20 أبريل، 2024 6:36 م
Search
Close this search box.

“إنداري” .. علاج جديد للأنيميا المنجلية يقلل من مضاعفات المرض !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – أماني الجبالي :

وافقت مؤخراً “هيئة الغذاء والدواء الأميركية” على عقار جديد, يطلق عليه “إنداري”, لعلاج مرضى “أنيميا الخلايا المنجلية” الذين تتراوح أعمارهم بين خمس سنوات وكبار السن، وهو عبارة عن مسحوق “غلوتين” يتم تناوله عن طريق الفم، للحد من المضاعفات الحادة المرتبطة باضطرابات الدم، وتم دراسة فعاليته في تجربة عشوائية لمرضى الخلايا المنجلية الذين لديهم عرضين أو أكثر من الأزمات المؤلمة، وتم تقييم تأثير العلاج على مدى 48 أسبوعاً، وكانت أبزر النتائج، زيارات أقل للمستشفى لعلاج الألم الذي يعالج بالمخدر أو “الكيتورولاك” الذي يدار بالحقن، بالنسبة للمرضى الذين تم علاجهم بالعقار مقارنة بالمرضى الأخرين، بجانب حدوث عدد مرات أقل لنوبات “متلازمة الصدر الحاد”.

ويعتبر هذا العلاج الأول للمرض, الذي تم الموافقة عليه منذ ما يقرب من 20 عاماً، وللعقار الجديد آثار جانبية منها: “الإمساك، والغثيان، والصداع، وآلام في البطن، والسعال، وآلام في الأطراف، وآلام الظهر وألم في الصدر”، ووفقاً للمعاهد الوطنية للصحة، فإن ما يقرب من 100 ألف شخص في الولايات المتحدة لديهم المرض، ويتعرض له في معظم الأحيان الأميركيين من أصل إفريقي واللاتينيين ومجموعات الأقليات الأخرى، كما أن متوسط العمر المتوقع للمرضى في الولايات المتحدة ما يقرب من 40 إلى 60 عاماً.

عضو الجمعية المصرية لأبحاث السرطان وعضو الجمعية الأوربية لأمراض الدم، “د. أحمد سامي”, يوضح في حديثه لـ(كتابات), أن “الأنيميا المنجلية” تحدث نتيجة خلل وراثي يجعل كرات الدم الحمراء شاذة الشكل وقصيرة العمر، وبالتالي تأخذ الكريات شكل منجل الحصاد أو الهلال مما يجعل وصول الأكسجين والدم إلى الأنسجة والأعضاء بشكل غير كافي، ويعاني المريض انسداد الأوعية الدموية والآلام، وأحياناً تؤدي إلى تلف الأنسجة والأعضاء، وقد تؤدي بعض الحالات إلى الوفاة، ويمكن تشخيص المرض معملياً عن طريق عدة تحاليل منها: “تحليل صورة الدم الكاملة وتحليل تمنجل الدم وتحليل الفصل الكهربي للهيموغلوبيين”.

ونصح عضو الجمعية الأوربية لأمراض الدم، المريض بضرورة تناول بعض الأطعمة التي تحتوي على الحديد مثل “الكبدة”, وعلي الخضروات مثل “السبانخ”، وذلك لتعويض نقص الحديد، ويستخدم دواء “الهيدروكسي يوريا” إذا كان المرض شديداً، وذلك لمنع حدوث الأزمات خصوصاً التي تتعلق بالجهاز التنفسي مثل ضيق التنفس، وقد يتم استخدام بعض المسكنات مثل “المورفيين” تحت الإشراف الطبي، حيث أن نقص الأكسجيين يجعل المريض يشعر بالألم.

مضيفاً أنه يتم علاج “الأنيميا المنجلية” المصاحبة للأزمات بنقل الدم, وذلك لتعويض النقص والسيطرة على المرض، وقد يتم أيضاً زراعة النخاع لعلاج بعض الحالات، وقد يتم العلاج باستخدام الخلايا الجذعية في بعض الحالات من خلال استخراج الخلايا الجذعية للدم ثم إضافة نسخة سليمة للجين المعيب, وبذلك يتم إنتاج كرات دم سليمة، أما العلاج الجديد “إنداري” يضاف إلى سلسلة هذه العلاجات.

فقر الدم.. والانيميا المنجلية..

“فقر الدم” عبارة عن حالة مرضية تتميز بانخفاض عدد كريات الدم الحمراء القادرة على أداء وظيفتها بنقل الأكسجين والغذاء إلى جميع أنحاء جسم الإنسان بشكل سليم، وتنتج هذه الحالة بشكل عام عن عدم كفاية إنتاج كريات الدم الحمراء، أو فقدان الدم نتيجة النزيف، أو التحطيم المفرط لكريات الدم الحمراء، أما “الأنيميا المنجلية” تكمن مشكلته في عدم قدرة نخاع العظم, في جسم المريض, على إنتاج كريات دم حمراء طبيعية نتيجة خلل في تكوين “الهيموغلوبين”، وتكون هذه الخلايا غير الطبيعية أكثر قابلية للتكسر والتحلل مما ينتج عنه حالة فقر الدم، وقد تعيق خلايا الدم مرور الدم خلال الشعيرات الدموية، وتسد عروق الدم فتسبب آلاماً شديدة في العظام خاصة عظام الأطراف والظهر.

وينتشر المرض بشكل واسع في كافة أنحاء العالم, إلا أن أعلى معدلات الإصابة به سجلت في منطقة إفريقيا بشكل عام، ومنطقة الخليج العربي واليمن وجنوب شرق السعودية، وقد وصلت نسبة المصابين به في بعض محافظات السعودية إلى 30% من عدد سكانها، كما يعانى منه شريحة كبيرة من دول حوض البحر المتوسط, وقد يكون دون علم منهم، كما تشير التقديرات إلى أنه يولد فى كل عام من العالم 300 ألف طفل مصاب بالمرض, حتى ولو أن والديهم من الأصحاء, ومعظمهم داخل بلدان منخفضة أو متوسطة الدخل، كما أن هناك 5% من سكان العالم تقريباً يحملون خلايا جينية لإضطرابات “الهيموغلوبين” التي هي أصل مرض الخلايا المنجلية من الدرجة الأول.

ويعتبر العامل الوراثي هو المسبب الأول والأخير لحدوث المرض، حيث ينتقل من الأبوين المصابين أو الحاملين لعوامل المرض في جيناتهم إلى بعض أطفالهم، ويمكن اكتشافه عن طريق فحص الدم الروتيني بعد ولادة الطفل، كما يمكن أن تُكتشف قبل الولادة عن طريق فحص “الماء الأمنيوسي” المحيط بالجنين في رحم الأم.

أعراض المرض..

تبدأ أعراضه بعد بلوغ الرضيع أربعة أشهر، وتشمل نوبات متكررة من الألم في أجزاء مختلفة من الجسم مثل “آلام البطن أو المفاصل، التهابات متكررة”، بجانب أعراض “سوء التغذية وقصر القامة وبطء النمو”، قد تصل إلى تشوهات في العظام، ومشاكل في الرؤية، كما يعاني المصابين بالمرض من فقر دم مزمن، وتدني نشاط المريض وعدم قدرته على ممارسة الأنشطة اليومية العادية، وألم حاد في المفاصل والعظام، وتجلطات بسبب الانسدادات في الأوعية الدموية، وتضخم في الطحال، وتكسر مفاجئ في خلايا الدم.

كما يستدل عليه عن طريق حدوث اصفرار عيني المريض إلى درجة ملحوظة وانخفاض شديد في “الهيموغلوبين”، ومشاكل في القلب بسبب زيادة العبء الواقع على هذه العضلة الناتج عن حدوث فقر الدم، ومن أهم هذه المشاكل تضخم عضلة القلب وعدم انتظام في دقات القلب، وزيادة احتمال إصابة المريض بالأمراض المعدية نتيجة عمليات نقل الدم المتكررة.

العلاج..

لا يوجد علاج شاف بذاته, إلا أن كافة العلاجات المستخدمة تهدف إلى تقليل حدة الأعراض الجانبية للمرض، مثل الأدوية المسكنة للألم ونقل الدم والعلاج بعقار “الديسفيرال”، وقد تجرى عملية زرع النخاع لبعض المرضى, ويعتمد على وجود متبرع يفضل أن يكون من أشقاء أو شقيقات المريض لضمان التطابق النسيجي والخلوي (100%) بين المتبرع والمريض، وتزداد فرص نجاح العملية عند المرضى الذين لا يعانون من ترسب الحديد أو تضخم الكبد والطحال، وقد وصل الأمر فى بدء بعض المراكز العالمية بإجراء عمليات نقل وزراعة نخاع عظم سليم للجنين المصاب داخل رحم أمه بدل من إجهاضه، مما يشجع على مثل هذه العملية ندرة رفض جسم المريض للنخاع المزروع، وهو أسلوب علاج يواجه الكثير من الصعوبات، نظراً لثمنه الباهظ، ولعدم توفر متبرع بالنخاع فى كل وقت، ولعدم ملائمة معظم النخاعات لبعضها ومشكلات طبية أخرى تقف عائقاً أمام تطبيقه على نطاق واسع.

وقد توصل سابقاً فريق من أطباء الأطفال الفرنسيين, برئاسة الدكتورة “مارينا كافازانا”, في مستشفى “نيكر” الفرنسية للأطفال, إلى علاج جيني للمرض الوراثي للأشخاص ذوي البشرة الملونة في جنوب إيطاليا وشمال إفريقيا واليونان والشرق الأوسط، وقد تمكن العلاج الجيني من إنتاج “هيموغلوبين” طبيعي مما يساعد المريض على التخلص من عمليات نقل الدم الشهري والآلام المبرحة وسد الأوعية الدموية الصغيرة، كما يعطي هذا العلاج أملاً في عملية زرع النخاع لعلاج هذا المرض الوراثي في الدم, والذي يصيب 50 مليون شخص في العالم ونحو 30 ألف مريض في فرنسا.

الزواج وإنجاب الأطفال..

يعتبر الزواج من أهم العقبات التي يواجهها المريض نظراً لطبيعة المرض, فهو وراثي خطير وينتقل للأطفال بسهولة، فهناك الشخص “الحامل للمرض”، وهو المريض الذي يحمل صفة المرض ولكن لا تظهر عليه أعراضه، ويمكن التعرف عليه عن طريق فحص بسيط للدم، وهذا الشخص يمكنه الزواج من شخص سليم وإنجاب أطفال أصحاء، ولكن الخوف يكمن في زواجه من شخص مصاب أو حامل للمرض مثله، حيث انه إذا تزوج من حامل للمرض يصبح احتمال إنجابه لأطفال مصابين بالمرض 25%، أما إذا تزوج من مصاب فإن احتمال إنجابهما لطفل مصاب بهذا المرض 50%، كما ينطبق هذا الوضع أيضاً على الشخص “السليم”، الذي لا يحمل صفة المرض من الأساس ويمكنه الزواج كذلك وإنجاب أطفال أصحاء، سواء تزوج من مصاب بالمرض أو حامل له.

أما النوع الثالث، “المصاب”، وهو من تظهر عليه علامة المرض بشكل واضح، ويمكنه الزواج من شخص سليم وإنجاب أطفال أصحاء, حيث أن احتمال إنجابه لأطفال مصابين في مثل هذه الحالة هو صفر%، هذا بالطبع مع احتمال أن يكون بعض أطفاله حاملين للمرض غير مصابين به، أما في حال زواجه من شخص حامل للمرض أو مصاب مثله حينها يكون أطفاله عرضة للإصابة بهذا المرض؛ ففي حال زواج شخصين مصابين بالمرض تكون نسبة إنجابهما لأطفال مصابين 100%, أما إذا تزوج حامل المرض من شخص مصاب فإن احتمال إنجابهما لطفل مصاب بالمرض هو 50%.

طرق التعايش..

يمكن علاجه بتدابير بسيطة لمنع تكرار المضاعفات وتدهور الحالة الصحية، منها: “تناول مقادير كثيرة جداً من السوائل، إتباع نظام غذائي صحي، ممارسة الرياضة المنتظمة، اللجوء للراحة، تناول الأدوية المضادة للألم بانتظام، تناول حبوب “حمض الفوليك” للمساعدة في علاج حالات فقر الدم”، كما تحتاج بعض الحالات لاستخدام مسكنات للألم ذات مفعول أقوى، مثل “المورفين والميبريدين” وغيرها، ينبغي الحرص على أخذ اللقاحات الروتينية، خصوصًا للأطفال المصابين، وكذلك اللقاحات الموسمية سنويًّا كلقاح الأنفلونزا لمنع الإصابة بالعدوى.

الوقاية..

تكون الوقاية من هذا المرض مبكراً, بإجراء فحوصات ما قبل الزواج حتى يساعد على الحد من انتقال المرض بين الأجيال؛ حيث تظهر التحاليل الطبية احتمال وجود جينات مصابة بخلل لدى المرأة أو الرجل، خصوصاً الذين لا تظهر عليهم الأعراض المرضية، وينصح بإجراء هذا التحليل لكل من له أصول عرقية بمنطقة الخليج العربي وجنوب السعودية واليمن والمناطق الشمالية الغربية من السعودية.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب