24 أبريل، 2024 10:51 ص
Search
Close this search box.

تظاهرات “فرجينيا” العنصرية .. ترسبات انتخابية أم طريق مجهول يساق إليه المجتمع الأميركي ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص – كتابات :

ماذا يحدث في أميركا ؟.. ولنكن أكثر دقة ماذا يحدث في ولاية “فرجينيا” الأميركية؟.. مظاهرات وصدامات تأخذ طابع العنصرية التي لم تخرج علانية إلى الشارع هكذا منذ عقود.

نعرات عنصرية تستمد قوتها من تولي “ترامب” السلطة في البيت الأبيض..

إذ فجأة تصاعدت النبرات العنصرية والاحتكاكات ضد غير الجنس الأبيض، وكأننا نعود إلى العصور الظلامية الأولى للولايات المتحدة التي كانت ترسخ للعبودية واستغلال “الجنس الأسود” أو أصحاب البشرة السمراء !

لا سبيل غير فرض الطواريء وحظر التجوال..

أخيراً كان لابد من فرض حالة الطواريء وحظر تجوال على مواطني “فرجينيا” في بعض المناطق, بعد خروج من يرفضون النعرات العنصرية إلى الشوارع من أجل التصدي لمن يدعمونها ومن يرفضون التواجد أو التعايش لكل من هو غير صاحب بشرة بيضاء !

مشاهد عنف في ولاية صوتت بأغلبية ساحقة لصالح “هيلاري كلينتون !

نعم مشاهد العنف باتت في أرجاء مدينة “شارلوتسفيل” بولاية فرجينيا, التي وللعجب فإنها ولاية صوتت لصالح “هيلاري كلينتون” في انتخابات الرئاسة أمام الرئيس “دونالد ترامب” بنسبة 86%.. فهل تُعاقب الولاية على تأييدها لكلينتون ؟

أم أن اليمين المتطرف وجد ضالته وما كان ينتظره من عقود, على يد “ترامب” الرئيس الأبيض الذي يبدو أنه يدعمهم من وراء ستار !

“KKK” المحرك الرئيس للأحداث عادت بعد عشرات العقود بقوة اعتراضاً على “السود”..

دعاة اليمين وأنصار منظمة “كو كلوكس كلان” أو “kkk”, وهي تجمع لليمنيين المتطرفين والذي يقوم على ترسيخ العبودية ورفض تحرير السود واستهداف حقوقهم المدنية، بل يرفض تواجد المهاجرين أصلاً وهدف أعضاء التجمع القضاء على وجود الأقليات في أميركا.. أشعلوا الموقف على الأرض بمجرد الإعلان عن اتجاه الولاية لرفع تمثال أحد المضطهدين الأوائل للسود من شوارعها.

نادت المنظمة المتطرفة إلى سمو العرق الأبيض المعتنق للمذهب البروتستانتي المسيحي على جميع الأعراق والمذاهب الأخرى.

الصليب المشتعل شعارها لمنح الصراع قوة عقائدية !

تتخذ تلك المنظمة من الصليب المشتعل رمزاً لها ويغطي أعضائها وجوههم، وأول تشكل لها كان في عام 1866, من قبل ما اصطلح عليه “المحاربين القدماء” في الجيش الكونفدرالي، ومهمة هذه المنظمة مقاومة ما يعرف بإعادة تأسيس ومعارضة تحرير العبيد عقب الحرب الأهلية الأميركية.

شبح جيش مليوني من المتطرفين.. صعود أوباما “الأسود” حفزه للعودة..

بدأت شعبية هذه المنظمة في التصاعد بقوة بعد عام 1915، إذ بلغ تعداد المنتمين إليها نحو 4 ملايين أميركي وقفزت إلى نحو 6 ملايين أميركي عام 1924، لتتراجع وبقوة في سبعينيات القرن الماضي وحتى عام 2006 إلى بضعة آلاف !

في أيلول/سبتمبر عام 1963, فجر متطرفون منتسبون للمنظمة “الكنيسة المعمدانية” في مدينة “برمنغهام” في ولاية “ألاباما” مما أدى إلى مقتل 4 فتيات, وفي تموز/يوليو عام 2015، اقتحم “دايلان رووف” أحد أعضاء المنظمة كنيسة في “كاليفورنيا” ما تسبب في مقتل 9 أشخاص وجرح 6 آخرون.

جرائم دموية… شنق السود وحرق مزارعهم وتفجير كنائسهم..

ارتكب أعضاء تلك المنظمة جرائم هزت المجتمع الأميركي, مثل تعليق وشنق السود وحرق منازلهم ومزارعهم وتفخيخ كنائسهم, وبلغ عدد ضحايا عملياتها, على أقل تقدير, نحو 3450 قتيلاً.

تصفية الزعيم للعودة إلى المشهد الأميركي مرة أخرى بحجة القصاص !

في 13 شباط/فبراير 2017 عثرت الشرطة على جثة زعيم المنظمة “فرانك إيكونا” قرب نهر بولاية “ميزوري”, وذلك جراء إطلاق نار على رأسه، وكأنها عملية تصفية على يد محترفين يبدو أن رغبة من أعطى لهم الأمر بقتله هي إعادة حشد صفوف المنظمة والمتعاطفين معها للعودة بقوة إلى المشهد الأميركي !

الخطاب التحريضي لـ”ترامب” أخرجهم إلى الشوارع.. الآن يجب أن تعود أميركا !

رغم مرور عشرات العقود على تواجد هذه المنظمة المتطرفة في أميركا وما تسببت فيه من أحداث، إلا أن السلطات الأميركية اتهمت بعدم الجدية في محاربتها والتي عادت للظهور في السنوات الأخيرة والترويج بأساليب مختلفة لخطابها وشعاراتها، وهو ما تزامن مع صعود لافت للخطاب الشعبوي قبل الانتخابات الأخيرة على يد “ترامب”.

إذ إنه, وفور الإعلان عن فوز “ترامب” في الانتخابات الرئاسية، أقامت المنظمة احتفالية لأعضائها في كارولينا الشمالية، بينما غرد أحد أبرز قادة و”منظري” المنظمة “ديفيد يوك”, على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر”, مرحباً بترامب, بقوله: “الآن يجب أن تعود أميركا”.. فهل كان يعني عودتها لمنظمتهم ولأفكارهم التي تحمل الكراهية والعنصرية لكل من هو غير أميركي أبيض ؟.. وهل هذا الدعم يُفسر تعامل “ترامب” غير الحاسم مع مظاهر العنف الأخيرة بفرجينيا ؟

“أوباما” السبب !

لقد ظن أغلب المتابعين للداخل الأميركي أنه بانتخاب “باراك أوباما” كرئيس أسود للولايات المتحدة تنتهي هذه النعرات العنصرية, وذهاب أفكار هذه المنظمة بلا عودة، لكن يبدو أنها حافظت على تطرفها ودعمت “ترامب” حتى تعود من جديد إلى المشهد.

نعم حفز وجود رئيس أسود لأميركا إلى عودة “KKK” للعلن والمطالبة بإستعادة السيطرة على أرض ترى ألا حق لأحد فيها سواهم.

بعد أن نجح مرشحها “دونالد ترامب” في الوصول إلى سدة الحكم في البيت الأبيض ظهرت في الأفق فرصة العودة بقوة.

إلا التمثال.. من وجه بإزالته الآن ؟

هي فئة تعتقد بتفوق العرق الأبيض اتخذت الشوارع وجهتها بأعداد كبيرة، خرجت للاحتجاج على إزالة تمثال لجنرال في الحرب الأهلية – “روبرت إي لي” – كان مؤيداً للعبودية في ولاية “فرجينيا”، لتندلع مواجهات بين أعضاء المنظمة “القوميين البيض” وأعضاء ممن يطلق عليهم “النازيون الجدد” وأميركيون لهم توجهات أخرى، لكن سؤالاً يجب طرحه: “من أعطى الأوامر بإزالة هذا التمثال الآن وما هدفه ؟”.

لتتحول الشوارع إلى صدامات ويحمل كل مشارك فيها عصاه وخوذته, وربما درعه الذي يحمي به نفسه، وكأنها تحولت إلى ساحات نزال أو حلبة مصارعة شعبية !

وتقتل امرأة ويصاب آخرون في الـ13 من آب/أغسطس 2017، عندما صدم أحدهم حشداً من المعارضين لمسيرة اليمينين المتطرفين فيتأزم المشهد أكثر !

رائحة التاريخ العبودي تعود من جديد لشوارع “فرجينيا”..

لمن لا يعرف، فإن الحرب الأهلية الأميركية نشبت في الفترة من (1861 – 1865) بين الولايات الشمالية والجنوبية بسبب الرق أو العبودية واضطهاد السود، وفي النهاية استسلمت قوات الكونفيدرالية الجنوبية، التي أيدت العبودية إلى جيش الوحدة، وألغيت العبودية, لكن يبدو ان أفكارها لازالت متجذرة إلى الآن.

إذ باتت الأعلام رمزاً حاضراً لأصحاب الفكر العنصري الكاره لكل من هو غير أبيض، يرفعونها في كل مناسبة للتأكيد على تواجدهم وعودتهم مرة أخرى.

الحق في التعبير عن الرأي ليس مبرراً لممارسة العنف.. تصريحات لم يجرؤ “ترامب” على ذكرها !

في مشهد “فرجينيا”، أخيراً خرج “تيري ماكولايف” حاكم ولاية فيرجينيا ليعلق على الأحداث بقوله إن الأحداث والخطاب الذي تشهده مدينة “تشارلوتسفيل” على مدار 24 ساعة الماضية أمر غير مقبول، ولابد أن يتوقف. فالحق في التعبير عن الرأي ليس حقاً في ممارسة العنف، ثم وجه صفعة لجماعة “KKK” بتأكيده على أنه لا مكان لجماعات تفوق الجنس الأبيض هنا أو في أميركا كلها، وهي تصريحات لم يجرؤ “ترامب” نفسه على قول مثلها !

فاتورة “ترامب” عليه أن يسددها بعدم التعرض للمتطرفين البيض الجدد !

بينما وصف “مايك سيغنر”، عمدة “تشارلوتسفيل”، المظاهرات بأنها “موكب للكراهية والتعصب، والعنصرية، وعدم التسامح”، في مقابل ما ذكره “ترامب” بنبرة “مائعة” من أنه على الأميركيين أن يكونوا كياناً واحداً غير ممزق، فهل هذا ما يعنيه الرجل حقاً أم أنها إشارة دعم مبطنة للقوميين البيض الذين دعموه بشدة في الانتخابات الرئاسية وحان وقت تسديد الفاتورة لهم ؟!

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب