20 أبريل، 2024 7:45 ص
Search
Close this search box.

تقارب الخطوات الحذرة .. العلاقات الإيرانية السعودية تتجه نحو التحسن أم إلى صراع جديد ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

لم تكن الأخبار التي اذيعت عن وجود مباحثات سرية ووساطات للتقريب بين العدوين اللدودين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإيرانية الإسلامية كاذبة, مثلما قالت المملكة عندما أعلنت العراق عن طلب المملكة منها التوسط للتقريب بيها وبين إيران، فما هي سوى أيام قليلة ويتم الإعلان عن زيارة لوفد سعودي لطهران, حيث أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية “بهرام قاسمي” عن: “إن طهران منحت تأشيرات الدخول للوفد الدبلوماسي السعودي لزيارة إيران ويتوقع وصوله إلى طهران بعد انتهاء مراسم الحج”.

تبادل زيارات دبلوماسية..

نقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية, الأحد 3 أيلول/سبتمبر 2017، عن “قاسمي” تأكيده على “إن الوفد السعودي سيزور طهران لتفقد المقرات الدبلوماسية السعودية بعد قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. وفي نفس الوقت فإن إيران ستتفقد مقراتها الدبلوماسية في السعودية”.

وشدد “قاسمي” على أن إيران والسعودية اتفقتا على زيارة الوفدين الإيراني والسعودي للبلد الآخر, لتفقد المقرات الدبلوماسية في الرياض وطهران.

موضحاً المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، أن تأشيرات الدخول للوفد السعودي صدرت منذ فترة، لكنه ولأسباب تتعلق بهم لم تتم هذه الزيارة، ويتوقع إجراؤها بعد انتهاء مراسم الحج.

واصفاً “قاسمي” الخبر ,الذي بثته بعض وسائل الإعلام حول دفع تعويضات, لا أساس له من الصحة، مؤكداً على أن هذه الزيارة لا ترتبط بالتعويض ولم تجر محادثات حول هذا الموضوع.

لافتاً إلى أن الوفد الإيراني قد حصل قبل أسبوعين على تأشيرة الدخول عن طريق عمان, إلا أنه لم يحدد بعد موعد زيارته للرياض، وطهران قبل شهرين منحت التأشيرة للوفد السعودي، مضيفاً: “أن الوفد السعودي طلب رخصة طيران وتم منحه إياها, وبهذا فإن الوفد السعودي سيصل إلي إيران برحلة خاصة”.

إيران تسعى لتحسين العلاقات مع السعودية..

سبق وأن أعلن وزير الخارجية الإيراني “جواد ظريف”, خلال الشهر الماضي, أن وفداً دبلوماسياً سعودياً سيزور قريباً السفارة السعودية في طهران، والقنصلية في “مدينة مشهد”، وفي المقابل سيقوم وفد من الدبلوماسيين الإيرانيين بزيارة السفارة الإيرانية في الرياض.

وقال: “إن الحكومة الإيرانية المقبلة لا ترغب في استمرار التوتر مع السعودية، وتريد تحسين العلاقات مع الرياض، وأن تحسن العلاقات بيننا يتطلب الاحترام المتبادل واحترام مصالحنا المشتركة بين البلدين”.

مضيفاً الوزير الإيراني: أن “واحداً من الأهداف والأولويات التي تضعها وزارة الخارجية في المرحلة المقبلة, هي تطوير العلاقات مع الدول الأخرى، خصوصاً البلدان المجاورة في المنطقة”، موضحاً أن العلاقات بين إيران والسعودية تتطلب “الاحترام المتبادل واحترام المصالح العامة ووضع حد لسياسات من شأنها أن تؤدي إلى حرب إقليمية وإلى التطرف”.

جدير بالذكر أن أزمة دبلوماسية بين إيران والسعودية ما زالت مستمرة، بعد إعلان الأخيرة قطع علاقتها الدبلوماسية مع إيران في 3 كانون ثان/يناير 2016.

إرسال إشارات المصالحة..

كانت تقارير إيرانية قد كشفت أن الرئيس الإيراني “حسن روحاني” يبحث عن المصالحة مع السعودية، مشيرة إلى أن “روحاني” تعهد في اجتماع خلال الأسبوع الماضي بدفع تكاليف الأضرار التي لحقت بالسفارة السعودية.

وقالت صحيفة “اعتماد” الإيرانية: إن مصدرًا بالرئاسة الإيرانية كشف أن روحاني عقد اجتماعًا في قصر “سعد آباد” الأسبوع الماضي، وقال فيه: إنه يجب أن لا تكون هناك أي توترات مع السعودية، وضرورة فتح صفحة جديدة مع الرياض، مع تعهده بدفع تكاليف الأضرار التي لحقت السفارة السعودية.

وأشار المصدر إلى أن “روحاني” طلب من السلك الدبلوماسي الإيراني إرسال إشارات المصالحة مع السعودية، عقب قطع الرياض للعلاقات الدبلوماسية مع طهران العام الماضي.

مخطط الفتنة فشل..

في مؤشر على الانفراج التدريجي للعلاقة بين البلدين، أكد “محسن رضائي”، أمين عام مجمع تشخيص مصلحة النظام في إيران, أن “مخطط إيجاد فتنة سنية ـ شيعية قد فشل”، لافتاً الانتباه إلى “تشكّل محور مقاومة بين العراق ولبنان وسوريا وإيران”.

معرباً “رضائي” عن أمله بأن تنضم السعودية لهذه الجبهة مستقبلاً لمواجهة الكيان الصهيوني، قائلاً: “إن إسرائيل عدونا الأول ولن نسمح لها باللعب من خلف الستار”.

رضا الحجاج مؤشر للحل..

خلال مقابلة متلفزة, الثلاثاء 29 آب/أغسطس الماضي، اتهم الرئيس الإيراني “حسن روحاني”، السعودية بدعم الجماعات الإرهابية، وطالب الرياض بوقف “تدخلها” في اليمن، على حد تعبيره. واعتبر مستوى “رضا” حجاج إيران عند عودتهم كمؤشر على توفر الأجواء المناسبة لحل أي مشكلة بين الرياض وطهران.

واستأنفت السلطات الإيرانية هذا العام إرسال بعثات حجيجها إلى السعودية, بعد مقاطعتها للحج في العام الماضي إثر اتهامها لحكومة المملكة بأنها لم تتعهد بالحفاظ على أرواح الحجاج الإيرانيين بعد حادث التدافع الذي وقع في موسم الحج عام 2015 وأدى إلى مقتل 769 شخصاً على الأقل، جزء كبير منهم إيرانيون، وإصابة 694 آخرين حسب الرواية الرسمية السعودية.

طلبت وساطة العراق.. والرياض تنفي..

في 13 آب/أغسطس الماضي، أعلن وزير الداخلية العراقي، “قاسم الأعرجي”، إن السعودية طلبت من رئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، التدخل للتوسط بين الرياض وطهران.

وأكد “الأعرجي”، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الإيراني “عبد الرضا رحماني فضلي”، على أن ولي العهد السعودي، “محمد بن سلمان”، طلب منه رسمياً، أن يتوسط العراق بين إيران والسعودية، لكبح التوتر بين البلدين، كما سبق للملك “سلمان” أن قدم هذا الطلب في وقت سابق.

مضيفاً أنه أبلغ الجانب السعودي برأي الجانب الإيراني بأن الخطوة الأولى التي يمكنها أن تؤدي إلى تخفيف التوتر تتمثل في إبداء الرياض الاحترام إلى الحجاج الإيرانيين ومعاملتهم بأفضل صورة، وأن تسمح لهم بزيارة “مقبرة البقيع”.

مؤكداً الوزير العراقي، على إن الجانب السعودي وعد بتطبيق ذلك، وأكد أن “البقيع” مفتوحة الآن أمام الحجاج الإيرانيين، مشدداً على أن العراق يؤمن بضرورة وجود علاقات صداقة بين إيران والسعودية، لأنها تسهم في تعزيز أمن المنطقة.

ونفت السعودية بشدة هذه التصريحات, مؤكدة على أنه لم يحدث ذلك، في حين أن التحركات الحالية التي يتم الإعلان عنها بين الرياض وطهران تؤكد صدق تصريحات “الأعرجي”.

مؤشرات للتقارب..

لفت تقرير بعنوان: “لا شيء مستحيل في عالم السياسة”, نشره موقع “عاجل” السعودي، إلى مؤشرات باتت واضحة على التقارب السعودي الإيراني.

يذكر التقرير أن العلاقات السعودية – الإيرانية منذ “ثورة الخميني” عام 1979، تتأرجح بين حالات من التصادم والتفاهم، إلا أن العلاقة وصلت لقمة توترها بعد حادث “تدافع منى” في 2015، وتنفيذ حكم إعدام المعارض السعودي “نمر النمر”، القريب من إيران.

ويكشف التقرير أن العلاقة بدأت تأخذ منحنى آخر خلال الأشهر الماضية، معللاً ذلك بالاتفاق بين البلدين على عودة الحجاج الإيرانيين إلى السعودية هذا العام، بعد منع طهران للحجاج الإيرانيين من المشاركة في موسم الحج 2016.

مصافحة وزيري الخارجية..

يوضح التقرير كذلك أنه بعد قرابة عامين من قطع العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران, التقطت كاميرات المصورين مصافحة نادرة لوزيري الخارجية السعودي “عادل الجبير” ونظيره الإيراني “محمد جواد ظريف”, على هامش الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الإسلامي في مدينة إسطنبول التركية، ويرى كاتب التقرير أن هذه صورة أخرى تؤكد على مؤشرات تحسين العلاقة بين البلدين، خاصة وأن هذه المصافحة بين “الجبير” و”ظريف”، أعقبها تصريح صدر عن وزارة الخارجية الإيرانية، ألمحت فيه إلى قرب تبادل الزيارات الدبلوماسية بين طهران والرياض.

الأجواء الإقليمية لا تبشر بالانفراج..

يقول تقرير “عاجل” أنه على الرغم من هذه المؤشرات يبقى أن الأجواء الإقليمية المحيطة بالعلاقات بين طهران والرياض لا تشير إلى انفراج قريب, خاصة أنه يحكمها في هذا الوقت العديد من الملفات الصعبة، منها الحرب في اليمن وسوريا والوضع في العراق ولبنان.

حج العام نقطة مشرقة..

من جانبها، اعتبرت صحيفة “الواشنطن بوست” الأميركية، أن حج هذا العام يمكن أن يكون نقطة مشرقة في العلاقات السعودية الإيرانية، بعد عامين من قطعها وتفاقم حدّة التوتر بين البلدين.

أكثر من 80 ألف حاج إيراني موجودون حالياً في السعودية لأداء مناسك الحج، بعدما مُنعوا من مسؤولي بلادهم، العام الماضي، وعودتهم لأداء فريضة الحج هذا العام جاءت بعد مفاوضات بين مسؤولي البلدين.

تشكيك إيراني..

تنقل الصحيفة الأميركية عن “رضا أكبري”، أستاذ السياسة الإيرانية في معهد السلام والحرب، قوله إن تلك المناقشات ربما ساعدت في تخفيف حدّة التوتّر بين السعودية وإيران.

مضيفاً: إن “إيران حاولت دائماً التشكيك بقدرة السعودية على إدارة ملف الحج، وهو مسعى لتقويض إدارة المملكة عن الحج. لقد استُخدم الحج كرافعة سياسية من قبل البلدين؛ سواء لزيادة حدّة التوتر أو للتخفيف منه، حسب الحاجة. إنها أداة قوية وترسل إشارة واضحة للمنطقة بأسرها حول طبيعة العلاقات التي يمكن أن تربط السعودية وإيران”.

وهذا العام امتنع “علي خامنئي”، مرشد الجمهورية الإيرانية الأعلى، عن الدعاء على السعودية، وركز على من وصفهم بـ”أعداء الأمة الإسلامية (إسرائيل وأميركا)”.

الرئيس الإيراني، “حسن روحاني”، قال هذا الأسبوع إن أمور حجاج بلاده سارت هذا العام بشكل سلس، وإن نجاح الحج يمهد لإجراء المزيد من المحادثات.

حروب بالوكالة..

تشير “واشنطن بوست” إلى أن حدة التوتر بين البلدين زادت بعدما شن البلدان حروباً “بالوكالة”؛ في كلّ من سوريا واليمن والبحرين، لافتة إلى أن التوترات زادت في أعقاب الزيارة التي قام بها الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، إلى الرياض، ولقائه بقادة الدول الإسلامية من دون إيران، حيث اتهمت طهران الرياض بالوقوف وراء الهجوم الذي استهدف مبنى البرلمان الإيراني وتبناه تنظيم “داعش”.

وازدادت التوترات هذا الربيع؛ عندما دعا الرئيس “ترامب”، متحدثاً من الرياض، الدول الإسلامية إلى عزل إيران.

أميركا تلعب دوراً في خلفية العلاقات..

من جانبه، يرى السفير الصيني السابق لدى طهران, “هوا لي مينغ”, أن الموقف الإيراني يبدو أكثر إيجابية، في حين يعد الموقف السعودي متصلباً نسبياً. فالبنسبة لإيران، تعد أميركا العدو رقم واحد، وليست السعودية. لذلك فهي لا تأمل في تصعيد خلافها مع السعودية للتفرغ أكثر لخلافها مع أميركا. من جهة ثانية، تاريخياً لم تكن العلاقات بين السعودية وإيران معادلة لا تقبل القسمة على إثنين. فقد كانت السعودية وإيران حليفتان قبل الثورة الإسلامية، في إطار تحالف ثنائي مع الولايات المتحدة. ولم تتغير طبيعة العلاقات السعودية الإيرانية إلا بعد سقوط “الشاه”، وتأزم العلاقات الإيرانية الأميركية. لذلك، يمكن القول أن أميركا تعلب دوراً محورياً في خلفية العلاقات بين البلدين.

بسبب تغييرات الوضع الدولي والإقليمي..

الباحث بمعهد شنغهاي للدراسات الدولية, “لي واي غيان”، يرى أن بحث إيران والسعودية عن المصالحة يأتي في إطار تغيرات بيئة الوضع الدولي والإقليمي. بالنظر من الجانب الإيراني، أسهم إمضاء الإتفاقية النووية في إخراج إيران من عزلتها، كما عززت الحرب على “داعش” من موقع إيران في الشرق الأوسط، لذلك يمكن القول أن الوضع الإقليمي في صالح إيران.

على هذا الأساس، تسعى إيران في الوقت الحالي لتثبيت وتمتين الوضع الحالي، وسعيها لإصلاح العلاقات مع السعودية يأتي في هذا الإتجاه أيضاً.

مد غصن الزيتون..

أما بالنسبة للسعودية، فإن مد “غصن الزيتون” نحو إيران هي خطوة ضرورية. فمن جهة، تمر السعودية بوضع إنتقالي على المستويين السياسي والإقتصادي. وهذا الإنتقال يحتاج لبيئة حدودية وإقليمية مستقرة. من جهة ثانية، لم يعد هناك إصرار كبير من القوى العالمية على زيادة الضغط على إيران. ورغم أن “ترامب” قد زار السعودية، وألقى فيها خطاباً مليئاً بالعداء لإيران، لكن الحقيقية تثبت أن الوضع الداخلي في أميركا يبقى الشغل الشاغل لترامب. في ذات الصدد، تأثرت قدرة أميركا على قيادة الرأي العام في المجتمعات الغربية، وتعبأتها من أجل فرض العقوبات على إيران. وعلى ضوء ما تقدم، لم يعد بإمكان السعودية الآن الإعتماد على القوى الإجنبية لمجابهة إيران.

عقبتان رئيسيتان في طريق العلاقات..

عن تطور العلاقات بين البلدين بعد تبادل الزيارات الدبلوماسية، يرى “هوا لي مينغ” أن الزيارة الأولى لن تكون على مستوى رسمي عالي، ولن تكون ممثلة بوزير الخارجية. وستهدف الزيارات في البداية إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية، وإعادة فتح السفارة السعودية في طهران. وبالنسبة لإيران، ستسهل إعادة العلاقات الدبلوماسية حج المواطنين الإيرانيين إلى مكة.

ورغم أن خطوة إعادة العلاقات قد لا تكون أمراً صعباً بالنسبة للبلدين، إلا أنه من الصعب أن تتقدم العلاقات قدماً، نظراً لوجود عقبتين من الصعب على علاقات البلدين مجاوزتهما في المدى المنظور.

أولاً القضية السورية، والموقف من “بشار الأسد”. وثانياً، القضية اليمنية. ويبقى إحتمال توصل البلدين إلى توافق حول هاتين القضيتين أمراً صعباً في الوقت الحالي، نظراً لإختلاف خيارات كل طرف. وهو ما يعني بأن العلاقات بين البلدين ليست أمام منعرج حقيقي.

سيستمر صراع المصالح والنفوذ..

في ذات الصدد، يعتقد “لي واي غيان”, أن تبادل الزيارات بين السعودية وإيران يعد مؤشراً على تحسن العلاقات بين الجانبين.

لكن هذا لا يعني طي صفحة الماضي ودخول البلدين في مرحلة جديدة. أولاً، من غير المأمول أن ينجح الجانبان في معالجة التراكمات التي خلفها الصراع الطائفي والجيوسياسي بينهما. كما أن وضع العلاقات يبقى عرضة للتدهور نتيجة لأي أزمة طارئة. ثانياً، بعد أن دخل الوضع في الشرق الأوسط منعرجاً خطيراً منذ ما سمي بـ”الربيع العربي”، لم تتمكن المنطقة, إلى حد الآن, من تأسيس نظام سياسي إقليمي جديد. وقبل تشكل النظام الجديد، سيستمر الصراع بين البلدين حول المصالح والنفوذ، لكن بالتزامن مع هذا الوضع، ستتجه علاقات البلدين إلى النضج أكثر فأكثر.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب