7 أبريل، 2024 10:13 ص
Search
Close this search box.

مع (كتابات) .. الناشر “محمد البعلي” : دور النشر الخاصة تغامر بنشر كتب غير مألوفة

Facebook
Twitter
LinkedIn

حاورته – سماح عادل :

النشر الخاص أحد القطاعات الهامة في صناعة الثقافة، خاصة في مصر.. فقد أصبح له دوراً هاماً في صناعة الكتاب، وتقديم الكثير من الشباب المبدعين إلى القراء.. وهو على الرغم من أهميته يعاني من بعض المشكلات، كما توجه إليه اتهامات عدة.. تحاورت (كتابات) مع الناشر المصري “محمد البعلي” مدير دار صفصافة للنشر لمناقشته في أمور النشر الخاص..

(كتابات): عملت بالصحافة لعدة سنوات.. لماذا اتجهت من الصحافة إلى النشر الخاص ؟

  • المجالان متقاربان.. مجال الصحافة ومجال النشر الخاص، لأنهما يعملان في مجال إتاحة المعلومات، هذا هو الهدف الأسمى لهما، لم تكن النقلة صعبة، فالعمل بالصحافة يتيح للإنسان رؤية واسعة لما يجري في المجتمع واحتياجاته، وأيضاً يعطي الصحافي الخبرة في جانب هام من جوانب النشر، وهو التحرير.. صحيح أن التحرير الصحافي يختلف عن تحرير الكتب، لكن الاثنان يندرجان تحت إطار نفس المبادئ.

بعد عشر سنوات من العمل بالصحافة فكرت أن انتقل إلى مجال آخر، وبعد بحث واستشارة عدد من الأصدقاء قررت العمل في مجال النشر الخاص، والأولويات في عملية النشر في “صفصافة” وفي نشاطنا الثقافي بشكل عام تغير مع الوقت، ومع التغييرات التي تحدث في المنطقة.

(كتابات): هل تأثر النشر الخاص بالتغييرات الاقتصادية الأخيرة ؟

  • نعم بالفعل تأثر النشر الخاص بالتغييرات الاقتصادية، لأننا بشكل خاص في مصر نواجه تحديات متعلقة بأسعار الصرف، والتي تؤثر بالتالي على أسعار الورق المستورد، وعلى تكلفة التشغيل بشكل عام، وغيرها من الجوانب الاقتصادية الأخرى، بما فيها تسعير الكتاب، فقطاع النشر الخاص جميعه تأثر بتلك التغييرات، بعض الأماكن كانت أفضل استعداداً من أماكن أخرى، هناك أماكن تأثرت سلباً وأماكن تأثرت إيجاباً لكن بلا شك الجميع تأثروا بدرجة أو بأخرى.

(كتابات): ما هو تقييمك لقطاع النشر الخاص ؟

  • النشر الخاص في المنطقة العربية هو قاطرة قطاع النشر.. صحيح أن بعض دور النشر الحكومية في مصر ودول الخليج بتصدر عدد كبير من الكتب، لكن المبادرات غير التقليدية، والكتب الخارجة عن المألوف، والروايات التجريبية، والترجمات التي تتخطى المتعارف عليه في الأوساط العربية، كل هذا مغامرات يقوم بها في الأغلب دور النشر الخاصة.

هذا لا يعني أن قطاع النشر الخاص خالي من العيوب.. لدينا مشاكل كثيرة أهمها عدم وجود نظام توزيع، لا يوجد نظام توزيع وطني على مستوى الدولة، ولا إقليمي على مستوى الدول العربية وهذا يجعل أداء دور النشر الاقتصادي ليس قائماً على القواعد الأوروبية الحديثة، وبالتالي تظهر المؤسسات التي تقوم بعمل نشر شخصي، حيث يدفع المؤلف نقوداً لتغطية تكلفة كتابه، وفي نفس الوقت تقدم هذه المؤسسات نفسها على أنها ناشر مستقل، كما نجد المؤسسات التي تقدم نفسها إعلامياً بوصفها مؤسسات تؤدي بشكل ممتاز وتقدم افضل كتاب من حيث جودة الصناعة، لأنه لا يوجد تقييم حقيقي لمنتجاتها، التقييم صعب لأن هناك أيضاً خبرات تنقص دور النشر العربية من حيث المؤسسية، ومن حيث الخبرات التحريرية، ومن حيث الخبرات التسويقية إلخ.. فقطاع النشر الخاص العربي قطاع ناشئ ينقصه كثير من الخبرات.

(كتابات): هل القراء العرب يهتمون بالكتب واقتناءها ؟

  • نعم هناك في الدول العربية عدة آلاف من دور النشر، عملهم الأساسي هو الكتاب، سواء مساعدة في النشر أو التسويق والبيع.. نجد بعضهم يستطيع عمل مبيعات بعشرات الآلاف، كثير منها لكتب توجه للجمهور مباشرة، يعني لا تشتريها المكتبات العامة ولا تشتريها مؤسسات حكومية أو غير ذلك.. هناك إقبال متنوع على الكتب، وظاهرة الكتب المضروبة تعد أحد المؤشرات الهامة على أن هناك إقبال على القراءة، وعلى شراء الكتب.

من الممكن أن يكون سعر الكتاب عائق أمام البعض في اقتنائه، لكنهم يعوضون ذلك بشراء الكتب المضروبة، والدليل على رغبة الناس وحبهم لشراء الكتب بغض النظر عن تقييمنا للمضمون هو بعض الظواهر التي تظهر كل عام، فقد تظهر في أحد الأعوام رواية معينة تقلب الدنيا، وتصبح موجودة على الأرصفة وفي كل المكتبات، وعام آخر يشد القراء كتاب فكري عن الثورة، لأن الناس تريد قراءة الكتب السياسية، لازال الكتاب المصدر الرئيس للمعرفة والمتعة بالنسبة لشريحة واسعة من السكان المتعلمين في البلدان العربية.

(كتابات): هل أثر الكتاب الإلكتروني والنشر على مواقع التواصل الاجتماعي على صناعة الكتاب الورقي ؟

  • هناك تأثير سلبي وتأثير إيجابي لظهور الإنترنت.. التأثير الإيجابي أنه ساعد على وصول الكتاب العربي لمناطق عدة، لأن نظام توزيع الكتاب العربي ضعيف، والكتب لا تصل إلى كل مكان، فالإنترنت سهل وصول الكتب لمناطق لا تصل إليها، وثانياً ساعد على دعم المبيعات، لأن هناك كثير من القراء يحبون أن يأخذون فكرة عن الكتاب قبل شراءه ودفع نقود فيه، وهذا متوفر على الانترنت أن يكون هناك جزء من الكتاب مجاني يراه ويقرأه الذي ينتوي شراءه قبل أن يدفع نقوده في الكتاب.

أما الجانب السلبي فهو القرصنة والضغط على المبيعات، من خلال عرض الكتب الجديدة مجاناً على الإنترنت دون إذن دور النشر، لكن سوق الكتاب العربي ليس ناضجاً إلى هذه الدرجة، فقرصنة كتاب على الإنترنت لا يهدم مبيعات كتاب، أو لا يؤثر بالقدر الكافي، فمثلاً إذا كان الكتاب سيبيع مليون نسخة فالقرصنة ستجعله يبيع 100 ألف فقط، إن القرصنة تؤدي إلى خسارة 100 نسخة من المبيعات التي هي  في أحسن الظروف تكون نص مليون نسخة وفي أسوأ الظروف تكون من  200 : 300 نسخة.

(كتابات): ما هي المجالات التي تلقى رواجاً من القراء الرواية.. الشعر، الكتب السياسية، الاقتصادية…. ؟

  • الكتب الأكثر رواجاً هي الرواية.. الرواية المترجمة عن كتاب مشهورون رقم واحد، ثم روايات الكتاب الذين فازوا بجائزة “نوبل”، هذه الروايات تكون في قمة المبيعات، وهناك كتاب بعينهم يتصدروا المبيعات.. ثم بعد ذلك على حسب الأوضاع السياسية، فبعد الثورة أصبحت الناس مهتمة أن تقرأ عن الحرية، وعن البرلمان، وعن الشرطة، مثلاً في سنة حكم جماعة الإخوان المسلمين ومرسي كانت الناس مهتمة تقرأ عن تاريخ جماعة الإخوان المسلمين ومعرفة أي معلومات عنهم، لكن تظل الرواية هي سيدة الموقف في كل الأوقات.

(كتابات): ما هو نوع الكتب التي تفضل دار النشر خاصتك نشرها ؟

  • في “صفصافة” هدفنا هو نقل المعرفة.. وبالتالي الكتب الفكرية غير الروائية هي الخط الرئيس للنشر لدينا، وبعدها الروايات السياسية تتدرج بعدها.. ما نفضل نشره في “صفصافة” هي الكتب التي تتناول تجارب التحول السياسي في دول أخرى، تجارب الثورات حول العالم، وقضايا العلوم الاجتماعية، والانثربولوجيا، والدراسات الثقافية، كل ما يندرج تحت الكتب غير الروائية.

(كتابات): ما رأيك في الاتهامات التي يوجهها بعض الكتاب لدور النشر بأنها لا تهتم إلا بالربح.. ولا تقوم بتوزيع الكتب كما ينبغي.. وتفضل أنواع معينة من الكتابات ؟

  • طبعاً قطاع النشر الخاص يهتم بالربح ولكنه لو كان لا يهتم إلا بالربح كان القائمون عليه ذهبوا لعمل آخر.. فالبقالة تدر ربحاً أكثر من النشر، لكن ليس كل دور النشر تعمل بطريقة ناضجة فيظهر من أداء بعضهم أن همه الأساسي هو الربح، لأن قطاع النشر ليس أكثر القطاعات المربحة وبالتالي لا يجتذب الناس الذين يهتمون أكثر بالربح، ولكن قطاع النشر ليس بالنضج الكافي لكي يقوم بعمل أداء اقتصادي متوازن، ما بين جودة الكتاب والأرباح، أحياناً يهمل البعض جودة الكتاب لصالح الأرباح.

(كتابات): هل تقوم دار “صفصافة” بأنشطة ثقافية بجانب صناعة الكتاب ؟

  • دار “صفصافة” منذ عام 2013 بدأت التحول من دار نشر وفقط، إلى مؤسسة ثقافية متنوعة، تهتم بعمل أنشطة ثقافية كثيرة أهمها “مهرجان القاهرة الأدبي” وهو فاعلية ثقافية تركز على التبادل الثقافي ما بين الكتاب المصريين والكتاب العرب والكتاب الأجانب من جهة، والتبادل الثقافي ما بين القراء المصريين والكتاب من كل العالم من جهة أخرى، بدأت هذه الفاعلية منذ 2015 ولا زالت مستمرة، وكل سنة يحضر ما لا يقل عن 15 أديب أجنبي وضعفهم من الأدباء المصريين الفاعلين.

الفاعلية الثانية هي “أسبوع الكوميكس في مصر”، وهو مهرجان سنوي معني بفن “الكوميكس”، يعقد عادة في الربع الأخير من السنة.. وهناك مشاريع أخرى نقوم بتنظيمها أو نعمل بالإشراف الإستشاري لها مثل “مكتبة القهوة”، و”مشروع كتب صوتية” نعمل عليه بالشراكة مع مؤسسات أخرى، ومثل “مشروع دعم الترجمة”.. هناك مشاريع كثيرة نحن شركاء فيها، فنحن كدار نشر وكمؤسسة ثقافية نسعى إلى انتشار الثقافة في مصر، وتعزيز التبادل الثقافي، وتعزيز انفتاح الثقافة المصرية على العالم.

المحصلة أن “صفصافة” منذ 2013 تسعى، ونتمنى أن نكون على الطريق الصحيح، إلى التحول من أن تكون دار نشر فقط إلى أن تكون مؤسسة متعددة الاهتمامات ومتعددة الأنشطة ودورها الأساس دعم التنوع الفكري والانفتاح على العالم والتبادل الثقافي، ودعم تطور المجتمع المصري نحو الأفضل.

(كتابات): لماذا يلجأ بعض الكتاب العرب إلى نشر كتبهم في مصر ؟

  • رقم واحد لأن مصر فيها أكبر عدد من القراء والنقاد ومن المثقفين.. ومهما كنت مشهور أو معروف في المنطقة العربية سواء في الخليج أو في الشام إذا لم تتحقق تلك الشهرة في الثقافة المصرية، وأعني بذلك وسط النخب المثقفة المصرية، ولا أتكلم عن ثقافة العامة فيسكون سوق الكاتب محدود بأعداد أقل من التي ممكن أن يجدها في مصر.

وأيضاً بسبب قوة انتشار وسائل الإعلام الثقافية المصرية، وانتشار المصريين في وسائل الإعلام الثقافية عبر المنطقة، ولذلك كل الكتاب العرب يريدون أن يكون لهم تواجد في مصر سواء بالنشر أو بطرق أخرى.

(كتابات): ما رأيك في الجوائز العربية في الوقت الحالي ؟

  • رأيي في الجوائز العربية أن أغلبها لم يصل إلى مرحلة النضج بعد.. نلاحظ في كثير من الجوائز أنها تدور في فلك معين من دور النشر وفلك معين من التوزيع الجغرافي والإقليمي في شكل يشبه الحصص والكوتا.. وهذا دليل على عدم النضج، نتمنى أن نتخطى هذا ونتخطى ما يظهر في النتائج النهائية للروايات والإصرار على التركيز على أسماء بعينها وعلى الروايات التي تقدم قيم محافظة نتمنى أن تتخطى الجوائز هذه المرحلة وتصل إلى مرحة النضج.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب