18 أبريل، 2024 11:09 ص
Search
Close this search box.

آذار 2018 .. موعد الطلاق “النفطي” بين روسيا والسعودية

Facebook
Twitter
LinkedIn

السعودية في مأزق.. إذ بينما تظن أنها تدحر خطر التغول الإيراني في الشرق الأوسط عبر الصفقات المليارية التي عقدتها مع الرئيس الأميركي “دونالد ترامب”، يرى محللون لشؤون الشرق الأوسط أنها لم تحسب حساب مستقبل أسعار النفط جيداً إذا ما قررت روسيا التخلي عن خطة خفض الإنتاج، وبالتالي انخفاض أو على الأقل ثبات أسعار مصدر الأموال الرئيس للسعوديين.

كما أن المسؤوليين السعوديين وهم يعلنون عن استثمارات وصفقات تجاوزت الـ300 مليار دولار مع “أميركا ترامب”، ربما أغفلوا أن أسعار النفط ستتأثر أيضاً بإنتاج النفط الصخري الأميركي الذي سيغزو أسواق أوروبا ودولاً في آسيا وربما إفريقيا، وهو ما سيأخذ كذلك من رصيد النفط السعودي تاركاً خلفه تداعيات اقتصادية ربما لن تحقق طموحات رؤية 2030 لولي ولي العهد “محمد بن سلمان” لإنعاش الاقتصاد السعودي بمشروعات واستثمارات بديلة عن النفط !

اختلاف قريب بين موسكو والرياض حول خفض الإنتاج..

تقارير غربية تحدثت في الحادي والعشرين من آيار/مايو 2017، عن اختلاف وشيك بين موسكو والرياض فيما يتعلق بالاستمرار في خفض إنتاج النفط، إذ أنهما يختلفان في سوريا واليمن والسياسات المنحازة لإيران، المنافس الشرس للسعودية في إنتاج النفط، وكذلك المواقف السياسية السعودية الداعمة لواشنطن، لذلك الاختلاف قريب بين البلدين ومتوقع !

ومؤخراً وبمجرد إلقاء نظرة على العلاقات بين أكبر منتجين للنفط في العالم، سنجد أن موسكو لم تلتزم بما أعلنته واتفقت عليه مع الدول المنتجة للنفط بخفض الإنتاج بالصورة المطلوبة وكان آخر وعد لها بتنفيذ الخطة نهاية نيسان/ابريل، وهو ما لم يتحقق، على عكس الرياض التي تحملت النسبة الأكبر في خفض الإنتاج !

اتفاق على تسريب البيانات..

المعلومات التي اتفق البلدان على تسريبها للإعلام والصحافة هي إعطاء انتعاشة لسوق النفط بالتلويح بالاستمرار في خفض الإنتاج حتى آذار/مارس 2018، وبحسب تقارير غربية فإن البيانات الإعلامية جرى تنسيقها بين موسكو والرياض قبل حتى الاجتماع مع منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في الخامس والعشرين من آيار/مايو 2017، وهو ما منح أسعار النفط صعوداً جزئياً ليبلغ برميل النفط 52 دولاراً.

آخر تعاون بين منتجي البترول..

“إيغور يوسوفوف” الذي شغل منصب وزير الطاقة الروسي في الفترة ما بين عامي 2001 و2004، قال إنها ستكون المرة الأخيرة التي تتعاون فيها الدول حول سياسة الطاقة، خاصة روسيا والسعودية اللتان تعتمدان اعتماداً كبيراً على النفط.

لقد وصف الوزير الروسي السابق العلاقة بين موسكو والرياض في النفط حالياً، بأنها علاقة تزاوج أوجدتها الضرورة الملحة المشتركة لتحقيق الاستقرار في أسعار السلعة التي تعتمد عليها اقتصاداتها، وشرعيتها السياسية، إذ تقوم روسيا والمملكة العربية السعودية بمحاولة تحويل ميزان القوى الذي يدفع سوق الطاقة العالمية إلى الارتفاع بعد سنوات من التراجع.

لكن يتسائل الوزير: “هل التحالف الروسي – السعودي قوي بما فيه الكفاية للبقاء على قيد الحياة لوقت طويل، أم يفشل سريعاً ؟”.. بالتأكيد سيعتمد بشكل كبير على مدى فعالية التمديد المتوقع من خفض الإنتاج حتى آذار/مارس 2018 في رفع الأسعار.

السعودية لازالت تراهن على النصائح الأميركية..

السعودية لازالت تراهن بشكل واسع على نجاح خطة خفض الإنتاج في رفع أسعار النفط بناء على نصائح أميركية، وتقول التقارير إن الرياض ملتزمة بنصيحة الأميركان لكونها عميل مخلص منذ زمن طويل.

بوتين مستمر في التخفيض من أجل انتخابه مجدداً رئيساً لروسيا..

يبين المحللون في شؤون الطاقة أن موسكو والرياض لديهما حوافز محلية مقنعة لجعل الأمور تعمل بتوافق، إذ إن الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” حريص على تحفيز اقتصاد بلاده، بعد أن خرج من الركود الذي دام عامين بفضل مبيعات السلاح المتطورة والكثيفة مع اندلاع الثورات والاحتجاجات في الشرق الأوسط وكذلك ظهور تنظيم داعش، قبل أن يسعى لإعادة انتخابه في آذار/مارس 2018.

بن سلمان يطمح في أي ارتفاع قبل طرح أسهم أرامكو..

في المقابل يحتاج الأمير الشاب “محمد بن سلمان” صاحب الـ 33 عاماً، المسؤول الملكي عن ابتكار إصلاح اقتصادي غير مسبوق لبلاده برؤية 2030، إلى سعر نفط أكثر ارتفاعاً وثباتاً لتعزيز تقييم عملاق النفط “أرامكو” السعودية قبل طرح أسهمها في بداية العام نفسه.

رغم ذلك تأتي التخوفات من أنه بالفعل ارتفع “خام برنت” من حوالي 46 دولاراً إلى 53 دولاراً للبرميل منذ الاتفاق على وقف الإنتاج بما مجموعه 1.8 مليون برميل يومياً في نهاية عام 2016، لكنه انخفض بنسبة 8 في المئة من أعلى ارتفاع نتيجة توفره عالمياً واستمرار بعض الدول في إنتاجها المتزايد بدون خفض، فضلاً عن دخول إيران سوق النفط بعد أعوام من العقوبات.

روسيا تناور والسعودية لا تملك غير الصبر..

ففي الوقت الذي سارعت فيه السعودية إلى خفض 600 ألف برميل يومياً، متجاوزة حتى الرقم الذي تعهدت به، استغرقت روسيا ما يقرب من الأربعة أشهر قبل أن تتعهد بخفض نصف هذا الرقم، وهو ما تعاملت معه الرياض بصبر لم تملك غيره!

السيناريو بين موسكو والرياض لم يكن الأول من نوعه، إذ إن تنسيق السياسة النفطية جرى بين البلدين لمدة 5 سنوات انتهى في عام 2004، لأن موسكو فشلت في الاستفادة من التخفيضات التي وعدت بها، بينما لم تجن الرياض غير الإحباط.

زلزال النفط الصخري..

هو تنسيق جرى على أي حال قبل ظهور المارد الذي يهدد عروش كبار منتجي البترول.. قبل صناعة “النفط الصخري” في الولايات المتحدة الذي هز توازن الطاقة في سوق النفط العالمية وأجبر مصدري النفط الخام في جميع أنحاء العالم على محاولة التأقلم سريعاً مع الوضع الجديد.

وفي اجتماع عقد في فيينا خلال تشرين ثان/نوفمبر 2014، اشتبك وزير النفط السعودي وقتها “علي النعيمي” و”إيجور سيشين”، حليف “بوتين” الذي يدير شركة النفط الروسية روس نفط، في كيفية إدارة إنتاج النفط، إذ رفض “سيشين” فرض أي قيود على إنتاج النفط، قائلاً إن الشركات الروسية ستكافح من أجل خفض الإنتاج خلال فصل الشتاء البارد فى سيبيريا وهو ما أدرك المسؤول السعودي أنه مجرد كلام لن ينفذ على أرض الواقع.

أما في 2016، بدأ تحالف جديد بين وزير الطاقة الروسي “الكسندر نوفاك” و”خالد الفالح”، الذي خلف النعيمي بعد تقاعده في آيار/مايو 2016.. إذ بعد حوالي ستة أشهر، كان الاثنان عاملين أساسيين في الحصول على موافقة نحو اثني عشر بلداً لخفض الإنتاج، وجرت بينهما محادثات هاتفية كثيرة، وعقدوا العديد من المؤتمرات الصحافية المشتركة، حتى علم المتابعون لأسواق النفط أنهم يقومون بتنسيق البيانات والتسريبات للتحدث عن أسعار النفط.

10 ملايين برميل أميركي يومياً في مواجهة الرياض وموسكو..

لكن رغم ذلك تبين التقارير أن العلاقة يمكن أن تنهار بأسرع ما يتخيل البعض، إذ إن إدارة معلومات الطاقة في أميركا قالت إن إنتاج “الصخر الزيتي” يزداد بسرعة بحيث يتوقع أن يصل إنتاج النفط الخام إلى أكثر من 10 ملايين برميل يومياً في 2018، وهي كمية تزيد عن تلك التي تضخها السعودية في 2017، ما يعني وفرة في المعروض النفطي ستؤثر بشكل كبير على السعودية !

منافسة بطعم الحرب تستعد لها موسكو..

هذه الآنباء حول حجم الإنتاج الأميركي المتوقع من النفط ستقضي على التعايش الروسي – السعودي، وهو ما بدأت تظهر نتائجه، إذ إنه فى الأيام الأخيرة دعا “سيشين” الحكومة الروسية إلى وضع خطة عاجلة للخروج المنظم من التخفيضات، متعهداً باستعداد بلاده لمعركة “تنافسية” تساوي “حرباً” من أجل الحفاظ على أسواق النفط والطاقة ومكانة روسيا فيها !

وفي النهاية، فقد حذر “يوسوفوف” الوزير الروسي السابق من أنه في حال عدم إقناع المنتجين الأميركيين بالحد من عرض الإنتاج المتوقع بما يتماشى مع إنتاج روسيا والسعودية، فإن المعركة الناتجة من وفرة المنتج الأميركي وغزوه الأسواق يمكن أن تدمر سوق النفط بالكامل !

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب