25 أبريل، 2024 9:45 ص
Search
Close this search box.

إسرائيل .. تكشف أسباب “عقم” وتشيخ المجتمع الإيراني !

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – سعد عبد العزيز :

في ظل عالم يتجه بخطى ثابتة نحو الشيخوخة، تسعى الدول المتقدمة بشتى السبل إلى تشجيع النسل لتحافظ على حيوية مجتمعاتها وقدرتها على مواجهة التحديات وتلبية ضروريات الحياة. وقد أدركت الدولة الإيرانية مؤخراً أهمية ذلك، فاتخذت من الإجراءات الحكومية والخطوات المجتمعية ما سعت به لمحو الآثار العميقة لسياسات تحديد النسل. وفي هذا الصدد نشر موقع “منتدى التفكير الإقليمي”، مقالاً للكاتب والباحث الاجتماعي “راز تسيمت” يرصد فيه نتائج آخر تعداد سكاني إيراني جرى في العام 2016، ويقارن بين السياسات السكانية القديمة والجديدة للدولة الإيرانية ومدى نجاح السياسات الجديدة، ثم يستشرف عواقب الاتجاهات الديموغرافية الحالية للمجتمع الإيراني.

نتائج التعداد السكاني الأخير..

يستهل الباحث الإجتماعي تسيمت مبحثه بقوله: “في منتصف شهر آذار/مارس 2017، عشية العام الفارسي الجديد، نشر مركز الإحصاء الإيراني نتائج التعداد الأخير الذي أجري في أيلول/سبتمبر 2016، أي بعد خمس سنوات من التعداد السابق. ووفقاً لنتائج التعداد الجديد، بلغ عدد سكان الجمهورية الإيرانية قرابة 80 مليون نسمة – أي بزيادة قدرها 4.8 مليون نسمة عن العام 2011 – حيث بلغ عدد الذكور 40.4 مليوناً، وعدد الإناث 39.4 مليوناً. وتشير البيانات إلى زيادة التمدد الحضري بنسبة 2.7% حيث أصبحت نسبة ساكني المدن 74٪، ونسبة ساكني الريف 26٪”.

مضيفاً: “بينما يبلغ عدد الأسر الإيرانية حالياً 24.1 مليون أسرة، تظهر نتائج التعداد أن متوسط عدد أفراد الأسرة الحضرية انخفض من 3.5 فرد في 2011 إلى 3.3 فرد في عام 2016، وأن متوسط عدد أفراد الأسرة الريفية انخفض من 3.7 فرد إلى 3.4 فرد. كما تظهر نتائج الإحصاء أن الأسر المكونة من خمسة أفراد فيما أكثر انخفضت نسبتها بشكل ملحوظ من 21٪ إلى 15٪ فقط، بينما الأسر المكونة من أربعة أفراد قد ارتفع نسبتها من 26.3٪ إلى 27.6٪، وكذلك الأسر المكونة من ثلاثة أشخاص ارتفعت نسبتها من 27.1٪ إلى 28.5٪، كما ارتفعت نسبة الأسر المكونة من شخصين من 18.4٪ إلى 20.7٪، وأخيراً ارتفعت نسبة الأسر ذات شخص واحد من 7.1٪ إلى 8.5٪”.

المجتمع الإيراني يخطو نحو الشيخوخة..

وبحسب الكاتب فإن البيانات تشير إلى استمرار انخفاض المعدل السنوي للنمو السكاني من 1.29٪ بين عامي 2006 و2011 إلى 1.24٪ في العام 2016 موزعة كالتالي: 1.97٪ في المدن و0.73٪ في القرى. وبينما تزال الجمهورية الإيرانية تتمتع بارتفاع نسبة الشباب بين سكانها، إلا أن الإحصاءات تظهر تسارعاً في مسيرة تشيُّخ المجتمع، حيث انخفضت نسبة مَن تقل أعمارهم عن 30 عاماً إلى 49.1% في مقابل 55٪ في عام 2011، بينما ارتفعت نسبة من تزيد أعمارهم على 65 عاماً إلى 6.1٪ في مقابل 5.7٪ في التعداد السابق.

تاريخ السياسات السكانية في إيران..

يقول تسيمت: إن التعداد السكاني لعام 2016 هو التعداد الأول الذي أُجري في إيران منذ أن أعلن المرشد الإيراني الأعلى السيد “علي خامنئي” في صيف 2012 عن تغيير سياسة تنظيم النسل. فمنذ قيام الثورة الإيرانية في عام 1979، مرت سياسة تنظيم النسل بتغييرات حادّة, فبعد الثورة تم تعليق العمل بخطة “تنظيم الأسرة” التي اعتُمِدت رسمياً في صيف عام 1967 بهدف الحد من معدل الزيادة الطبيعية للسكان. وبعد فترة وجيزة من الثورة أفتى آية الله “الخميني” أنه لا مانع شرعياً من استخدام وسائل منع الحمل، ولكن سرعان من حُلَّ “المجلس التنفيذي لتنظيم الأسرة”، وأُغلقت أعداد كبيرة من مراكز تنظيم الأسرة، وظلت وسائل منع الحمل غير متوفرة.

ويضيف الكاتب الإسرائيلي : “في النصف الثاني من الثمانينيات زاد الوعي بالآثار الاقتصادية والاجتماعية للنمو السكاني غير المنضبط، على إثر ذلك تبنت الدولة في كانون الأول/ديسمبر 1989 خطة تهدف للتقليل من حالات الحمل والأطفال. وفي إطار هذه الخطة وافق البرلمان الإيراني في عام 1993 على قانون تنظيم الأسرة الذي كانت أبرز بنوده إلغاء الحوافز المالية للأسر الكبيرة، في مقابل زيادة المساعدات للأسر الصغيرة. كما شملت الخطة إطلاق حملات توعية في المؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام، وإنشاء مراكز طبية لتقديم خدمات تنظيم الأسرة، كما قامت الدولة بتشجيع استخدام وسائل منع الحمل، ودعم الجراحات المؤدية للعقم، وجعل الحصول على دورة توعوية بوسائل منع الحمل شرطاً أساسياً لاستخراج رخصة الزواج. وبذلك حقق استئناف سياسة تحديد النسل نجاحاً كبيراً، حيث انخفضت معدلات الإنجاب في منتصف التسعينيات إلى 1.2٪، مقارنة بأكثر من 4٪ في منتصف الثمانينيات.

خامنئي يدعو إلى تصحيح المسار..

يعتقد “تسيمت” أن الأمور ظلت كما هي حتى صيف عام 2012 عندما أمر “خامنئي” بإعادة النظر في سياسات تحديد وتنظيم النسل بهدف إيقاف مسيرة تشيُّخ المجتمع الإيراني. ففي الكلمة التي ألقاها في تموز/يوليو 2012 خلال اجتماع لكبار مسؤولي النظام، قال المرشد الإيراني إن هذه السياسات كانت صحيحة في وقتها، ولكن كان من الخطأ الاستمرار عليها حتى الآن. وأشار “خامنئي” إلى أن الدراسات العلمية تشير إلى أن الاستمرار في تلك السياسات القديمة سوف يُعجِّل من تشيُّخ المجتمع الإيراني، ويؤدي في النهاية إلى تقلص عدد السكان، بما لا يخدم الهوية الوطنية، ويؤدي إلى تفاقم الأبعاد السلبية لأسلوب الحياة الغربي.

إجراءات حكومية لتشجيع النسل..

ويرى “تسيمت” أن جهود إيران لتشجيع النسل رافقتها سلسلة من الإجراءات، منها فرض قيود على استخدام وسائل منع الحمل، وتمديد إجازة الوضع، وتقليل ساعات الدوام للأمهات اللاتي ترعى أطفالاً، ومنح المزايا والإعفاءات الضريبية للأسر التي لديها ثلاثة أطفال أو أكثر، والتوعية بتشجيع النسل في المراكز الطبية.

أسباب فشل السياسات الجديدة..

يرى الكاتب الإسرائيلي أن نتائج التعداد الأخير التي تكشف عدم حدوث أية زيادة في معدل النمو السكاني – بل على العكس من ذلك طرأ انخفاض طفيف يقدّر بـ 0.05٪ – تُظهر فشل الدولة الإيرانية في الدفع بالمجتمع نحو زيادة النسل مرة أخرى, ويمكن عزو هذا الفشل إلى قسوة الأوضاع الاجتماعية، بالإضافة إلى الصعوبات الاقتصادية التي يواجهها جيل الشباب. كما أن قدرة تأثير النظام على مواطنيه – وخاصة جيل الشباب منهم – باتت محدودة، بسبب الزيادة المستمرة في متوسط سن الزواج، ورغبة الشباب في تحسين الرفاه الاقتصادي، وارتفاع مستوى التعليم، وعلمنة المجتمع الإيراني.

عواقب الاتجاهات الديموغرافية..

ختاماً يعتقد الكاتب أن الاتجاهات والمؤشرات الديموغرافية الحالية تضع الدولة الإيرانية أمام تحديات ضخمة سواء على المدى القصير أم الطويل. فعلى المدى القصير يمثل الشباب ضغطاً كبيراً على سوق العمل وكذلك على الدولة التي لا تستطيع حتى الآن خلق فرص عمل بالقدر المطلوب وهو مليون فرصة عمل جديدة كل عام. ومن جهة أخرى فإن كثيراً من الشباب الذين ينفضّون عن مبادئ الثورة ويلفظون قيمها لصالح أسلوب الحياة الغربي، يمثلون تحدٍ خطير للسلطة الدينية المحافظة والقيم الإسلامية المعمول بها في البلاد.

أما على المدى الطويل فإن التحديات – من وجهة نظر الكاتب – لا تقل خطورة، حيث إن تشيُّخ المجتمع الإيراني لن يسمح للدولة بضمان توفير خدمات رفاه كافية لوقت طويل، وسيؤدي إلى زيادة العبء الاقتصادي على كاهل الدولة ويضطرها إلى تخصيص جانب كبير من مواردها المالية لمصلحة التأمين الاجتماعي وخدمات المسنين. هذا فضلاً عن أنه من المتوقع أن تتقلص القوى العاملة، وتنهار صناديق المعاشات التي تعاني أصلاً من عجز شديد في ميزانياتها.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب