26 أبريل، 2024 3:05 م
Search
Close this search box.

بعد السعودية .. “الصدر” في الإمارات مطبعاً العلاقات العربية لصد التوغل الإيراني

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعد أقل من أسبوعين على زيارته للسعودية، وفي تحول لافت للعلاقات بين أحد الأطراف الشيعية العراقية والدول الخليجية، توجه الزعيم الشيعي العراقي البارز “مقتدى الصدر”, الأحد 12 آب/أغسطس 2017, إلي دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعوة رسمية من الأخيرة، على متن طائرة خاصة أرسلتها الإمارات لنقله ذهاباً وإياباً.

واستقبله ولي عهد أبو ظبي “محمد بن زايد آل نهيان” في قصر الشاطئ بالعاصمة الإماراتية، وناقش معه عدداً من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك.

يجب أن يلعب العراق دوره على الساحة..

أكد الشيخ “محمد بن زايد”, خلال حديثه مع “الصدر”, على أهمية استقرار وازدهار العراق والتطلع لأن يلعب دوره الطبيعي على الساحة العربية بما يعزز أمن واستقرار العالم العربي، مشدداً على أن دولة الإمارات تاريخياً مدت يدها إلى الشعب العراقي الشقيق، مثمناً مساهمة الجالية العراقية الشقيقة في النهضة المباركة التي ارتبط بها اسم الإمارات.

وهنأ الشيخ “محمد بن زايد” مجدداً بالانتصار الكبير على إرهاب “داعش”، مؤكداً على أهمية استثمار هذه اللحظة للبناء الوطني الذي يجمع كل العراقيين.

تحرك ثلاثي خليجي نحو العراق..

من جانبه، كشف وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتية، “أنور قرقاش”، الاثنين 14 آب/أغسطس الجاري، عقب زيارة “الصدر”, عن تحرك ثلاثي خليجي تجاه العراق، قائلاً في تغريدات له على حسابه الشخصي على موقع التدوين القصير “تويتر”: إن “التحرك الواعد تجاه العراق الذي يقوده الأمير محمد بن سلمان بمشاركة الإمارات والبحرين مثال على تأثير دول الخليج متى ما توحدت الرؤية والأهداف”.

مضيفاً: أن “استقبال محمد بن زايد لمقتدى الصدر جزء من التواصل الخليجي مع العراق، بدأنا كمجموعة مرحلة بناء الجسور والعمل الجماعي المخلص”.

دلالات مهمة..

لفت “قرقاش” إلى أن “تصريح محمد بن زايد بعد لقائه مع مقتدى الصدر له دلالات مهمة، طموحنا أن نرى عراقاً عربياً مزدهراً مستقراً، التحدي كبير والجائزة أكبر”.

وأشاد “قرقاش”، بدور المملكة العربية السعودية في التواصل العربي والانفتاح على العراق، وخصوصاً في مرحلة ما بعد إرهاب “داعش”، قائلاً: إن “انتقاد الإعلام الإيراني لزيارة مقتدى الصدر إلى السعودية يؤكد ضرورة الاستمرار في الانفتاح على العراق”، لافتاً إلى أن “الطريق وعر ولكن البعد العربي يتطلب ذلك”.

دور الرياض محوري..

مضيفاً الوزير الإيراني أن “التواصل العربي ضروري، ودور الرياض محوري في مرحلة ما بعد إرهاب داعش”، مشيراً إلى أن “المشهد معقد ولكنه لن يستعصي أمام توجه مشترك يدعم استقرار وازدهار العراق”.

تشابه وجهات النظر مهد الطريق للزيارة..

يغضب هذا التوجه إيران كثيراً. وتقول مصادر عراقية إن التشابه الكبير في وجهات النظر الذي عكسته زيارة “الصدر” إلى الرياض مهّد الطريق لزيارته إلى أبوظبي تمهيداً لبناء ثقل خليجي جديد في بغداد.

وتأتي زيارة “الصدر” إلى الإمارات بعد نحو أسبوعين على زيارة مماثلة إلى السعودية تهدف بالأساس إلى استعادة العراق إلى الحضن العربي بعد تغول إيراني على المشهد السياسي العراقي منذ الغزو الأميركي عام 2003.

إرساء التوازن في علاقاته العربية الإقليمية..

يرى مراقبون أن العلاقات التي ينسجها “الصدر” مع الدول العربية، خصوصاً دول الخليج، ستساعد العراق في إرساء توازن في علاقاته العربية والإقليمية، وتدعم “الصدر” نفسه في تشكيل تحالف عابر للطوائف في الداخل لخوض الانتخابات.

خطأ استراتيجي يجب تصحيحه..

كما أن الإمارات استنتجت أن الغياب العربي, وخصوصاً الخليجي, عن الساحة العراقية في السنوات التي تلت الغزو الأميركي للعراق، خطأ استراتيجي وجب تصحيحه. وانطلاقاً من هذا التحليل ترى الإمارات أنه بات تحصين العراق عربياً من التدخلات الإيرانية التي أضرت بأمن ومصالح دول المنطقة, أمر حتمي تفرضه المتغيرات الجيوسياسية .

كما أنها تحاول إبعاد المشاهد التي تكررت في الوطن العربي بكل ما تحمله من خسائر بشرية ومادية عن أرضها ومحيطها.

خطاب ديني وإعلامي معتدل يدعو إلى التعايش السلمي..

كان “الصدر” قد أعرب عن رغبته في إزالة التوتر الطائفي والسياسي من المنطقة خلال زيارته للسعودية. وأفاد مكتب “الصدر”، في بيان، عن زيارته للسعودية ولقاء ولي العهد السعودي الأمير “محمد بن سلمان” للمرة الأولى، بأن الجانبين اتفقا على “تبني خطاب ديني وإعلامي معتدل يدعو للتعايش السلمي والتعاون والمصالح المشتركة بين البلدين والشعبين، إلى جانب مناقشة العلاقات الثنائية مع دول الجوار والتأكيد على استقرار المنطقة”.

انتقادات إيرانية.. وتهديدات بالاغتيال..

قوبلت زيارة “الصدر” تلك للسعودية بارتياح سياسي وشعبي عام، لكن تنظيمات مقربة من إيران وجهت إليه انتقادات شديدة. وظهر زعيم تنظيم (جيش المختار) “واثق البطاط”, الذي يعتقد بأنه قصف مخافر حدودية سعودية، في شريط مصور ليهدده بالقتل.

انتقاد قطري..

حول الاستقبال الحافل للصدر بالإمارات، نشر الشيخ “فيصل بن جاسم آل ثاني”، الذي ينتمي للأسرة الحاكمة في قطر، تغريدة على صفحته في موقع “توتير”، متسائلاً: “لماذا يُستقبل الصدر، ويُجرم استقبال قادة الاخوان المسلمين ؟”.

وقال الأمير القطري، “لماذا (الإسلام السياسي السني) مرفوض و(الإسلام السياسي الشيعي) مقبول ؟.. ملوك الطوائف”.

بمثابة الحضور العربي للعراق..

حول الزيارة يعلق الصحافي العراقي “هاشم الشماع”, قائلاً لـ(كتابات), أن زيارة السيد “مقتدى الصدر” إلى الإمارات بدعوة من الأخيرة جاءت بسبب عودة العراق إلى الواجهة العربية وعدم الإمكان تخطيه في القضايا الشرق أوسطية, خاصة بعد الانتصارات التي حققها على أرض المعركة ضد “داعش”.

مضيفاً “الشماع”, أن هذه الزيارات هي بمثابة الحضور العربي في العراق بعد القطيعة التي دامت لسنوات, مما أحدث فراغاً كبيراً في الساحة، وأنه تمت الدعوة للسيد “مقتدى الصدر” لأنه زعيماً معتدلاً وله صوت رشيد وإرث كبير وقاعدة واسعة تؤهله ليكون لاعباً إقليمياً يقرب وجهات النظر الإقليمية ويحدث توازناً كبيراً في المنطقة.

لا تعني قطع علاقته بإيران..

حول ما يدور عن أن هذه الزيارات, هي بمثابة الابتعاد عن المحور الإيراني, يقول “الشماع”, أن هذا لا يعني أنه قطع علاقته بإيران أو يقلل من المصالح بينها وبين العراق, بل بالعكس السيد “مقتدى الصدر” علاقته متوازنه مع جميع الأطراف, وربما سيعلب دوراً كبيراً في إنهاء ملفات الشرق الأوسط, لا سيما الخليجية, بطرق سلمية ترضي الجميع.

إعادة لخريطة التحالفات في المنطقة..

فيما قال الباحث السياسي “أشرف عمارة”, أن زيارة الزعيم العراقي “مقتدى الصدر” إلى الإمارات بعد زيارته الأخيرة منذ أسابيع قليلة للمملكة العربية السعودية, تعكس الإجراءات التي تتخذ على الأرض في الوقت الحالي, ومدى التجهيز لترتيبات تنبئ عن وجود إعادة لخريطة التحالفات في المنطقة وفقاً لخريطة تضم حلفاء جدد, حتى وإن كانوا في وقت سابق ألد الأعداء.

التصدي للتوغل الإيراني..

ألمح “عمارة” إلى أن الثلاثي العربي, وهم: “مصر والسعودية والإمارات”, تمكنو من تحقيق تقدم ملحوظ على الأرض خلال الفترة الأخيرة, فمصر تمكنت في وقف المد الإخواني في المنطقة بعد ثورة 30 حزيران/يونيو 2013, كما عرقلت “عاصفة الحزم”, رغم الأخطاء الميدانية الكبيرة ونفوذ إيران في اليمن، مؤكداً على أن الخليج فتح الباب لزيارة الزعيم العراقي الشيعي “مقتدى الصدر” يأتي في إطار التصدي للنفوذ والتوغل الإيراني في المنطقة خاصة في الخليج.

تطبيع العلاقات مع دول الجوار..

يعتقد المحلل السياسي والاستراتيجي العراقي “أحمد الشريف”, إن هناك رغبة عراقية “في تطبيع العلاقات اجتماعياً وسياسياً” مع دول الجوار.

ويعتقد مراقبون أن “الصدر” يرغب في تقارب مع الدول السنية على حساب العلاقة مع طهران، لكن “الشريف” يعلق بإنه يجب أن “يُحسن الظن” بتحركات القيادي الشيعي في مسألة التقارب مع دول السنة بالخليج.

ويضيف بقوله: “لو كان نشاطاً لمقتدى الصدر فقط, لقلنا إنه يبحث عن تمحور جديد، ولكن كانت قبله زيارة من وزير الداخلية”.

تأمين موارد لإعادة الإعمار..

مشيراً “الشريف” إلى أن جولة “الصدر” الخليجية ستساعد في إحداث توازن وتنويع في علاقات العراق في المنطقة.

مضيفاً أن لزيارة “الصدر” هدفاً سياسياً آخر, وهو “تأمين موارد لإعادة الإعمار عبر التواصل الإقليمي”.

ما يمثله “الصدر” على الساحة العراقية..

يمثل “الصدر” ثقلاً سياسياً ومذهبياً كبيراً في العراق، ويصنف بأنه يقف على الحافة من مئات القوى التي تدور في فلك إيران، إذ يملك مساحة لافتة من الاستقلالية عن طهران، كما يتمتع بتأييد شعبي واسع، خصوصاً في محافظات جنوب العراق وبعض أحياء بغداد.

ويتزعم “مقتدى الصدر” التيار الصدري الذي يشغل 34 مقعداً في البرلمان، فضلاً عن فصيل مسلح يحمل اسم “سرايا السلام”، وهو واحد من فصائل “الحشد الشعبي” الذي يقاتل إلى جانب القوات العراقية ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.

وينظر إليه الآن باعتباره زعيماً بارزاً يطالب بالاحتجاج على “فساد الحكومة” العراقية، وخرج أنصاره في مظاهرات ضخمة في بغداد مطالبين بإصلاح النظام الإنتخابي.

زعزعة الهيمنة الأميركية بدعم أميركي..

تقود السعودية والخليج خصوصاً جهود زعزعة الهيمنة المطلقة لإيران على بغداد, عبر إعادة “تعريب” الطبقة السياسية الشيعية في العراق، وفكّ قبضة طهران التي ظلت محكمة على التوازنات الاجتماعية هناك منذ الغزو الأميركي عام 2003.

وتحظى الرؤية الخليجية بدعم أميركي ضمن توجه إدارة الرئيس “دونالد ترامب” الجديدة لتقليص النفوذ الإيراني في المنطقة. ويتوافق مسؤولون خليجيون وأميركيون على أنه لا حلّ للمسألة الإيرانية في الشرق الأوسط من دون البدء بحلحلة معضلة بغداد أولاً.

وتحسنت العلاقات بين العراق والسعودية في الأشهر الأخيرة، حيث يتبادل المسؤولون في البلدين الزيارات بعد عقود من التوتر.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب