12 مارس، 2024 1:34 ص
Search
Close this search box.

تعميها السياسة العربية .. ناسا “عيون السماء” لإنقاذ الشرق الأوسط من أزمات المياه

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتبت – لميس السيد :

على مدى ست سنوات، على الأقل، من السنوات العشر الماضية، لم ينمو اي محصول للمزارع “علي سعيد”، حيث كان المطر في شمال العراق شحيحاً جداً، تواصل “سعيد” مع أحد اقربائه وهو عالم حكومي في بغداد، بعد علمه بأن بعض المزارعين قد استغلوا “مخازن المياه الجوفية”، بدلاً من مياه الأمطار، وهو ما فعله قريب “سعيد”، الذي حدد منطقة بها طبقات من الصخور التي بها فتحات، والتي من خلالها قد تسربت مياه الأمطار، وساعدته في الزراعة بدلاً من انتظار موسم المطر.

رأت مجلة “نيوزويك” الأميركية في تقرير لها حول آثار أزمة المياه على مناطق الشرق الأوسط، وقدرة وكالة “ناسا” الفضائية على حل تلك الأزمة، أن الوكالة في استطاعتها إنتاج بيانات علمية ثمينة، من خلال تتبع الأنهار جليدية الذوبان لتحديد الرواسب المعدنية، بالنسبة للبلدان التي تفتقر إلى عيون في السماء، مثل العراق، فهي تمثل متجر لإنقاذ أوجه الحياة، من خلال 30 قمر صناعياً لرصد الملاحظات من الفضاء.

فوائد هائلة وراء صور “ناسا”..

من ضمن جميع التحديات التي واجهت تكنولوجيا “ناسا” على الأرض، هي تعلق آمال العلماء في الشرق الأوسط على صور الأقمار الصناعية التي تبثها الولايات المتحدة لتعزيز كفاءة استخدام المياه وإكتشاف موارد مائية إضافية. وفي الوقت الذي تتزايد فيه حالات الجفاف وتزداد أعداد السكان من “اليمن” إلى “المغرب”، يشير البعض إلى أن  الأقمار الصناعية قد تكون أفضل فرصة في المنطقة لتفادي وقوع كارثة جفاف.

“نحن بالفعل غير قادرين على إنتاج الكثير من المواد الغذائية التي نحتاجها.. إنها أزمة “، هكذا يقول “فاروق الباز”، مدير “مركز الاستشعار عن بعد” في جامعة بوسطن، والمستشار للرئيس المصري والعالم بوكالة “ناسا” الفضائية منذ فترة طويلة. وقد استغلت طبقات المياه الجوفية في “شبه الجزيرة العربية” بعد ان اضطرت بعض البلدان مثل “المملكة العربية السعودية” إلى إسقاط الكثير من قائمة المحاصيل الزراعية.

قالت المجلة الأميركية أن تقنيات “ناسا” أثبتت كفاءتها بشكل كبير في الشرق الأوسط، حيث لم تكن السلطات في “الأردن” على يقين من انواع المحاصيل المزروعة في أراضيها حتى مكنتهم صور الأقمار الصناعية من بناء خرائط المحاصيل الجوية. ومنذ ذلك الحين، بدأوا في زراعة النباتات كثيفة الاستخدام للمياه مثل “الأرز”.

وفي “لبنان”، حيث عطل النظام السياسي جمع البيانات (لم يكن هناك تعداد منذ الثلاثينيات خوفاً من الإخلال بالتوازن الطائفي)، سمحت صور الأقمار الصناعية للمسؤولين بتعويض النقص في المعلومات عن كل شئ بداية من التخطيط الحضري إلى مشكلات إساءة استخدام نظام الدعم الغذائي. وبعد تحليل الأراضي الزراعية في لبنان، قام “المجلس الوطني للبحوث العلمية” ببيروت بالكشف عن أن المزارعين يزرعون ما يقرب من نصف 20 ألف هكتار من “القمح”، ما جعل الحكومة تخفض دعم القمح بقيمة الثلثين.

أكدت “نيوزويك” على أن تكنولوجيا الفضاء هي القدرة على تنظيم أفضل لاستخدام المياه، وبالتالي تنمو المزيد من المحاصيل الغذائية مع موارد أقل، خلال “قياس درجة حرارة الحقل، وقياس كمية الرطوبة”، حيث ترى رئيس قسم التكيف مع نماذج تغير المناخ في المركز الدولي بدبي، “راشيل ماكدونيل”، أن بيانات الوكالة “تمكننا من وضع تنبؤات أفضل، ومعرفة مقدار الري المطلوب، والتنبؤ بأزمات الجفاف في البلاد”.

ولسوء الطالع، يبدو أن الشرق الأوسط، وهو بالفعل أكثر مناطق العالم جفافاً، وباستخدام برنامج “لاندسات” التابع لوكالة “ناسا”، تدعو “ماكدونيل” منظمات الإغاثة إلى إنشاء أنظمة للإنذار المبكر بالجفاف والمجاعة.

عقبات سياسية أمام استخدام صور الأقمار الصناعية..

بالرغم من كفاءتها، إلا أن صور الأقمار الصناعية تواجهها  بعض العقبات، ويمثل ذلك، إلى حد كبير، في أن العديد من الحكومات لم تعترف بعد بأهمية التكنولوجيا، حيث لا تصل البحوث الجيدة والبيانات المفيدة إلى صناع القرار السياسي، ويقول “شادي عبد الله”، الباحث في المركز الوطني للبحوث في لبنان: “إحدى المشاكل الكبيرة في المنطقة العربية برمتها هي أننا نستطيع أن نعمل بالعلم، ولكن الكثير منه يلقى حبيساً في الأدراج بفعل البيروقراطيين”.

وفيما يتعلق بالقضايا الأمنية، شهدت السبعينيات في “مصر”، حالة من التوجس إزاء الصور الفضائية عندما قام “الباز”، الذي كان يعمل حينذاك في مهمة “أبولو-سويوز”، بإحضار صور وكالة “ناسا” إلى مصر، حيث يرى البعض أنها شكل من أشكال التجسس، وحتى في عام 2015، رفضت السلطات في “القاهرة” بشكل غير مفهوم دخول اثنين من محللي البيانات الأميركية في وزارة الزراعة لمعاينة قراءات الأقمار الصناعية على الأرض.

أما في “المغرب” تسيطر وزارة الداخلية بشكل مباشر على “المركز الملكي المغربي للاستشعار عن بعد”، مما يجعل العديد من نتائجه غير متاحة للباحثين المستقلين. وقد وجد العلماء اللبنانيون أنه حتى عندما يحددون المشاكل عن طريق الأقمار الصناعية ، فإن نمو النباتات بالقرب من شمال البلاد، بالقرب من “سوريا”، حيث  تشهد حرباً أهلية، تمنع من الوصول إلى مناطق معينة لا يسمح بدخولها.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب