6 أبريل، 2024 9:01 م
Search
Close this search box.

مع (كتابات) .. “أحمد صلاح الدين” : هناك فجوة في ترجمة الأدب العربي للغات الأخرى !

Facebook
Twitter
LinkedIn

حاورته – سماح عادل :

الكاتب المصري “أحمد صلاح الدين” مترجم وباحث في الأدب الروسي.. درس اللغة الإنكليزية بكلية الآداب “جامعة عين شمس”، ودرس اللغة الروسية، بجامعة “رودين” بموسكو، وعمل فى مجال الترجمة منذ 25 عاماً.. وأحدث أعماله المترجمة “صلاة تشيرنوبل” الحاصلة على جائزة “نوبل” للآداب 2015، “سفيتلانا ألكيسيفيتش”، ورواية “أورشليم” للكاتب البرتغالي “غونسالو إم. تافاريس”، والذي يعد العمل الأول له الذي ينقل للعربية.. تحاورت معه (كتابات) لمناقشة أحوال الترجمة..

(كتابات): هل هناك معوقات تواجه الترجمة داخل مصر في الوقت الحالي.. وما هي ؟

  • بالطبع هناك عدد من المعوقات التي تحول دون قيام الترجمة بالدور التنويري اللازم، منها على سبيل المثال غياب التنسيق بين الجهات المختلفة، سواء العامة أو الخاصة، في الأعمال المترجمة.. فتجد مثلاُ أكثر من دار نشر تقوم بترجمة نفس العمل، وأحياناً يتم هذا دون الحصول على حقوق الترجمة، هذا بالطبع إلى جانب إعادة تقديم أعمال قديمة من أطراف مختلفة وضياع استثمار هام ربما كان أكثر فائدة لو وجه نحو أعمال لم تترجم من قبل.. أيضاً عدم وضوح الرؤية في اختيار العناوين، فهناك أعمال تترجم غير ذات أهمية مقابل أعمال أخرى غاية في الأهمية يتم إهمالها، لذا وجب التنسيق الكامل بين الجهات المختلفة حتى لا يخسر القارئ في النهاية وتضيع استثمارات هامة.

الأمر الآخر يتمثل في مسألة الجودة.. وهذا الجانب مهمل إلى حد كبير، لذا يجب مراعاة معايير جودة ثابتة ومعتمدة من أول اختيار العنوان والمترجم الذي سيقوم بالعمل حتى مثول العمل للطبع، وبذلك نضمن جودة العمل، ومن الضروري جداً وجود برامج إعداد واعتماد للمترجمين، حتى نضمن سلامة الترجمة.. هناك معوق آخر أمام ترجمة أعمال هامة، وهو مسألة الحقوق، التي تتكلف مبالغ كبيرة تصعب من عملية الإنتاج، لذا من الضروري وجود جهات عدة تقوم بتمويل شراء الحقوق حتى تتمكن دور النشر من توسيع دورها في إنتاج أعمال تستحق الترجمة.

(كتابات): الترجمة من الروسية هل تلاقي قبولاً من القراء خاصة مع انهيار الحلم الاشتراكي بانهيار الاتحاد السوفياتي ؟

  • لا تختلف الترجمة من الروسية عن غيرها من الترجمات.. الأمر يعتمد بالأساس على قيمة العمل الذي يفرض نفسه لو توفرت له عناصر النجاح المختلفة، من اختيار واعي وترجمة جيدة وترويج مناسب وإخراج جيد، هذا بالطبع إلى وجود جهد تعريفي بالكتاب والكاتب حتى يخلق وعياً يتيح للقارئ المعرفة التي يستطيع من خلالها أن يضع الكتاب في قائمة القراءة الخاصة به. وللأدب الروسي عند القارئ العربي رصيداً كبيراً وشعبية اكتسبها من خلال أعمال الأساتذة العظام “داستيفسكي، تالستوي، تشيخوف، بولغاكوف، غوركي”، وغيرهم. وكما نعرف، فالفن عمره أطول من أي كيان سياسي، لذا لم يؤثر انهيار الكيان السوفياتي على قيمة الأدب الروسي عند القراء، ولو تتبعت معارض الكتاب على مدار العام ستجد أن هناك إقبالاً لم يتوقف على قراءة الأعمال المترجمة عن الأدب الروسي. وفي الفترة الأخيرة، تمت ترجمة عدداً من الأعمال عن الأدب الروسي المعاصر وحظيت باهتمام ومتابعة القراء العرب.

(كتابات): هل الأدب الروسي نفسه في الوقت الحالي يقدم كتاب عظام أمثال تولستوي وديستوفسكي وتشيكوف ؟

  • لكل عصر كتابه.. ليس بالضرورة أن يكون كتاب اليوم نسخة من الكتاب الكبار السابقين، لكنهم يقدمون أدباً قيماً لكنه ابن عصره، وبرعوا فنياً في ذلك.

(كتابات): هل الصعوبات في الترجمة من العربية إلى اللغات الأخرى أكثر.. بمعنى أنها غير مدعومة من الدولة أو حركة النشر الخاص بالشكل الكافي ؟

  • أعتقد ذلك.. ويمكنني القول أن الاهتمام بالترجمة من اللغة العربية للغات الأخرى غائب بشكل شبه تام عن المشهد الثقافي المعاصر، ويتولى هذا الأمر بعض الجهات الأجنبية التي تختار أعمالاً وفق معاييرها الخاصة سواء داخل الوطن العربي أو خارجه.. وحسب علمي لا توجد أية جهة رسمية تدعم ترجمة الأدب العربي إلى لغات أخرى. وأظن أن هذا الدور يجب أن تقوم به جهات محلية حتى لا نخضع لمعايير تضيق نطاق تواجد الأدب العربي على مائدة القراءة في الخارج.

(كتابات): حدثنا عن مشروع أصوات.. كيف جاءت الفكرة.. وعن التنفيذ ؟

  • رأيت أن هناك فجوة في ترجمة الأدب العربي للغات الأخرى.. خاصة وأن الترجمة هي حوار بين الثقافات، لذا كان “أصوات” مشروع مؤجل باستمرار.. وكما نعرف، فإن الإبداع قائم على الموهبة، لذا هو خارج تصنيف تقدم وتأخر الدول، قد يكتب شاب من قرية مصرية فقيرة رواية رائعة.. ميزة الأدب أنه لا يعرف المستوى الاقتصادي للدول، وأدركت أن محتوى الأدب العربي المترجم للغات الأخرى قليل للغاية، لذلك، نحاول تزويد ذلك المحتوى من خلال أصوات.. من ناحية أخرى، يساهم ذلك المشروع في تغيير الصورة النمطية المتخيلة عن العرب، بأننا رعاة إرهاب، لأن الثقافة هى القوى الناعمة التي تستطيع تغيير تلك الصورة النمطية.

سيعمل مشروع “أصوات” على ذلك بطرق عديدة، قبل ترجمة الروايات، لابد أن أعرّف القارئ بصاحب الرواية، وإنجازاته على المستوى العربي، لذلك، بدأنا في إعداد حوارات، وسير الكتاب الذاتية، وريفيوهات عن الروايات لتترجم إلى الإنكليزية، ويكون سهلاً على القارئ الأجنبي الاختيار بين كاتب وآخر، كما أننا سنهتم في البداية بالروايات التي حصلت على جوائز، حتى يكون مدخلاً سهلاً للقارئ، وقبل سنوات عدة، نفذت الهيئة العامة للكتاب مشروع مشابه، وهو ترجمة الروايات العربية الأكثر تأثيراً للغة الإنكليزية، وذلك بإشراف مترجمين عرب، يقومون بنقل الروايات إلى اللغات الأخرى، غير أن المشروع باء بالفشل. أحاول أن أوظف خبرتي التي تمتد على مدار 25 عاماً في مجال الترجمة، عملت خلالها في أكبر المؤسسات الدولية، وأدرت مشروعات كبيرة، ولدي الكثير من الخبرة. كما أن أنجح التجارب في العالم هي التي بدأت صغيرة، وعن نفسي سأنتقل بحرص من خطوة لأخرى، فالنجاح في ترجمة رواية، سيجلب نجاحاً، وهكذا وبمساعدة زملائي المتطوعين، أعتقد أننا نستطيع أن نجعل المشروع كبيراً.

(كتابات): في رأيك هل المترجم في المنطقة العربية يعامل بشكل جيد.. ويجد مردود لعمله مادياً ومعنوياً ؟

  • بالطبع هناك تقدير للمترجم ودوره.. وهناك بعض الجهات التي تتعامل مع المترجم بشكل جيد وبنظام واضح. إلا أن هناك بعض الظواهر السلبية التي يجب أن نتداركها حتى يستطيع المترجم أن يعطي على النحو الملائم، خاصة لو كان متفرغاً وصاحب مشروع واضح، على الجميع مساندته حتى يمكنه القيام بدوره.

(كتابات): ما هي الكتب التي ترجمتها وهل كانت هناك صعوبات فنية لنقل روح النص ؟

  • قمت بترجمة العديد من الكتب والوثائق على مدار 25 عاماً من العمل المتواصل في مجال الترجمة، وفي مجالات عديدة، لكني أعشق ترجمة الأدب بشكل خاص. وقد ترجمت ما يزيد على خمسة مليون كلمة خلال تلك الفترة التي امتدت لربع قرن ويزيد قليلاً. وفي الحقيقة كل كتاب أترجمه تجربة قائمة بذاتها، لها صعوباتها الخاصة، فالمشكلات التي أواجهها عند ترجمة كتاب عن التكنولوجيا، غير تلك التي أواجهها عند ترجمة كتاب في الجغرافيا أو القانون، أو التي أتعامل معها أثناء ترجمة رواية أو حتى قصة للأطفال. لكن يبقى الأدب دائماً مختلفاً، رحلة في عالم مختلف مع كل رواية حتى للكاتب الواحد.. وأعتبر تجربة ترجمة كتاب “صلاة تشرنوبل” هي الأقوى في حياتي، نظراً لعدة أمور أهمها قلقي من التعامل لأول مرة مع هذا النوع من الكتابة غير التخيلية بالأساس، والتي ترتكز على الشفاهية أكثر، والتأكيد على الحفاظ على مستوى أصوات المتحدثين بنفس درجتها في النص الأصلي. وكانت لي تجربة مع ترجمة الشعر الأميركي في بداياتي، قصائد “لانغستون هيوز”، وكانت تجربة صعبة، لأنه كان باللغة العامية، وبذلت مجهوداً كبيراً حتى أنقله للعربية بسلاسة وبساطة. وقد حاولت من فترة بعيدة أن أترجم بعض النصوص لـ”جيمس غويس”، ولكني لم أكمل التجربة، لكني استفدت منها كثيراً، خاصة في مسألة تحدي النص، والإصرار على تفكيكه بما يسمح لي بفهمه ونقله للغة العربية. واستمتعت مع رواية “أورشليم” للكاتب البرتغالي “غونسالو تفاريز” أيضاً، وهو يستحق ما قاله عنه “ساراماغو” أنه يستحق أن يحصل يوماً ما على “جائزة نوبل”.

(كتابات): ما رأيك في حال الثقافة داخل مصر في الوقت الحالي وداخل المنطقة العربية بشكل عام ؟

  • ترتبط الثقافة بالسياسة ارتباطاً وثيقاً.. لذا لا أتصور أن يتغير حال الثقافة للأفضل طالما كان هناك تقييداً للحريات، ومحاربة للمواهب، وغياب للتفكير النقدي القائم على العقل والتجريب.

(كتابات): هل الأدب العربي محتفى به في الغرب ؟

  • هناك بالطبع اهتمام بالأدب العربي في الغرب، خاصة بعد أن نال “نجيب محفوظ” جائزة نوبل، لكن ليس بالقدر الكافي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب