عسكرية، والذي قد وقع في 14 نيسان/ابريل 2015 بين الخمسة دول الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا، وبمشاركة الاتحاد الأوروبي، أصدر الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” توجيهات إلى مجلس الأمن القومي لإجراء مراجعة شاملة خلال الثلاثة أشهر القادمة، بهدف تحديد ما إذا كان التمسك بإنهاء الولايات المتحدة لخطة العمل الشاملة المشتركة، فيما يخص تعليق العقوبات المرتبطة بالسلاح النووي الإيراني، سيخدم مصالح الأمن القومي الأميركي .

ليخرج المتحدث باسم الرئيس الأميركي “شون سبايسر”، الأربعاء 19 نيسان/إبريل، ليرد علي تساؤل طرحه الصحافيون إن كان ترامب يشعر بالقلق من أن إيران ربما لا تفي بإلتزاماتها، طبقاً للاتفاق، فيرد بأن ترامب اتخذ خطوة “حصيفة” عندما وجه الوكالات لمراجعة تستمر 90 يوماً بشأن إن كان رفع العقوبات من خلال الاتفاق النووي مع إيران سيصب في صالح الأمن القومي الأميركي.

ريكس تيلرسون

وكان ترامب قد قال، في وقت سابق رداً على إطلاق إيران صاروخاً باليستياً، “كان عليهم أن يكونوا ممتنين للاتفاق المريع الذي أبرمته الولايات المتحدة معهم !”.

وفي تغريدة ثانية على موقع التدوين القصير “تويتر” قال: “كانت إيران على شفا الانهيار حتى جاءت الولايات المتحدة وألقت لها بطوق النجاة في شكل اتفاق: 150 مليار دولار”.

وسبق وأن وصف ترامب هذا الاتفاق مراراً وتكراراً بأسوأ صفقة تم التفاوض بشأنها على الإطلاق.

وكانت إدارة دونالد ترامب قد أقرت أمام الكونغرس في الثامن عشر من نيسان/ابريل الجاري، بأن إيران تعمل فعلياً وفقاً للاتفاق النووي الذي يجمع كلا الطرفين. متعهدة بأن تنازلها عن العقوبات فيما يتعلق بالاتفاق النووي خلال الشهر القادم، سيتكفل بوضع مصالح الأمن القومي الأميركي في المقدمة. ويؤكد على الموقف الذي تبنته الإدارة الأميركية، والذي جسدته رسالة وزير الخارجية الأميركي “ريكس تيلرسون”، إلى رئيس مجلس النواب “بول راين”، على أن تحرّك إدارة ترامب للتمسك بالاتفاق النووي الإيراني وتنفيذه يعوزه الحماس.

ووفقا لما صرّح به “تيلرسون”، خلال بيان صحافي في التاسع عشر من نيسان/ابريل الجاري، فإن “خطة العمل الشاملة المشتركة” لم تحقق نجاحاً يُذكر في تجريد إيران من الأسلحة النووية، بل العكس تماماً فقد ساهمت في الحد من إمكانيات الولايات المتحدة للوصول إلى مبتغاها فيما يتعلق بهذه المسألة، مضيفاً أن “الخطة تجاهلت تماماً جميع التهديدات الخطيرة الأخرى التي تنطوي عليها مخططات إيران. من جهة أخرى، وظفت إيران معظم ثرواتها ووقتها للتصدي لجهود إحلال السلام في المنطقة”.

في الوقت الذي أقرت فيه إدارة ترامب، على مضض، بإلتزام إيران بشروط “خطة العمل الشاملة المشتركة”، نوهت بضرورة التطرق إلى مزايا الحفاظ على الاتفاق النووي، على الأقل في الوقت الحالي. في المقابل، ستظل إيران في نظر الولايات المتحدة دولة معادية وتعمل على زعزعة الاستقرار على جبهات أخرى على غرار دعمها لنظام “بشار الأسد” في سوريا، و”حزب الله” في لبنان والمتمردين “الحوثيين” في اليمن.

وكان وزير الخزانة الأميركي “ستيفن منوتشين”، قد أعلن أن العقوبات غير النووية ضد طهران ستشدد، معتبراً هذه العقوبات ضد دول مثل إيران وكوريا الشمالية ذات أهمية”.

وأشار إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تراقب إيران عن كثب، مشيراً إلى العقوبات التي فرضتها واشنطن الأسبوع الماضي ضد مؤسسة السجون الإيرانية ومسؤول الأمن فيها “سهراب سليماني”، بسبب انتهاكات جسيمة ضد السجناء.

دبلوماسي اوروبي، رفض ذكر اسمه، أوضح أن إدارة ترامب تسعى إلى الحفاظ على “تطبيق خطة العمل الشاملة المشتركة، وتسليط جملة من الضغوط على إيران في مجالات أخرى، في الآن ذاته”.

الولايات المتحدة تتراجع عن أهدافها..

“ريتشارد نيفيو”، عضو سابق في فريق التفاوض حول الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية، يقول: “أعتقد أن موقف الإدارة الأميركية يدل على تراجع الولايات المتحدة عن أهدافها”. وذلك في إشارة إلى تخلي إدارة ترامب عن خطاباتها اللاذعة، التي لطالما انطوت على تهديد صريح بفضّ الاتفاق النووي. مضيفاً أن موقف إدارة ترامب من إيران لا يعتبر انتصاراً للجانب الأميركي، متسائلاً: “ما الذي ستفعله إدارة ترامب إبان تغير موقفها ؟”. كما يرى “نيفيو” أن محاولة تعديل الاتفاق، أو التفاوض من جديد على جوانب منه، فضلاً عن التصدي لإيران بقوة على جبهات أخرى، من شأنه أن يتسبب في إحداث أضرار بليغة.

مبيناً، ريتشارد، أنه “خلال تولي الإدارة الأميركية حيثيات مراجعة الاتفاق النووي، سيحرص مسؤولون إستخباراتيون فضلاً عن أشخاص من القارة الأوروبية، أو ربما آسيويون، على عرقلة مساعيها بتعلة أن هذه الإجراءات قد تلحق بهم أضرار بليغة. كما أشار “نيفيو” إلى أن حلفاء إدارة ترامب والعديد من العناصر ستحاول حثها لتجنب أي إجراءات من شأنها أن تؤدي إلى انهيار الاتفاق.

مؤكداً، على أن مصادقة الإدارة الأميركية في حد ذاتها على مثل هذا الإجراء يدل على أنها تخطط للتخلي حقاً عن العقوبات. وتجدر الإشارة إلى أن بعض العقوبات التي تم رفعها عن إيران تنتهي مهلتها في 18 آيار/مايو القادم، أي قبل يوم واحد من الانتخابات الرئاسية الإيرانية.

وفي هذا الإطار، أورد الرئيس الإيراني “حسن روحاني”، مساعيه للتوصل إلى اتفاق نووي مع ست قوى عالمية على رأس أجندته الانتخابية في إطار ترشحه لرئاسة الدولة لولاية ثانية.

ومن المرتقب أن يجتمع دبلوماسيين من الولايات المتحدة، وإيران، وكل من المملكة المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، والصين، والاتحاد الأوروبي، وهي البلدان المُؤلفة للّجنة المشتركة والمشرفة على تنفيذ خطة العمل الشاملة المشتركة، بمدينة فيينا في 25 نيسان/ابريل الجاري.

القرار محاولة أميركية بائسة لن تؤثر على إيران..

العضو بمنظمة العفو الدولية “أمنستي”، والحزب الديمقراطي الأميركي “ناجي مطش”، في تعليقه لـ(كتابات) عبر اتصال دولي، حول ما طلبه ترامب من مراجعة الإتفاق النووي مع إيران، أوضح أن هذا القرار قديم وأعلنه ترامب خلال حملته الإنتخابية، وما يفعله الآن ماهو إلا تنفيذاً لسياسة دولته التي تريد تحجيم القدرة الإيرانية.

كاشفاً عن أن ترامب لديه رغبة في تشكيل “ناتو عربي” يترأسه الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، رغبة منه في تحجيم السعودية التي لا تستطيع الوقوف أمام أي قرار أميركي.

وحول القدرة التأثيرية الأميركية في العملية النووية، أكد “مطش” على أن أميركا لن تملك التأثير في القرار الإيراني، وأن ما يحدث ما هو إلا محاولة بائسة من الإدراة الأميركية لعملية تحجيم الثورية والتقدم الهائل الذي وصلت إليه قدرات إيران النووية. لافتاً إلى أن الإدارة الأميركية مازالت تغفل عن التصرف الحقيقي والفعلي مع دولة مثل إيران وتتبع الطرق التقليدية العادية كممارسة الضغوط الإقتصادية، مع أنها تعرف جيداً أن إيران لن تتراجع عن هدفها.

سحب الثقة المتزايدة في حلف “الناتو”..

المحلل السياسي والمتخصص في العلاقات الدولية “د. محمد محسن أبو النور”، يقول لـ(كتابات)، أن قرار المراجعة يعتبر أحد تداعيات التصعيد الأميركي في المرحلة الأخيرة، وأن ترامب يريد إرسال رسالة للمجتمع الدولي وإلى الشركاء الخليجيين بأنه قادر على تعديل الإتفاق، متصوراً أن ترامب لا يريد ألا ينفرد “حلف الناتو” بالقرارات، ويريد سحب الثقة السياسية المتزايدة لدى الشرق الأوسط في الحلف. مشيراً إلى أن ترامب قلق جداً بشأن تزايد التوجه العالمي لإيران في الفترة الأخيرة، لهذا يريد مراجعة الاتفاق النووي.

إيران يمكنها انتاج “يورانيوم” مخصب بدرجة تزيد عن التسعين في المئة..

يذكر أن، إيران قد حققت نسبة من التخصيب يمكنها للانتقال السهل للتخصيب لإنتاج “يورانيوم” مخصب بدرجة تزيد على التسعين في المئة، والتي هي عتبة الإنتاج النووي، وبعد تحقيق مستوى 20 % من التخصيب، والتي حازت عليها إيران، يصبح الوصول إلى معدل تخصيب أعلى من تسعين عملية تكرارية ليست إلا.

هذا ما أقلق الدول الغربية ومعها روسيا والصين، وسارعت إلى توقيع الاتفاقية النووية لوضع ضوابط للبرنامج النووي الإيراني، ورغم أن بعض هذه الدول كانت متشددة وتتبنى عدم السماح لإيران بالقيام بالتخصيب، إلا أنها، وفي نهاية المطاف، قبلت نسبة 3.5% من التخصيب.

وجادلت طهران بحقها، حسب المادة الرابعة من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، والتي تسمح للدول الموقعة على الاتفاق بالتخصيب، كما جاء في النص: “لا شئ في هذه المعاهدةِ سيترجم كتَأثير على الحقّ الثابتِ لكُلّ الأطراف في المعاهدة لتَطوير البحث وإنتاج واستعمالَ الطاقة النووية في الأغراض السلمية بدون تمييز، وبالانسجام مع مادة 1 و2 من هذه المعاهدةِ”. وكان الجدل حول إذا ما كان تطوير البحوث تشمل عملية التخصيب، فبالنسبة لواشنطن، فإن البحوث تعني تطوير قدرات نووية سلمية دون التخصيب.

اتفاق أوباما السري..

ولكن هناك كثير من اللغط حول اتفاق جانبي بين إدارة “أوباما” وإيران، وأن هذه الوثائق أودعت بالمرافق المعزولة للمعلومات الحساسة في واشنطن، ولا يستطيع العامة أن يطلعوا عليها إلا أعضاء الكونغرس وموظفوهم والذين منحوا تصاريح أمنية عالية، ما يزيد من تشكك دول المنطقة حول فحوى الاتفاقية.

ليست الدول الخليجية الوحيدة التي تتوجس خيفة من البنود غير المعلنة للاتفاق، ففي مهمة تقصي الحقائق، والتي قام به السناتور “توم كوتن”، وحينها النائب “مايك بمبيو” (يشغل حالياً مدير وكالة المخابرات المركزية) إلى فيينا، ألتقي الاثنان بمسؤولين في وكالة الطاقة الذرية، والذين كشفوا لهما أن إدارة أوباما منحت إيران استثناءات للاتفاقية، بغية مساعدتها على الوفاء بإلتزاماتها والحصول على الأموال المجمدة.

الأخطر من ذلك أن وكالة الطاقة الذرية ستعتمد كلياً على إيران لجمع عينات من التربة في معسكر “بارشين”، والذي يعتقد بعض الخبراء أنه كان موقعاً تجرى فيه البحوث النووية العسكرية، وقد رفضت طهران السماح بمفتشين دوليين من جمع هذه العينات، والتي سيتم فحصها للتأكد من أن إيران لم تكن منخرطة في تطوير سلاح ذري، ويعتقد بعض المراقبين أن الاعتماد على إيران أن تحقق من نشاطاتها النووية السابقة، كمن يأتمن الذئب على الغنم.

في تقرير نشره معهد العلوم والأمن الدولي، أن من ضمن الاستثناءات التي منحتها إدارة أوباما لإيران، تخطي كمية اليورانيوم المخصب بمعدل 3.5 % من ثلاثمئة كيلوغرام.

كما أن هناك استثناءات بالسماح لإيران بالاحتفاظ بكمية من اليورانيوم المخصب إلى درجة 20%، إضافة إلى ذلك، فإن الاستثناءات سمحت لإيران أن تتخطى كمية الماء الثقيل المسموح به حسب الاتفاقية، كما أن الاستثناءات شملت الاحتفاظ بكم من الخلايا الساخنة النووية كبيرة للتعامل مع بقايا المواد المشعة أو الطب النووي.

رغم أن الاتفاقية علنية، إلا أن الحكومة الأميركية تصر على إبقاء هذه الأجزاء سرية، وتعزز الطبيعة السرية لهذه المخاوف لدى دول المنطقة، وقد كشفت مصادر صحافية أميركية بعد انتخاب دونالد ترامب، بان الأخير ينوي نشر هذه الوثائق، وقد انتقد النائب الجمهوري “بيتر روسكام” حجب الاتفاقية من التمحيص العام وإخفاءه عن الراي العام الأميركي، وقال إن على الشعب الأميركي أن يعرف أن هذه الاتفاقية سيئة، و”بإمكاني أن أخبرك بأنها أسوأ حتى مما يظن معظم الناس”.

إيران تسخر..

وفور اعلان ترامب عن مراجعة الاتفاق، سخر وزير الخارجية الإيراني “محمد جواد ظريف” الجمعة 21 نيسان/ابريل، من التصريحات الأخيرة للرئيس الأميركي “دونالد ترامب” حول عدم تقيد إيران بـ”روح” الاتفاق النووي.

وقال “ظريف”، الجمعة عبر تغريدة على تويتر: “نرى إذا كانت الولايات المتحدة مستعدة لاحترام مضمون الاتفاق، قبل الكلام عن روحه”. مضيفاً أنه “حتى الآن ضربوا بالمضمون والروح عرض الحائط”.

محمد جواد ظريف

روسيا: أميركا عاجزة عن تقديم دليل..

في حين وصفت وزارة الخارجية الروسية الولايات المتحدة بالعجز عن تقديم أي دليل على عدم فاعلية الاتفاق النووي الإيراني، مضيفة أن كل الشكاوى الأميركية حول سير تنفيذ الاتفاق لا علاقة لها بالواقع.

وفي ذات السياق، قال مندوب روسيا الدائم لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، “فلاديمير فورونكوف”، إن التخلي المحتمل عن خطة العمل بشأن برنامج إيران النووي لن يزيد المنطقة والعالم استقراراً. مضيفاً أن موسكو تنتظر من واشنطن اتخاذ موقف واضح من الاتفاق النووي الإيراني، في جلسة لجنة العمل المشتركة المقررة يوم الثلاثاء القادم في العاصمة النمساوية فيينا، قائلاً: “نحن مهتمون بسماع الموقف الأميركي بتفاصيله بعد أن تحدث عنه السيد تيلرسون بالعموميات”.

اتفاق لوزان النووي..

الاتفاق النووي الإيراني، أو كما يطلق عليه اتفاق لوزان النووي، تم التوصل إليه بعد مفاوضات أقيمت في مدينة لوزان السويسرية عام 2015، بين إيران وست دول كبرى معنية بالملف النووي الإيراني، خمسة منها أعضاء دائمين بمجلس الأمن الدولي وهي: “أميركا، بريطانيا، فرنسا، الصين، روسيا”، بالإضافة إلى “ألمانيا”. وبموجبه خفضت طهران نشاطها النووي مقابل تخفيف تدريجي للعقوبات الاقتصادية الأميركية والأوروبية التي تتصل بالبرنامج النووي

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب