28 مارس، 2024 5:40 م
Search
Close this search box.

أميركا وإيران .. اهم محركي الاضطرابات في المنطقة !

Facebook
Twitter
LinkedIn

تقرير – صافي الياسري :

خرافة محض التفكير في أن الشرق الأوسط يمكن أن ينعم بالسلام يوماً.. فعلى مدى تاريخ استيطان بلدانه ومدنه واراضيه سهولاً وجبالاً وودياناً وبوادي وضفافاً وسواحل، كانت جمرة الحرب تتأرث بين بلدانه وداخلها أو بين مكوناتها، كما كانت تهب عليه عواصف الحروب والاحتلالات والتخريب والسلب والنهب من الشرق والغرب ومازال المسلسل متواصلاً.

وهذا تقرير يقتبس تحليلاً لاحد اساطين السياسة الأوروبية من ألمانيا, يرسم ملامح الشرق الأوسط وإلى أين تتجه سفنه، بعد زوال تنظيم “داعش”، فقد يصبح “داعش” الذي زرع الرعب والدمار والحرب الدموية التي بدت وكأنها اكثر حروب المنطقة وحشية وهلاكاً، قريباً, جزءاً من الماضي، بعد هزيمته في العراق وسوريا، لكن ذلك لن يجلب السلام للشرق الأوسط، بل ولا حتى نهاية المأساة السورية التي يمكن ان تأخذ اشكالاً أخرى.

هزيمة “داعش” لا تعني زوال العنف من المنطقة..

لكن من المرجح، وفق مقالة كتبها وزير الخارجية ونائب المستشار الألماني، من عام 1998 حتى عام 2005، أن يُفتح فصلٌ جديدٌ من التاريخ الدموي والفوضوي في المنطقة، فصلٌ لا يقل خطورةً عن تلك الفصول السابقة التي شهدتها المنطقة بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية في نهاية الحرب العالمية الأولى.

وفقاً لأحدث مقالات السياسي “غوشكا فيتشر” المنشورة مؤخراً على التي موقع شبكة “Euronews” الإخبارية، فإن النمط العنيف سيستمر حيث لا تزال المنطقة غير قادرة على حلِّ صراعاتها الداخلية بنفسها، أو خلق إطارٍ مرنٍ للسلام.

ويضيف “فيتشر”، الذي كان معارضاً لحرب العراق، لا يمكن تبرئة القوى الغربية من الويلات التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط. بالإشارة إلى اتفاق “سايكس بيكو” ( معاهدة لوزان )، التي من خلالها قسمت بريطانيا وفرنسا أراضي ما بعد الدولة العثمانية، حيث لا تزال هذه الخطة, التي وُضعت سراً عام 1916, تحرك رياح الغضب بالعالم العربي، كما لو أنها لم تُوضع إلا بالأمس.

كما يجب عدم نسيان دور روسيا القيصرية في المنطقة. فبعد الحرب العالمية الثانية، بدأ خليفتها، الاتحاد السوفياتي، ومنافسته في الحرب الباردة، الولايات المتحدة، تدخلات متعددة في المنطقة.

أميركا وعمق اضطرابات المنطقة..

قال “فيتشر”، الذي لعب دوراً رئيساً في تأسيس “حزب الخضر” الألماني, الذي قاده لمدة عقدين من الزمن تقريباً، إن الولايات المتحدة تبدو أهم المساهمين في الاضطرابات الإقليمية الحادثة في المنطقة اليوم فضلاً على إسرائيل وإيران.

ويستند اهتمام أميركا, وفق “فيتشر”, بمنطقة الشرق الأوسط في الأصل إلى حاجتها إلى النفط. ولكن مع بداية الحرب الباردة، تحوَّل الاهتمام الاقتصادي بسرعة إلى مصلحة استراتيجية في منع ظهور حكومات معادية للغرب وصديقة للاتحاد السوفياتي. ثم استكملت جهود أميركا للحفاظ على تأثير حاسم في المنطقة من خلال شراكتها الأمنية الوثيقة مع إسرائيل، وأخيراً من خلال التدخل العسكري الواسع في الخليج مرتين متتاليتين، خلال الحرب على “صدام حسين” في العراق.

كما أن تورُّط أميركا في أفغانستان كانت له تداعيات عميقة في الشرق الأوسط. وقد أدى التمرد المدعوم من الولايات المتحدة في الثمانينيات، الذي انطلق تحت راية الجهاد ضد الاتحاد السوفياتي المحتل، إلى وضع حليفين أميركيين وثيقين، “باكستان والسعودية”، في تهديدات استراتيجية. وقد أصبح هذا واضحاً، في 11 أيلول (سبتمبر) 2001، عندما تبيَّن أن 15 من الـ19 المهاجمين الذين أرسلهم تنظيم “القاعدة” هم مواطنون سعوديون. وتُعدّ “باكستان” هي المنبع الفعلي لحركة “طالبان”، التي وفَّرت ملاذاً آمناً لتنظيم “القاعدة” وساعدته في مؤامراته ضد الولايات المتحدة والغرب.

في العراق كانت الفكرة هي الإطاحة بـ”صدام حسين”, وإقامة نظام ديمقراطي يحضُّ على التغيير الشامل في جميع أنحاء الشرق الأوسط، ويحوله إلى بحيرة ديمقراطية مؤيدة للغرب. ولكن داخل إدارة “بوش” الابن سادت المثالية الإمبريالية على الواقعية الواضحة، مما أدى إلى زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط ككل، وساعد على وضع إيران في مكانة مكَّنتها من توسيع نفوذها.

بداية الفصل التالي في تاريخ المنطقة بمواجهة سنية شيعية بين إيران والسعودية..

بعد زوال الدولة الإسلامية (داعش)، بحسب رأي “فيتشر”، سيتم تحديد الفصل التالي في تاريخ الشرق الأوسط من خلال مواجهة صريحة ومباشرة بين السعودية السنية وإيران الشيعية من أجل الهيمنة الإقليمية. وهو ما نلمس بوادره الآن في تصاعد التوتر بين البلدين والمواجهة عبر محاربين بالنيابة, كما هو الحال في سوريا والعراق واليمن، وكان هذا الصراع قد استعر بصورة غير مباشرة باستخدام بعض الوكلاء. ولكن القوتين العالميتين اللتين نشطتا في المنطقة صرَّحتا بوضوح هذه المرة عن هذا الصراع، مع إنحياز الولايات المتحدة إلى السعودية وروسيا مع إيران.

ومن المتوقع أن يتزايد هذا الصراع ويحل محل “الحرب على الإرهاب” الحالية.

إن أي مواجهات عسكرية مباشرة مع إيران ستؤدي، بطبيعة الحال، إلى اشتعال المنطقة، مما سيتجاوز كثيراً كل حروب الشرق الأوسط السابقة. علاوة على استمرار إطلاق النار في سوريا، والعراق الذي أنهكه الصراع الطائفي من أجل السلطة، و”داعش” أو بعض الجماعات التي تمثل نفس الفكر، والتي من المرجح أنها لا تزال نشطة.

“القضية الكردية” ايضاً ورقة جديدة في الاضطراب المنتظر..

عامل آخر قد يكون سبباً في زعزعة الاستقرار في الشرق الاوسط ،هو إعادة فتح “القضية الكردية”. الأكراد, كما يرى السياسي الألماني، شعبٌ بلا دولة، ولكنهم أثبتوا أنهم مقاتلون موثوق بهم ضد “داعش”، ويريدون استخدام نفوذهم السياسي والعسكري الجديد لإحراز تقدم نحو الحكم الذاتي، أو حتى دولة مستقلة. أما بالنسبة للبلدان المتضررة من فتح القضية الكردية، أولاً وقبل كل شيء “تركيا” وأيضاً “سوريا والعراق وإيران”، فإن هذه المسألة قد تكون سبباً محتملاً في اندلاع حرب، لأنها تؤثر على الأمن القومي لهذه الدول.

وبالنظر إلى أن هذه المسائل التي لم تحل بعد، وتصعيد صراع الهيمنة بين إيران والمملكة العربية السعودية، فإن الفصل التالي في تاريخ المنطقة لا يعد بأن يكون سلمياً على الإطلاق.

من الواضح أن الولايات المتحدة قد تعلمت من كارثة العراق، وأدركت أنها رغم قوتها وتفوقها العسكري لا تستطيع الفوز بحرب برية في الشرق الأوسط. كما سعى الرئيس “باراك أوباما” إلى سحب القوات الأميركية من المنطقة، التي ثبت أنها مطلبٌ من الصعب الوصول إليه سياسياً وعسكرياً. لذلك استبعد التدخل العسكري، وحتى التدخل الجوي، في الحرب الأهلية السورية، ما ترك فراغاً سرعان ما شغلته روسيا، مع كل العواقب المعروفة.

كما وعد خلف أوباما، “دونالد ترامب”، خلال حملته الانتخابية بالانسحاب من المنطقة. ولكنه بعد انتخابه قام بإطلاق صواريخ “كروز” على سوريا، وتدخل بصورة واسعة لدعم السعودية وحلفائها، وقام بتصعيد الخطاب الأميركي تجاه إيران.

ينحو “ترامب” منعطفاً شديد الإنحدار عندما يتعلق الأمر بالشرق الأوسط، وهي المنطقة التي لم ينتظر حتى يتمكن من إتقان التعامل معها. ولا يبدو في الأفق أي أمل يدعو إلى التفاؤل.

بل ان اندلاع حرب كبرى في منطقة الشرق الأوسط أصبح محتملاً بشكل كبير في ظل تصعيد كل الأطراف في جبهات متعددة. فالوضع في سوريا ومنطقة الخليج العربي ينذر بالتصاعد إلى صراع إقليمي وربما حتى عالمي، حسب تقرير لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني.

مما قد يثير القلق أنه منذ عام 2013، تكهّن “دونالد ترامب” بأن الولايات المتحدة ستدخل في مواجهة مع إيران، وآنذاك، كان “ترامب” مجرد رجل غني يُقحم نفسه في الأمور السياسية ويوجه انتقادات لاذعة لوزير الخارجية “جون كيري” على قناة “فوكس نيوز”. لكن في وقت لاحق، كمرشح رئاسي ثم كرئيس، كان خطابه وسياساته المعادية لطهران لافتة للانتباه حسب تقرير لمجلة “Vice” الكندية.

إلتهاب العلاقات السعودية الإيرانية..

ما يجعل الوضع أكثر سوءاً هو العداء غير المسبوق بين إيران والسعودية. ففي 7 حزيران/يونيو 2017، شنَّ تنظيم “داعش” هجمات على البرلمان الإيراني وضريح المرشد الأعلى الإيراني السابق “الخميني”، بعد تهديداتٍ صريحة من الأمير السعودي “محمد بن سلمان” في أوائل أيار/مايو 2017.

وقال “بن سلمان”: “لن ننتظر حتى تصبح المعركة في السعودية، بل نعمل على أن تكون المعركة لديهم في إيران”. ولم يكن لدى مسؤولي الحكومة الإيرانية، بداية من القائد حتى أصغر مسؤول، من شكٍ في أنَّ السعوديين يقفون وراء الهجمات الإرهابية الأخيرة.

ويعد “محمد بن سلمان” مهندس السياسة الخارجية السعودية الجديدة العدائية صراحةً تجاه طهران. ففي 21 حزيران/يونيو 2017، جرى تعيينه ولياً جديداً للعهد في السعودية، ما يجعله الوريث المقبل للعرش. والسياسي المبتدئ، الذي سيحتفل بعيد ميلاده الـ32 في آب/أغسطس 2017، هو المسؤول عن السياسة الخارجية للمملكة، وسيحافظ على منصبه كوزيرٍ للدفاع، كما سيشرف على الإصلاحات الاقتصادية السعودية بما في ذلك قطاع البترول.

وفي حين أشاد الإسرائيليون بهذا التعيين باعتباره “أخباراً جيدة لإسرائيل والولايات المتحدة”، وصفه السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل “دانيال شابيرو”, بأنَّه “خطيرٌ” بالنسبة لإيران. ويجعل تعيين “محمد بن سلمان” ولياً للعهد إمكانية نشوب نزاعٍ إيراني – سعودي أكثر احتمالاً.

ومن الأمثلة الصارخة التي تعطي للعالم الخارجي لمحة عن السياسة الخارجية الخطيرة للحاكم الفعلي الجديد للسعودية، قائمةٌ من الشروط التي قُدِّمت لقطر في 23 تموز/يوليو 2017 من أجل رفع العقوبات المفروضة عليها من المعسكر الذي تقوده السعودية.

وبحسب وكالة “أسوشيتد برس”، فإنَّ القائمة تنص على 13 شرطاً، بما في ذلك إغلاق شبكة “الجزيرة” المُموَّلة قطرياً، وإغلاق قاعدة عسكرية تركية، وتقليص كل العلاقات الدبلوماسية مع إيران.

وأكَّد العديد من المراقبين أنَّ فرض قيود على العلاقات مع إيران شرطٌ محوري في القائمة، وهو ما يعقد ويوتر العلاقة بين إيران والسعودية, ومن المؤكد أن هذا التوتر سينعكس سلباً على الاوضاع في الشرق الأوسط، مما تقدم يبدو قولنا أن السلام بعيد عن الشرق الأوسط اقرب للحقيقة والواقع.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب