7 أبريل، 2024 8:31 ص
Search
Close this search box.

التنمية المستدامة بين المتطـلبات الأمنية والحـكم الراشـد

Facebook
Twitter
LinkedIn

إعداد الباحث : محمودي منير
ملخص:
تعتبر “التنمية المستدامة” واحدة من الغايات التي يرمي لتحقيقها كل فعل تشرع فيه الدولة، ومن خلال المساءلات المقدمة دوما من خلال معرفة مكانة “التنمية المستدامة” في جانبها النظري بالنظر للتغيرات التي تترافق وتطوراتها على مستوى الأمن العام والتغيرات الشاملة، في ظل مواجهة العالم للعديد من التحديات، في مستهلها “التنمية المستدامة” ، فمن ضروريات تحقيق التنمية على المدى البعيد ضرورة تحقيق الأمن؛ ونسعى من خلال هذا العمل لبلوغ ماهية “التنمية المستدامة” في ظل تفاقم المتطلبات الأمنية المكمّلة والمتوافقة وإحقاق التنمية بالنظر إلى توسع التهديدات الأمنية. لذا كان من الضروري البحث في آلية “الحكم الراشد” المحقَق (بـ) والمحقّق (لـ) للتنمية المستدامة في ظل التهديدات الأمنية المختلفة. ولأهمية الموضوع فإن البحث في التنمية المستدامة يعني البحث عن مكنونات التنمية بتطورها المتطلّب للاستدامة، الأمر الذي يستدعي البحث في سبل تحقيقها ومجابهة مهددات إحقاقها. ليكون هذا العمل “مقاربة مفاهمية” لتحديد مختلف الروابط بين كل من التنمية المستدامة والأمن والحكم الراشد، الأمر الذي جعلنا نبحث في هذه العلاقات النظرية التي توضح للباحث القارئ اتجاهات التداخل والتوافق التي من شأنها أن تشكل نظرة شاملة لكيفية تحقيق تنمية مستدامة توفق بين متطلبات الأمن الشامل والحكم الراشد.

الكلمات المفتاحية: التنمية المستدامة- الأمن- الحكم الراشد – الفهم والتطبيق– التحدي– المجابهة – التغيرات الشاملة.

تمهيــد:

في ظل التحولات المتسارعة التي يعيشها عالم اليوم، عصر طغت فيه المصالح على المبادئ، عصر أصبحت فيه الهوة شاسعة بين عالم متقدم بدرجة كبيرة، وعالم متخلف لا يكاد يقوى حتى على صد الاهتزازات ومواكبة التغيرات- هذا ما هو مسلم به- وكأنه قدر محتوم أن يعيش البعض في أعلى درجات الرفاه والاستقرار والأمن، والبعض الآخر يحيا حياة مليئة بالخوف واللآ أمن، وهذه الأخيرة هي حال أغلب شعوب الدول الأفريقية، وآسيا الوسطى وأمريكا اللاتينية.

المشكلة البحثية: ما المقصود بالتنمية المستدامة؟ وماهي حدود العلاقة بينها وبين الأمن والحكم الراشد؟.

1- مدخــل مفاهـيمي

إن التنمية المستدامة هي البديل الأفضل لتحقيق التكافؤ والتعاون بين الدول النامية والمتقدمة، والتي تقتضي تحقيق تنمية دون المساس بحقوق الأجيال القادمة، ما يستدعي أن ترتكز على عدد من المبادئ التي تحقق الأبعاد الثلاثة للتنمية المستدامة وتعزز الأمن البشري والتنمية البشرية. هذا الترابط بين هذه المفاهيم يحيلنا إلى النظر في سياقها التاريخي كل على حدا.

أولا: التنمية المستدامة

برز مفهوم التنمية المستدامة في مؤتمر ستوكهولم بالسويد، سنة 1972 حول البيئة الإنسانية، وهذا المؤتمر ناقش قضية الأمن البيئي، وقضايا البيئة، وغياب التنمية في العالم، وهذا المؤتمر انتقد عمليات التنمية التي تتجاهل البيئة. وبعد يوم من انعقاد المؤتمر، أنشأت الجمعية العامة للأمم المتحدة برنامج الأمم المتحدة (UNEP) “United Nations Environnement Programme” والذي يقوم برسم السياسات البيئية الدولية للتعاون بين الدول في تعزيز التنمية. وظلت التنمية المستدامة في السبعينات لا تتعدى اللقاءات والندوات التي تبحث في إمكانية تحقيق تنمية شاملة تفي بطموحات الأفراد دون أن تضر البيئة([1]).

وفي سنة 1982، وضع برنامج الأمم المتحدة للبيئة تقريرا حول حالة البيئة العالمية، والذي أكد فيه حسب إحصاءاته الخطر الذي يهدد العالم، وفي 28 أكتوبر 1982 بالضبط وضع الميثاق العالمي للطبيعة والذي يوجب ضرورة الأخذ بالنظام الطبيعي في كل العمليات التنموية([2]). وبعد عشر سنوات، وتحت رئاسة “بريتلاند قروهارلم” Brundtland Gro Harlem طرح مفهوم التنمية المستدامة بديلا للتنمية*، يرى ضرورة وجود توافق بين النمو الاقتصادي وحماية المحيط وتحقيق المتطلبات الاجتماعية([3]).

في سنة 1987 أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا بعنوان “المنظور البيئي في سنة 2000 وما بعدها” والذي يهدف إلى تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة بيئيا، وفي هذا التقرير عرفت التنمية المستدامة تعريفا محددا لأول مرة([4]). وبعد خمس سنوات، عقد مؤتمر دولي يجمع كل زعماء العالم للنظر في قضايا البيئة والتنمية في مدينة “ريو دي جانيرو” بالبرازيل في 14 جوان 1992، والذي عرف باسم “قمة الأرض” الذي كان بالأساس يهدف إلى حماية الأرض من جل الأزمات البيئية، من استنزاف للموارد والتلوث الضخم الذي يهدد مستقبل الأجيال الحالية، فما بالك بالأجيال القادمة([5]).

في ديسمبر 1997، تم إقرار بروتوكول “كيوتو” الذي يهدف إلى التقليل من انبعاث الغازات، والدعوة إلى استخدام الطاقات الجديدة والمتجددة. لينعقد في أفريل 2002 مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة في جوهانسبورغ (جنوب إفريقيا) الذي يؤكد على ضرورة تحقيق التنمية المستدامة من خلال([6]):

– تقويم التقدم المحرز في تنفيذ جدول أعمال القرن 21 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية والبيئة سنة 1992.

– استعراض التحديات والفرص التي يمكن أن تؤثر على إمكانات تحقيق التنمية المستدامة.

– اقتراح الإجراءات المطلوب اتخاذها، والترتيبات المؤسسية والمالية اللازمة لتنفيذها.

– تحديد سبل دعم البناء المؤسسي اللازم على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية.

يتضح أن التنمية المستدامة بمفهومها الحالي لم تكن وليدة قمة أو مؤتمر معين، بل جاءت نتيجة للعديد من الجهود المتفرقة والمتتالية، فمن اهتمام بأثر التنمية على الإنسان إلى التركيز على الآثار البيئية للتنمية وأضرارها المتعددة، إلى ضرورة الدعوة لتنمية مستدامة تحاول تحقيق طموحات الأفراد دون أن يترك ذلك عبئا على الأجيال القادمة.

لقد أشار القرآن الكريم إلى معنى التنمية المستدامة ونجد ذلك في قوله تعالى: ﴿ وهو الذي أنشأ جنات معروشات وغير معروشات والنخل مختلفا أكله والزيتون والرمان متشابها وغير متشابه كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين﴾([7])، وفي هذا يحض الله عز وجل الناس على عدم الإسراف، مع التأكيد لهم بعدم نفاذ النعم. وفي وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي تدعو إلى التنمية المستدامة قوله صلى الله عليه وسلم ﴿ إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليغرسها﴾[8]. وفي هذا دعوة من الرسول الكريم نحو استمرارية العمل لتنمية البيئة المحيطة بنا.

حسب تقرير لجنة برتلاند “مستقبلنا المشترك” تعرف التنمية المستدامة على أنها “التنمية التي تلبي ضروريات الحاضر دون المساومة على قدرة الأجيال المقبلة في تلبية حاجاتهم”([9]). وهناك من يرى أن التنمية المستدامة هي “تنمية لخدمة الأجيال الحالية بشكل لا يضر بمصالح الأجيال القادمة، أي ترك المصادر المتوفرة الآن للأجيال القادمة بنفس الوضع الذي هي عليه أو أحسن وأن يوضع في الحسبان عند اتخاذ قرار التنمية الأبعاد الاجتماعية والبيئية بجانب الأبعاد الاقتصادية”([10]).

نستنتج أن التنمية وإن كانت تحقق تحسينات مختلفة، إلا أن المهم من ذلك هو ضرورة الاستخدام الأمثل للموارد دون أن تترك آثار وخيمة على البيئة، وتبقى هاجسا أمام الأجيال اللاحقة في كيفية التخفيف من حدتها والقضاء عليها. فالتنمية المستدامة لابد أن تكون شاملة في مرتكزاتها الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، وذلك من خلال تحسين المستويات المعيشية بالاستغلال الأمثل للموارد، وهذا ما يتطلب ضرورة التناغم بين مختلف هذه الأبعاد من أجل تعاظم منافعها وتقليل مخاطرها على البشرية.

ثانيا: التنمية البشرية

إن الاهتمام بالتنمية البشرية ليست بالظاهرة الجديدة، بل يعود إلى عصور وأزمنة مبكرة، فقد ورد في إسهامات مفكرين مثل أرسطو وإبن خلدون وغيرهم من المفكرين. فقد كتب أرسطو أن “الثروة من الواضح أنها ليست الخير الذي نسعى إليه، لأنها مفيدة فحسب ومن أجل شيء آخر”، وفي هذا إشارة إلى الاهتمام بالفرد. أما ابن خلدون، فقد طرح الكثير من الأفكار التي تعظم أهمية الإنسان وأن الإنسان غاية جميع ما في الطبيعة، وكل ما في الطبيعة مسخر له، ويقول سبحانه وتعالى﴿ وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا﴾([11]).

كما سعى آدم سميث إلى تحليل طبيعة السلوك الإنساني، ويرى أن الفرد وحده من يعرف أين تكمن مصلحته([12]). ليؤكد كارل ماركس رائد الفكر الاشتراكي أنه “يتعين على الإنسان قبل كل شيء أن يأكل ويشرب ويجد مأوى وملبس، قبل أن يبحث عن السياسة والعلم والفن والدين…”([13]).

يتضح لنا أن التنمية البشرية تعود إلى عصور مضت، فقد كانت كل أعمال المفكرين تنادي بضرورة إشراك الفرد وتحقيق غاياته ومصالحه على اختلافها وتوسعها. لقد كانت التنمية في خمسينيات القرن العشرين ترتكز على تكوين رأس المال، والنظر إلى العنصر البشري كوسيلة للتنمية في هذه الفترة، أي أن الإنسان كان في الصف الثاني من أولويات التنمية بعد رأس المال.

يقول في ذلك حامد ربيع “إن السبب يعود إلى عدم فهم الظاهرة الإنمائية في معناها الحقيقي، بل الخطورة تعدت ذلك حيث جعلت المحور الأساسي في العملية الإنمائية هي الزيادة الرقمية أو الكمية من الناتج الصافي للنشاط الاقتصادي، دون الأخذ بنظر الاعتبار كل ماله صلة بالنواحي الإنسانية التي ينبع منها الواقع الإنتاجي”. لقد استمر في الستينات التركيز على هدف إحداث النمو، من دون تأكيد كاف على ضمان العدالة في توزيع الدخول التي لم يتحقق فيها ارتفاع ملموس في مستوى معيشة أفراد المجتمع، وفي مستوياتهم الحياتية، واستمر النظر إلى العنصر البشري على أنه أداة لتحقيق التنمية في هذه الفترة أيضا([14]).

يمكن القول أن الاهتمام بالفرد بدأ يأخذ في هذه المرحلة مكانة واسعة، وهذا دلالة على تمكن الفرد من إيصال صوته إلى معظم النقاشات والمؤتمرات لتدارك أهدافه وتحقيقها في ظل العمليات التنموية.

أما في سبعينيات القرن الماضي، فقد طرح منهج الحاجيات الأساسية وتطويره من طرف منظمة العمل الدولية*، وفي جوهره إلزامية تقديم كل الخدمات الاجتماعية للفرد من طرف الحكومة. كما تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة سنة 1970 الإستراتيجية الدولية للتنمية على أن “التنمية يجب أن يكون هدفها النهائي هو ضمان التحسينات الثابتة لرفاه كل إنسان وأن تمنح الجميع ثمارها وفوائدها”([15]).

ما يميز هذه الفترة هو أن الشغل الشاغل من أجل تحقيق التنمية هو الاهتمام بالفرد واحتوائه، وذلك بتقديم جل الخدمات الضرورية لتحسين مستوى معيشته وتنمية قدراته.

أما عقد الثمانينيات فقد أُعيد للتنمية مفهومها الأول، والذي يهدف إلى تحقيق النمو الاقتصادي وتقليل المساعدات الحكومية في تقديم الخدمات الاجتماعية بسب أزمة المديونية 1982*، أين أصبحت معظم الدول النامية عاجزة عن تسديد ديونها، ووصف هذا العقد بالتنمية في الاتجاه المعكوس، فلم تتم إعادة توزيع الدخل، ولم يتحقق النمو وأضحت التنمية أسوأ حالا، الأمر الذي ترك التنمية البشرية في الصف الثاني، والهم الأساسي هو النمو الاقتصادي([16]). لقد أدت الأزمات المختلفة في عقد الثمانينيات إلى انخفاض النمو الاقتصادي، وتراجع الاهتمام بالفرد، وأصبح الهم الوحيد هو النمو الاقتصادي الذي يحقق رفاه الفرد.

لقد اكتسب مفهوم التنمية البشرية منذ 1990 مكانه في برنامج الأمم المتحدة، وأصبحت التنمية البشرية تمارس تأثيرا من خلال تقرير التنمية البشرية العالمي، الذي يصدر سنويا عن البرنامج الإنمائي وأصبحت التنمية البشرية تؤكد على أن الإنسان هو أداة التنمية([17]).

التنمية البشرية تطورت وفق مراحل التقدم الاقتصادي الذي كان يربط رفاه الفرد وإقرار تحقيق حاجياته مرهون بما تحققه الدولة من نمو اقتصادي حتى أصبح لا غنى عن تحقيق النمو الاقتصادي دون تحقيق التنمية البشرية.

عرّف أول تقرير للتنمية البشرية سنة 1990 مفهوم التنمية البشرية “بأنها عملية توسيع/ تعظيم خيارات الناس”. وتعرف الهيئة العالمية للبيئة التنمية البشرية المستدامة على أنها “عملية صيرورة تغيير يتم فيها جعل عمليات استغلال الموارد، وتوجيه الاستثمارات ونزوع التطور التقني والتغيير المؤسساتي متوافقة ومنسجمة مع حاجات المستقبل جنبا إلى جنب مع حاجات الحاضر”([18]). في حين تقرير التنمية البشرية لعام 2010 يعرفها بأنها “توسيع لخيارات البشر ليعيشوا حياة مديدة، تملْها الصحة والإبداع، ويسعوا إلى تحقيق الأهداف التي ينشدونها، ويشاركوا في رسم مسارات التنمية في إطار من الإنصاف، والاستدامة على كوكب يعيش عليه الجميع، فالبشر أفرادا وجماعات هم المحرك لعملية التنمية البشرية وهم المستفيدون منها”([19]).

برز اهتمام متزايد بالتنمية البشرية التي يميزها البعض عن التنمية الإنسانية، إلا أن الكثيرين يرون أنها تعني نفس الشيء أي الاهتمام بالفرد، واستنادا إلى تقرير التنمية الإنسانية العربية لسنة 2004، فإن للتنمية الإنسانية نتيجتان([20]):

الأولى: لابد من القضاء على أي شكا من أشكال التمييز بين البشر وهو جوهر التنمية البشرية.

الثانية: ألا يقتصر الرفاه الإنساني على ما هو مادي، بل لابد من توسيع المتطلبات المعنوية كالحرية، والمشاركة في الحياة الاجتماعية.

التنمية البشرية أو التنمية الإنسانية تستدعي الاهتمام بالفرد كوحدة للتنمية، التي بدونه لن تتحقق وتكون من أجل تحسين ظروف عيشه، عن طريق إشراكه في تحديد حاجياته ومتطلباته وأهدافه، أنها تتطلب نوعا من الرشادة في التخطيط والتنفيذ والتقويم.

ثالثا: الحكم الراشد

يعود استخدام مصطلح الحكم الجيد للمرة الأولى إلى عام 1989، ضمن تقرير البنك الدولي للدول الإفريقية جنوب الصحراء، حيث تم وصف الأزمة الواقعة في المنطقة على أنها أزمة حكم([21]). ومنذ ذلك الحين تعددت التعاريف والرؤى المفسرة للحكم الراشد، ونجد ثلاث استعمالات له([22]):

عند الاقتصاديين: يعني التنسيق لتعظيم فعالية الشركات.
في علم لاجتماع الاقتصادي: لا يعني فقط تحسين فعالية الشركات، ولكن الاهتمام بصراعات السلطة، وعمل المجموعات الاجتماعية وآليات الضبط الذاتي.
في علم السياسة: يتحدد الحكم الراشد باعتباره عملية تنسيق للفاعلين في مجموعات اجتماعية أو مؤسسات داخل وخارج الحكومة، للوصول إلى الأهداف الحقيقية للمناقشة و المحددة جماعيا في بيئات مجزأة وغير أكيدة.

يعرف البنك الدولي الحكم الراشد بأنه “الوسيلة التي يتم بها ممارسة السلطة في إدارة الموارد الاقتصادية والاجتماعية من أجل التنمية”. وتعرفه الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بأنه “قدرة الحكومة على الحفاظ على السلام الاجتماعي وضمان القانون والنظام والترويج من أجل خلق الظروف الضرورية للنمو الاقتصادي وضمان الحد الأدنى من التأمين الاجتماعي”([23]).

يعرف البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة (UNDP) الحكم الراشد على أنه “ممارسة السلطة الاقتصادية والسياسية والإدارية لإدارة الشؤون الدولية على كافة المستويات، من خلال آليات وعمليات ومؤسسات تتيح للأفراد والجماعات تحقيق مصالحها، ومن ثم فإن المفهوم يقوم على ثلاث دعائم أساسية([24]):

– الدعامة الاقتصادية: وتتضمن عمليات صنع القرارات التي تؤثر على أنشطة الدولة الاقتصادية وعلاقتها بالاقتصاديات الأخرى.

– الدعامة السياسية: وتتضمن عمليات صنع القرارات المتعلقة بصياغة وتكوين السياسات.

– الدعامة الإدارية: وتتضمن النظام الخاص بتنفيذ هذه السياسات.

في حين ترى لجنة الحكم العالمية أن “الحكم الراشد هو مجموع مختلف الطرق والأساليب التي يقوم بها الأفراد والمؤسسات العمومية والخواص بتسيير أعمالهم المشتركة بطريقة مستمرة، يطبعها التعاون والمصالحة والتوفيق بين المصالح المختلفة وتلك المتنازع حولها، كما يرى هذا الحكم تدرج المؤسسات الرسمية والأنظمة المزودة بالصلاحيات التنفيذية والترتيبات والتعديلات الرسمية التي على أساسها تكون الشعوب والمؤسسات قد وقعت بصفة توفيقية لخدمة مصالحها العامة وخدمة للمجتمع”([25]).

الحكم الراشد بأبسط معانيه يستدعي التوافق بين مختلف الفواعل في تسيير الشأن العام، وتحقيق التعاون في إطار العمليات التنموية، من أجل خدمة المجتمع وتطويره، إنه يقتضي مبادئ قانونية تجعل الكل متساو في مجتمع واحد كما قالها “مونتيسيكو”: “القانون يجب أن يكون مثل الموت لا يستثني أحدا”، فالحكم الراشد بذلك ينافي كل مظاهر الفساد بمختلف أنواعه.

إن الخروج من دائرة التخلف والقضاء على الخوف وتحقيق الأمن بجل أبعاده، يستدعي أن تواكب الدولة التغيرات وتسعى لتحقيق التنمية الشاملة. فتحقيق التنمية يقتضي ألا تأخذ بمبدأ الحتمية وتبني النماذج المثالية، بل بالانطلاقة من إمكاناتها المتاحة في ظل بيئتها المحيطة بها ومؤسساتها، وفتح أكبر قدر من تحقيق التشاركية في عملية التنمية، مما يعني تحقيق رضا مختلف الجماعات والمنظمات والفواعل الرسمية وغير الرسمية. فالتنمية في جوهرها تؤدي إلى تحقيق حاجيات الأفراد دون أن تخل بحاجيات الأفراد المستقبلية، الشيء الذي يضمن لنا الأمن الشامل، ويقلل الصراعات والتهديدات التي تعيق تحقيق التقدم للمجتمع.

2- الأمن يحقق التنمية ويتحقق بها

أولا: الأمن والتنمية المستدامة

يواجه عالم اليوم العديد من التحديات، في مقدمتها التنمية المستدامة، ونجد في مستهل ضروريات تحقيق التنمية على المدى القريب والبعيد الأمن، فبدون الأمن لا يمكن أن تتحقق التنمية. إن العلاقة بين الأمن والتنمية هي علاقة تبادلية ارتباطية، حيث أن كل منهما يؤثر ويتأثر بالآخر. (أنظر الشكل رقم01).

لقد أصبحت التنمية المستدامة مطلب كل شعوب العالم، وبالتالي فإن تحقيق التقدم على مسار تنموي صحيح، يفيد بأن القرار الأمني، والسياسي، والاقتصادي قرار سليم، فالفقر والجهل والمرض أي ما يعرف بالهواجس التنموية كلها مظاهر سلبية توحي إلى وجود بيئة غير آمنة وغير مستقرة، فالضروريات التي تحدث عنها الإسلام من (دين، عقل، نفس، نسل، مال) كلها تصبح معرضة للخطر نتيجة للوضع المتردي في ظل الأوضاع السالفة الذكر([26]).

تتطلب التنمية إذا تحقيق الأمن والاستقرار اللذين يمثلان أهم مرتكزاتها، فالأمن يؤدي إلى الاستقرار الداخلي، وهذا الأخير يحقق المناخ المناسب لتحقيق التنمية، وتحقيق التوافق بين مختلف المشروعات الإصلاحية بجوانبها السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية.

تعد التنمية عنصر مهم لتحقيق الاستقرار السياسي وتجاوز الصراعات الداخلية، فكلما نظمت الدولة كيفية توزيع مواردها، واللجوء إلى الحلول الوسط لمختلف مشاكلها خفت التوترات الداخلية، وهو ما يثبت وجود علاقة وطيدة بين الحالة التنموية والعنف([27]). ذلك أن أهم مقومات التنمية والنمو على الإطلاق، هو الاستقرار السياسي والأمني الذي لا يكون على حساب حرية الإنسان وكرامته، وحقوقه الأساسية، وكفاءة المؤسسات الأمنية بتوفير بيئة أمنية وحماية الفرد التي تحدث نقلة نوعية في مسارات التنمية المستدامة والتي ترفع معدلات النمو والتطور([28]).

فارتباط الأمن بالتنمية المستدامة يتجلى من خلال الأمن الاجتماعي، فالعدالة والسلام الاجتماعي وكل مظاهر السلم في المجتمع ترتكز على وجود نظام إداري أمني يسعى إلى حماية المواطنين من الجرائم المختلفة، ومما لاشك فيه أن الفاصل ما بين الديمقراطية والأمن دقيق جدا، فالأنظمة الاجتماعية والأمنية المتطورة هي التي تستطيع أن تحقق توازنا بين هذين الأمرين، ومن الأمور المرتبطة بالأمن والتي ركزت عليها الأجندة في القرن الحادي والعشرين الجرائم ضد الأطفال، المرأة، جرائم المخدرات، الاستغلال الجنسي، وغيرها مما يقع في بنود الأمن الاجتماعي[29].

إن انتشار الأمن في كل ربوع الدولة يوسع العملية التنموية، فانتشار الأمن الاجتماعي والاقتصادي يؤدي إلى تحقيق العدالة الاجتماعية، وبالتالي تحقيق التنمية الشاملة.كما أن دعم القاعدة التنموية ينعكس من خلال انتشار الأمن الذي يخلق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والسيكولوجي.

تؤثر التنمية بدورها على الهياكل الاجتماعية والتنظيمية المختلفة، مما يبرز لنا أنماط تفاعلية جديدة في المجتمع تؤثر على الأمن بشكل واسع ويتحقق ذلك من خلال ضعف الوسائل التقليدية في التحكم بهذه التغيرات المصاحبة للتنمية المستدامة، كما أن تأثير التنمية على أنماط السلوك والقيم السائدة بالمجتمع وبالتالي التأثير على الأمن[30].

شكل رقم (01) يبين العلاقة بين الأمن والتنمية([31])

إنّ العلاقة بين الأمن والتنمية المستدامة متشعبة وواسعة، وما تجدر الإشارة إليه في العلاقة بينهما ما يلي([32]):

إن تحقيق الأمن بكل أبعاده ما هو إلا هدف من أهداف التنمية الشاملة
الأمن شرط أساسي لتحقيق التنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة
الأمن وظيفة من وظائف الحكومة وسبب لوجودها وقبولها على كل المستويات
الإنفاق الحكومي على الأمن الوطني من الحقائق الاقتصادية التي لابد منها
الأمن نشاط اقتصادي بدليل أنه يلبي جل الحاجيات الإنسانية ومنها التنمية في كل الميادين.

يساهم الأمن بشكل محوري في تحقيق التنمية المستدامة، وتقلص الحروب والصراعات بسبب التطور الاقتصادي و هذه الصراعات تشكل تحديا لتحقيق التنمية، وتصنف إلى([33]):

صراعات داخلية: وهي التي تتشكل نتيجة للصراع بين الأفراد لعدم تكافؤ توزيع الموارد الاقتصادية.
صراعات ثنائية: وهي التي تشير إلى الصراعات الحدودية والتنافس على الثروات.
صراعات إقليمية: وتدور بين دولتين وأكثر، وتشكل حاجزا يحول دون تعاون الدول فيما بينها.
صراعات دولية: وتشمل الصراعات بين القوى الدولية حول مناطق النفوذ.

في ظل هذه الصراعات تواجه التنمية المستدامة العديد من المعوقات والتحديات، والتي تتلخص أبرزها في([34]):

المعوقات:
الفقر: الذي يشكل هواجس القضايا الصحية والاجتماعية
الديون المتأتية لاسيما من النفقات الحربية والتي تثقل كاهل الدول
الحروب والنزاعات المسلحة والتي تأثر على الموارد والمنشآت المدنية ومصادر المياه
التضخم السكاني، وتدهور ظروف المعيشة وتزايد الطلب على الموارد والخدمات
عدم توفر التقنيات الحديثة والخبرات الفنية اللازمة لتنفيذ برامج التنمية المستدامة وخططها
نقص الخبرات اللازمة لدى الدول للإيفاء بالتزاماتها حيال قضايا البيئة العالمية.
التحديات:
إيجاد مصادر التمويل اللازمة لتحقيق التنمية في الدول النامية
إعداد البرامج التنموية والصحية والتعليمية الهادفة
تحقيق التكامل وتشجيع الاستثمار الداخلي والأجنبي من خلال إيجاد شراكة حقيقية بين الدول الصناعية والدول النامية
إيجاد وسائل تمويل جديدة لدعم جهود التنمية للدول النامية
نقل وتطوير التقنيات الحديثة الملائمة للبيئة وتشجيع الباحثين وتوفير إمكانات العمل العلمي
حماية التراث الحضاري لدوره الأساسي في التنمية المستدامة وإسهامه في تأكيد الذاتية الثقافية والمحافظة على خصوصياتها وحماية هويتها.

يتطلب تحقيق التنمية المستدامة وضع استراتيجيات أمنية تساهم في تحسين الأوضاع المعيشية والاقتصادية والاجتماعية، وهذا بتحقيق توازن بين الموارد المتاحة والتغيرات المراد تحقيقها. كذلك لابد أن تحقق الدولة النمو الاقتصادي الذي يحسن الأوضاع المعيشية لأفراد المجتمع، ما يعزز التكافؤ الاجتماعي وأن تسعى الدولة بالدرجة الأولى لتحقيق تنمية بشرية توسع خيارات الأفراد، وتدرك أهمية الأبعاد البيئية في إرساء الأمن الذي يعزز التنمية المستدامة.

ثانيا: التنمية البشرية وتعزيز الأمن

لقد أدت التطورات في الاهتمامات بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية للتنمية المستدامة إلى ضرورة مراعاة الجانب الأكثر أهمية للتنمية، ألا وهو التنمية البشرية في إشارة إلى تطور البعد البشري للتنمية، والذي يعد الأداة المنفذة للتنمية والغاية الأسمى لها. كان مفهوم الأمن الإنساني من أبرز ما نوقش في تقرير التنمية البشرية سنة 1994، وتحول التركيز من مفهوم أمن الحدود إلى أمن الفرد داخل وعبر الحدود، ويعود ذلك إلى التحولات الدولية التي أصبحت تهدد أمن الفرد داخل دولته.

تشير “خديجة عرفة محمد” إلى أن “مفهوم الأمن الإنساني جوهره الفرد، إذ يعنى بالتخلص من كافة ما يهدد أمن الأفراد السياسي والاقتصادي والاجتماعي من خلال التركيز على الإصلاح المؤسسي، وذلك بإصلاح المؤسسات الأمنية القائمة، وإنشاء مؤسسات أمنية جديدة على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، مع البحث عن سبل تنفيذ ما هو قائم من تعهدات دولية تهدف إلى تحقيق أمن الأفراد وهو ما لا يمكن تحقيقه بمعزل عن أمن الدول”([35]).

لقد أوضح التقرير الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سنة 1994 بعنوان “عولمة ذات وجه إنساني” أنه بالرغم من كل التطورات التي رافقت ظاهرة العولمة وتقديمها لفرص هائلة للبشرية إلا أنها تفرض مخاطر هائلة على الأمن البشري في القرن الحادي والعشرين، وحسبه فهناك سبعة مخاطر تهدد البشرية:

– عدم الاستقرار المالي: ويمثل التذبذبات المصاحبة للأزمات المالية، بين الحين والآخر، ومثالها أزمة جنوب شرقي آسيا في منتصف عام 1997*، إذ أكد التقرير على أنه في عصر العولمة والتدفق السريع للسلع والخدمات ورأس المال أزمات مماثلة غير مستبعدة.

– غياب الأمان الوظيفي وعدم استقرار الدخل: ففي ظل العالم المتغير، عالم المنافسة العابرة للحدود أصبحت الحكومات تنتهج سياسات وظيفية أكثر مرونة، سمتها غياب العقود الوظيفية، وبالتالي غياب الأمن الوظيفي([36]).

– غياب الأمن الصحي: إن حرية التنقلات البشرية وسهولتها، ارتبطت بسهولة انتقال الأمراض والأوبئة، فبالرغم من التحسن الصحي المسجل حسب تقارير التنمية البشرية، بسبب التنقلات البشرية إلا أن المهاجرين قد يواجهون عراقيل في الحصول على الخدمات الصحية، أين توضع بعض الحواجز في الواقع العملي لأسباب مالية، أو لأسباب الهجرة غير النظامية أو المؤقتة؛ وكلها تؤدي إلى غياب الأمن الصحي للفرد([37]).

– غياب الأمن الثقافي: فالعولمة أدت إلى انتقال وامتزاج الثقافات والتي تتم بطريقة غير متكافئة، والتي تتجلى في الانتقال من العالم المتقدم نحو العالم النامي، وفي الغالب تشكل هذه الثقافات الوافدة تهديدا للقيم الثقافية المحلية[38]. يمكن أن تؤدي التحركات والهجرة إلى إثراء النسيج الاجتماعي في الوطن الأصلي، كما يمكن أن يصبح هؤلاء الأفراد فاعلين في عمليات التغيير السياسي والاجتماعي إذا ما عادوا بأفكار وقيم تشكلت لديهم نتيجة لاحتكاكهم بفواعل خارجية بشكل لا يتوافق وبيئة دولتهم[39]. إن التنقلات البشرية والاحتكاك مع الآخر قد يكون ذو آثار ايجابية في تفعيل عملية التغيير نحو الأفضل، كما قد يشكل حقلا للصراعات الداخلية وبالتالي اللا أمن.

– غياب الأمن الشخصي: فالفرد في ظل التحولات المتتابعة أكثر تعرضا للخطر، فالتكنولوجيا المتطورة يوما بعد يوم سهلت عمل الجماعات الإرهابية، وأصبحت الجريمة مثلا بكل أنواعها تتم في دولة ما، بواسطة أفراد من دولة ثانية، بأسلحة من دولة ثالثة، وفي حق أفراد من دولة رابعة. فعلى الرغم من الدور الايجابي الذي تلعبه العمالة الوافدة في المساعدة في تحقيق التنمية الشاملة مما يحقق التقدم، إلا أن العمالة الوافدة نظرا لعدم توفر مناصب الشغل ساهمت في وقوع أزمة البطالة، وهذه الأخيرة تحكمها علاقة قوية مع استفحال الجرائم وتفاقم الأزمات الداخلية([40]).

– غياب الأمن البيئي: ففي ظل الاستخدام غير المتوازن للموارد الطبيعية والسعي الهمجي وراء الثروة، جعلا من البيئة أولى المتضررين من جراء العولمة، حيث أصبح التغير المناخي بهدد حياة الأفراد بسبب التلوث وكذا تسارع نفاذ المخزون من الموارد المستنزفة والتي تشكل تحديا يتطلب توعية البشرية حول مخاطره([41]).

– غياب الأمن السياسي والمجتمعي: لقد أسفرت العولمة عن طابع جديد للنزاعات، وتمثلت في سرعة انتقال الأسلحة عبر الحدود، وهو ما أضفى عليها تعقيدا و خطورة شديدين، كما انتعش دور شركات الأسلحة والتي أصبحت في بعض الأحيان تقوم بتقديم تدريب للحكومات، وهو ما يمثل تهديدا خطيرا للأمن الإنساني([42]).

الفرد لابد أن يحظى باهتمام واسع لكل مجالات حياته واحتوائها من أجل تحقيق الأمن الشامل الذي يعد الإنسان الركيزة الأساسية فيه. فتقارب التنمية والأمور الإنسانية يعد الشغل الشاغل للمنظمات العالمية، وذلك لتأثر الإنسانية بشكل مباشر بالتنمية وارتباطها بالنواحي الأمنية، فجل سكان المعمورة يتأثرون بشكل مباشر بالتنمية وعلاقاتها بالأمن الإنساني والاقتصادي والاجتماعي والسياسي، ويقول في ذلك (نيلسون مانديلا Nelson Mandela) عن احتياجات الناس العاديين “أن تتاح لهم الفرصة البسيطة لحياة محترمة، وأن يؤمن لهم السكن المناسب، والطعام الذي يأكلونه، وأن تتاح لهم القدرة للعناية بأطفالهم، وأن يحيوا حياة كريمة، وأن يحصلوا على العناية الصحية اللائقة، وأن يسمح لهم بفرص العمل المأجور”([43]). إن الأمن الإنساني يتطلب تحقيق الحاجيات والجوانب الكمية والنوعية، ففي جانبه الكمي يسعى إلى توفر الحاجيات المادية، وفي أدنى مستوياتها الطعام، المأوى…، أما في جانبه النوعي، فيسعى إلى الارتقاء ليحقق الكرامة الإنسانية بما فيها من حرية شخصية وتسيير أمور الحياة الخاصة، والإتاحة الكاملة وغير المعوقة للمشاركة في الحياة الاجتماعية وكذا تحقيق فرص متساوية للجميع في اتخاذ القرارات([44]).

إن التنمية المستدامة تبقى من صميم أمن الإنسان، فهي داعمة للإنسان، داعمة للشغل، فهي تعطي الأولوية الكبرى للحد من ظاهرة الفقر والنهوض بالتشغيل المنتج والاندماج الاجتماعي وإحياء البيئة، وهي تحقق التوازن بين المجموعات البشرية وقدرات المجتمعات، وإمكانات الطبيعة، وهي تستحث النمو الاقتصادي وتترجمه إلى تحسين حياة الإنسان دون إلحاق الضرر برأس المال الطبيعي اللازم لتأمين فرص الأجيال القادمة، لذلك فإن التنمية الإنسانية المستدامة ترتقي بقدرات البشرية وتمكنهم من وضع مسارات المشاركة في صناعة الأحداث التي ترسم معالم حياتهم([45])، فالأمن الإنساني هو نتيجة وجود سياسات تنموية عادلة، تحقق توسيع خيارات الأفراد في المجتمع، وتحقق التوازن بين السياسات التنموية والأمن الإنساني.

لقد اقترحت مفوضية الأمن الإنساني التي أنشأت سنة 1999، تحت لواء الأمم المتحدة عشرة مهام للنهوض بالأمن الإنساني وتحقيق التنمية البشرية، من بينها([46]):

– العمل من أجل توفير الحد الأدنى من مستوى العيش في كل مكان.

– ضمان وصول الجميع إلى الرعاية الصحية الأساسية.

-تمكين جميع الناس بتوفير التعليم الأساسي للجميع.

إذا التنمية البشرية تقوم بتوسيع خيارات الأفراد، بما يضمن تحقيق أهدافهم، وهذا باعتماد النهج السليم للتنمية البشرية الذي يقوم على مجموعة من الركائز الضرورية. فهي تحقق خيارات الأفراد، وهذه الأخيرة لا تتحقق إلا في ظل الأمن البشري، فالشعور بالأمن والراحة النفسية يفتح الأفاق أمام الفرد لممارسة جل خياراته، وهذه الأخيرة هي الأخرى تتطلب حكما ديمقراطيا رشيدا تكون ركائزه نقطة الانطلاقة نحو تنمية بشرية مستدامة.

3- الحكم الراشد كآلية لتحقيق التنمية والأمن

من أبرز التحديات التي يواجهها الأمن الإنساني لتحقيق التنمية الشاملة الوصول إلى إرساء الديمقراطية في إدارة الحكم والتي أصبحت تعرف بإدارة الحكم الراشد. لقد تزايد الدور الذي تقوم به الإدارة في تحقيق التنمية المستدامة، وذلك نظرا لوجود الحلقة المفرغة في آلية تحقيقها للتنمية المستدامة، والتي أغفلها الجانب الاقتصادي، وهذا ما أكده كل من الأمريكي “فريدريك تايلور”، والفرنسي “هنري فايول” من خلال التركيز على دور الإدارة في تحقيق التنمية.

أولا: الحكم الراشد والتنمية المستدامة

يتجلى البعد الجديد في النظر إلى عملية التنمية المستدامة من منطلق إداري من خلال مظاهر التحول وفق النظرة الحديثة للإدارة ودورها في تحقيق التنمية المستدامة.لقد أصبحت بعض الفروع الإدارية تكيف نفسها مع متطلبات التنمية المستدامة، فظهرت “حركة حماية المستهلك”، و”مفهوم التسويق الأخضر” للحفاظ على البيئة ومنع التلوث، و “تصميم منتجات المستقبل” لتتلاءم مع متطلبات البيئة السليمة والإنتاج النظيف من أجل توازن بيئي مستدام.

نجد أيضا بعض المفاهيم ذات العلاقة بالتنمية المستدامة التي احتلت الفكر الإداري، كمفهوم “التسويق المستنير” الذي يؤكد على المسؤولية الاجتماعية لمنظمات الأعمال. لقد ركزت الإدارة على دور الحكم الراشد في تحقيق التنمية، وأصبحت بذلك تعني “عملية التحكم في الموارد المتاحة في مجتمع ما وذلك قصد تقديم مستوى معيشي معين”، ولأنها ترتبط بالتنمية المستدامة ورفع مستوى المعيشة فهي ترتبط بثلاث أبعاد رئيسية: إدارة الدولة، والقطاع الخاص، والمجتمع المدني([47]).

فالإدارة في الدولة تهيئ القوانين والبيئة السياسية لتحقيق التنمية، والقطاع الخاص يعمل على خلق فرص العمل، أما المجتمع المدني فيعمل على تحقيق التفاعل بين مختلف المنظمات السياسية والاجتماعية عن طريق فاعلية مشاركتية([48]).

إن علاقة التنمية المستدامة بالحكم الراشد يمكن قراءتها من خلال ثلاث زوايا([49]):

1- وطنية: تشمل الحضر والريف وكل الطبقات الاجتماعية بما فيها المرأة.

2- عالمية: أي التوزيع العادل للثروة بين الدول الغنية والفقيرة وعلاقات دولية تتم بقدر من الاحترام المشترك.

3- زمنية: أي مراعاة مصالح الأجيال الحالية والأجيال اللاحقة.

يتضح جليا أن التنمية المستدامة هو محصلة تفاعل الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، حيث أصبح من غير المعقول إغفال دور هذه الفواعل والتي تسهم في تكريس مبادئ الحكم الراشد لتحسين أوضاع البشرية.

ثانيا: الحكم الراشد والتنمية البشرية

لقد توسع الاهتمام بالتنمية من مفهوم النمو الاقتصادي، إلى مفهوم التنمية البشرية إلى مفهوم التنمية البشرية المستدامة، واقترن ذلك بظهور مفهوم الحكم الراشد، ويرجع ذلك إلى أن النمو الاقتصادي لم يكن في الغالب مرافقا لتحسين الأوضاع الاجتماعية للأفراد، وبهذا فالحكم الراشد هو الضامن الوحيد لتحويل النمو الاقتصادي إلى تنمية إنسانية مستدامة([50]).

يقول “كوفي عنان” الأمين العام السابق لهيئة الأمم المتحدة: “قد يكون الحكم الصالح (الحوكمة الجيدة) بمفرده هو أهم عامل للقضاء على الفقر وتعزيز التنمية، ولذا يجب أن تصمم مؤسسات الحكم في المجالات الثلاثة وهي: الدولة، والمجتمع المدني والقطاع الخاص لكي تسهم في التنمية الإنسانية المستدامة، من خلال إيجاد الظروف السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية اللازمة لتحديد القدرات البشرية، وبالتالي تعزيز رفاه الإنسان من خلال القضاء على الفقر وإيجاد فرص العمل وحماية البيئة والنهوض بالمرأة([51]). فالحكم الراشد هو السبيل الوحيد للتحقق من المؤشرات الخاصة بالتنمية البشرية وشرط أساسي لتحقيقها. فلكل فاعل من فواعل الحكم الراشد دور في تعزيز التنمية البشرية.

الدولة تتكون من حكومة منتخبة وسلطة تنفيذية، والدولة تمثل العقد الاجتماعي الذي يحدد المواطنة، وهي السلطة المفوضة بالسيطرة وممارسة القوة، وتوفير الخدمات وتهيئة بيئة تمكينية للتنمية البشرية، وهي “تضطلع بوضع الأطر القانونية لتنظيم النشاط العام والخاص، والإبقاء على هذه الأطر، وكذا تحقيق الاستقرار والعدالة في السوق وتعني أيضا توسط المصالح من أجل الصالح العام، وتعني أيضا توفير الخدمات العامة بصورة فعالة تخضع للمساءلة”، بهذا يعمل الحكم الراشد على معالجة مشاكل واحتياجات الفئات، وتوسيع الفرص المتاحة لتحسين نوعية الحياة وإدامتها([52]).

تعد الدولة الإطار القانوني الذي يحقق المشاركات ويحمي الأفراد، ويضمن تحقق المساواة والعدالة من أجل توفير الأمن وتحقيق التنمية. إن عدم قدرة الدولة على تلبية كافة الحاجيات والمستويات الكبرى للتنمية البشرية، وهذه الأخيرة في جانب منها تسعى إلى تحقيق مستوى معيشي أفضل، يتطلب تدخل القطاع الخاص من أجل توفير مناصب الشغل وتوليد الدخل لرفع مستويات المعيشة، وتقوم الدولة بتنمية القطاع الخاص من خلال([53]):

خلق بيئة مستقرة للاقتصاد الكلي
الحفاظ على الأسواق التنافسية
ضمان حصول الفقراء (بخاصة النساء) على القروض بسهولة
رعاية المشاريع التي تولد أكبر قدر ممكن من الوظائف و الفرص
اجتذاب الاستثمارات والمساعدة في نقل المعرفة والتكنولوجيا وبخاصة الفقراء
فرض سيادة القانون
تقديم الحوافز لتنمية الموارد البشرية
حماية البيئة والموارد الطبيعية.

يتضح لنا أن القطاع الخاص يلعب دورا مهما في التنمية البشرية، من خلال توفير مناصب الشغل لرفع مستويات المعيشة وتوسيع خيارات الأفراد. أما منظمات المجتمع المدني فهي الوجه الآخر للتنمية البشرية، من حيث تمكين الناس من المشاركة في مختلف النشاطات: وكذا إتاحة الفرص أمام الأفراد لتطوير قدراتهم، وتحسين مستويات معيشتهم([54]).

فاعلية الحكم الراشد تتم من خلا ل فواعله بتناغم وانسجام الأهداف التي تسعى إليها وهي حكم صالح، تتوفر فيه مكانة الفرد ويسهل التفاعل بين مختلف الطبقات والمنظمات، ما يعزز دون شك التنمية البشرية المستدامة، والحكم الراشد من أجل التنمية البشرية ما هو إلا مؤسسات وقواعد فعالة تعكس درجة مشاركة الأفراد في تلك المؤسسات والقواعد([55]):

إن المشاركة في القواعد والمؤسسات تشكل جزءً من التنمية البشرية، وهي بذلك حق من حقوق الإنسان.
إن شمولية الحكم لكل الفئات يعكس فعاليته
الحكم الراشد الذي يتصف بالمشاركة يكون أكثر إنصافا
إن الحكم الراشد بذلك يجب أن يكون حكما ديمقراطيا شكلا ومضمونا، حكما بواسطة الناس ومن أجل الناس
إن الحرية السياسية والمشاركة تعتبران جزء من التنمية البشرية، سواء باعتبارهما هدفين إنمائيين أو وسيلتين لتعزيز التنمية البشرية، فبدون الحرية تصبح خيارات الأفراد أقل توسعا، أما المشاركة فتعطي أهمية للفرد للإدلاء بآرائه واثبات ذاته، وبذلك فالهدف الأساسي للتنمية البشرية تعزيز حرية الناس ورفاهيتهم.

كما تقتضي ضرورة تحقيق التنمية البشرية الاستثمار في التعليم والصحة وتحقيق النمو الاقتصادي المنصف، لأن الأفراد الأفضل تعلما هم الأكثر قدرة على المطالبة بسياسات تحقق حاجياتهم وتستجيب لأولويات التنمية البشرية.كما أن تعزيز المشاركة من خلال الحكم الديمقراطي من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية البشرية في القرن الحادي والعشرين، ذلك أن فشل الحكومات في تحقيق حاجات الأفراد، يحيلها إلى المساءلة الجبرية والإطاحة بها فيما بعد، فالحكم يجب أن يتوافق مع احتياجات الناس لا العكس، ذلك أن “وجود مجال مفتوح للنقاش السياسي وطرائق شتى يمكن أن يعبر بها الناس عن آرائهم هما جوهر الحياة الديمقراطية، وما يجعل عملية صنع القرار فعالة في الديمقراطيات”([56]).

في الأخير نستنتج أن الحكم الراشد يعد آلية من آليات تعزيز قدرات الأفراد، وخلق بيئة ملائمة آمنة للتفاعل بين مختلف الفواعل، ويعمل على احتواء كل الفئات من أجل توسيع خياراتها وتحقيق التنمية البشرية.

ثالثا: آلية الحكم الراشد لتعزيز الأمن

لقد تجاوز مفهوم الأمن ببعده الشامل معنى القوة إلى معنى القدرة، أين أصبح يمثل مجموعة من التفاعلات بين مختلف الهيئات السياسية، والاجتماعية والأمنية. على اعتبار أن أساسيات الأمن ستقوم مستقبلا على دعائم رئيسية ثلاث([57]):

القوات المسلحة مع الأمن.
التنمية بمختلف أبعادها.
الإنسان بحرياته وحقوقه.

لذا فمن الضروري القيام ببعض الإصلاحات الأمنية في بعض قطاعاته، ويتوقف تحقيق التنمية البشرية على السلام والأمن لكل فرد في المجتمع، وبناء الدولة يتطلب حكما ديمقراطيا لأنه يستجيب لمتطلبات الأمن وإرساء الأسس اللازمة للحفاظ عليه. إن أي سيطرة من طرف المؤسسات الأمنية على المؤسسات الديمقراطية يعيق التنمية البشرية، فغالبا ما تعتمد الحكومات على قوات الأمن لتامين قاعدة سلطتها، تكون قوات الأمن هي السبب الرئيسي لانعدام الأمن لأفرادها والدول المجاورة لها فمؤسسات الأمن عندما تكون من غير ضابط، وغير خاضعة للمساءلة فإنها تفتك بأضعف فئات المجتمع، وتسود هذه الحالة في بلدان العالم الثالث أين نلاحظ انخراط المؤسسة العسكرية في الحياة السياسية الحديثة، وذلك باعتبار أنها أكثر تنظيما وتطورا من نظيرتها المدنية.

أن إضفاء الطابع العسكري على الانتخاب يشكل حاجزا عن تطبيق الحكم الراشد، كما أن هذه الهيئات المنتخبة كثيرا ما ترفض خضوعها للمساءلة والشفافية لأن هناك القوة الأمنية التي تحول دون ذلك، إضافة إلى الميل نحو السرية، وانعدام الشفافية في الشؤون الأمنية لذلك يستبعد الكثير من صناع السياسة وفواعل الحكم الراشد من صناعة القرارات الأمنية. إن الحكم الراشد يستوجب التزام واضعي السياسات الأمنية وقوات الأمن بالخضوع للمساءلة أمام الجمهور عن مختلف قراراتهم، وذلك بالقدرة على تقييم الأنشطة الأمنية بشكل صحيح.

في ظل صعوبة الاستجابة لمتطلبات الأمن المتزايدة في الدول، فقد اتجهت إلى خصخصة بعض جوانبه، وإعطاء دور هام للقطاع الخاص في بعض المؤسسات الأمنية، وأصبح الأمن بذلك لا يقتصر على السلطات الرسمية. لقد تزايد بذلك الاحتياج للحكم الراشد في القطاع الأمني، فعلى الرغم من أن الكل يتفق على أن المؤسسات الأمنية كمؤسسات ذات سلطة مطلقة، إلا انه في ظل العولمة أصبح من الضروري إشراك القطاع الخاص في هذه المؤسسات([58]).

ويشير البعض إلى أن تعدد الأطراف لا يرتبط بالشرعية فقط، بل بمدى ملاءمتها (الأطراف) مع المستويات السياسية للأمن:

الحكم الرشيد المحلي: والذي يقتضي مشاركة المجموعات والأفراد في تحقيق السلامة والأمن.
الحكم الرشيد المؤسساتي: يؤكد على أهمية التنظيم المؤسسي المعتمد سواء كان خاصا أو عاما لتامين التعاون والبحث واستغلال المعلومات وحفظ النظام.
الحكم الرشيد الدولي: وهو الذي يجند المنظمات والآليات الدولية والمدنية لاستتباب الأمن.

ويمكن حصر طبيعة التفاعلات بين مختلف هذه الفواعل في خمسة مجالات([59]):

الإجبار: وهو إخضاع الغير لمقتضيات أمنية سواء من فواعل رسمية أو غير رسمية، ومثال ذلك إجبار المؤسسات المالية على إعلام الهيئات الراعية للأمن في حال حدوث أي تجاوزات مالية مثل تبييض الأموال.
التكليف: ويعني أن توكل الدولة بعض المهام الأمنية للمؤسسات الخاصة للقيام بها وبمقابل.
البيع: وهو أكثر المعاملات شيوعا بين القطاع العام والمؤسسات الأمنية الخاصة، ولكنه لا ينسحب من كل العقود، فعديد المؤسسات تدير بنفسها أمنها الداخلي.
الهبة: ويمكن أن تشمل تخصيص بناية في فضاء تجاري لمصالح الأمن، أو بناء مراكز ضمن مشاريع الطرقات وغيرها.
التبادل: ويفيد في تجميع المعلومات والمعارف والموارد البشرية والإمكانات المادية، ويعتبر تبادل المعلومات بين أجهزة الأمن وشركات التامين، والمصالح الاجتماعية أبرز الأمثلة الناجحة في الحكم الراشد.

في الأخير، لنا أن نقول أنه في ظل العالم المعولم، عالم أصبح كالقرية الواحدة، أين أضحى أي تصرف مهما كان صغيرا يمكن أن يمس ويشمل الكل، سواء كان ايجابيا أو سلبيا، إذ أصبح لابد من تغيير أنظمة الحكم بشتى أنواعها وأشكالها نحو الحكم الراشد الذي يرتكز على الشفافية بالدرجة الأولى، الشيء الذي يتيح للجمهور إمكانية المساءلة، ومحاسبة كل من يخطئ ويتسبب في أزمة تخل بالأمن الشامل. لابد أن تقوم الدول على تعزيز مرتكزات الحكم الراشد، حتى تحقق خيارات الأفراد وتعزز أدوارهم في التنمية المستدامة.

قائمة المراجع:

1– أحمد فريد مصطفى، دليل تفعيل التنمية في التخطيط (الرياض: فهرسة مكتبة فهد للنشر، 2005).

2- بيلي إبراهيم أحمد العليمي، “العمالة الوافدة والمسالة الأمنية”، التنمية الشاملة وعلاقتها بالأمن ( الرياض: المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، ط.1 1977).

3- بدوي محمود الدّاعور إسلام، مدى تطبيق معايير الحوكمة الجيدة في بلديات الضفة الغربية(فلسطين: بحث ماجستير في العلوم السياسية جامعة الخليل، 2008).

4- بن معيص ﺁل سمير فيصل، استراتيجيات الإصلاح والتطوير الإداري ودورها في تعزيز الأمن الوطني (الرياض: مركز الدراسات والبحوث، 2007).

5- حسين عبد القادر، الحكم الراشد في الجزائر وإشكالية التنمية المحلية (جامعة تلمسان: بحث ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2012).

6- خديجة عرفة محمد أمين، “مفهوم وقضايا الأمن الإنساني وتحديات الإصلاح في القرن الحادي والعشرين“. http://www.emasc.com/content.asp?contld= 2630

7- خديجة عرفة محمد أمين، “تحولات مفهوم الأمن…الإنسان أوّلاً”. http://www.islamonline.net/arabic/mafaheem/2003/09/articl 001.shtml

8- خديجة عرفة محمد، “مفهوم الأمن الإنساني” المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية، ع. 13(جانفي 2006).

9- سلامة سالم سالمان، “تأثير التجارة الدولية على التنمية المستدامة”، ورقة مقدمة للمؤتمر العربي الخامس لإدارة البيئة (تونس: سبتمبر 2006).

10- صالح زياني، مراد بن سعيد، الحوكمة البيئية- قضايا وإشكالات-( الجزائر: دار قانة للنشر والتوزيع، ط.1، 2010).

11- عمار عماري ، “إشكالية التنمية المستدامة وأبعادها”،ورقة مقدمة للمؤتمر العلمي الدولي حول التنمية المستدامة والكفاءة الاستخدامية للموارد المتاحة (الجزائر: جامعة سطيف،07/08 أفريل 2008).

12- عبد الموجود إبراهيم أبو الحسن، التنمية وحقوق الإنسان: نظرية اجتماعية (مصر: المكتب الجامعي الحديث، 2006).

13- عبد النور ناجي، “دور منظمات المجتمع المدني في تحقيق الحكم الراشد في الجزائر”، مجلة المفكر ، ع.03(د س ن).

14- عبد الرحيم محمد عبد الرحيم، “التنمية البشرية ومعوقات تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي”، ورقة إلى المؤتمر العربي السادس للإدارة البيئية، مصر، (ماي 2007).

15- عاطف عبد الفتاح عجوة، “اثر انتشار الأمن في دفع مسيرة الأمة نحو التنمية الشاملة لمواجهة التحديات”، في عاطف عبد الفتاح عجوة وآخرون(محررون)، الأمن العام وأثره في بناء الحضارة (الرياض: المركز العربي للدراسات الأمنية، 1990).

16- علي أحمد الطراح، غسان منير حمزة سنو، “الهيمنة الاقتصادية العالمية والتنمية والأمن الإنساني” مجلة العلوم الإنسانية، ع.4 (ماي 2003).

17- عزي الأخضر، “فعالية الحكم الراشد (الحوكمة) في تفعيل خوصصة الشركات”، ورقة مقدمة إلى المؤتمر العلمي الأول حول حوكمة الشركات ودورها في الإصلاح الاقتصادي (سوريا: 15-16 أكتوبر 2008).

18- عطوي عبد الله، السكان والتنمية البشرية( لبنان: دار النهضة العربية، ط.1، 2004).

19- غادة علي موسى، “إعادة النظر في استراتيجيات الأمن الإنساني في المنطقة العربية”، ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي للأمن الإنساني في الدول العربية 14/15/03/2005 (الأردن 2008).

20- كريم زرمان، “التنمية المستدامة في الجزائر من خلال برنامج الإنعاش الاقتصادي 2001-2009،” مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية (ع.7، جوان 2010).

21- مصطفى أبو بكر بعيرة، أنس أبو بكر بعيرة، “لا تنمية مستدامة بدون إدارة قوامة”، ورقة مقدمة لمؤتمر التنمية المستدامة في ليبيا، جامعة قاريونس (د ذ س).

22- مركز الإنتاج الإعلامي، التنمية المستدامة في الوطن العربي..بين الواقع والمأمول(العربية السعودية: مكتبة فهد للنشر، 2007).

23- هدى زوير مخلف الدّعمي، عدنان داود محمد العذاري، الاقتصاد المعرفي وانعكاساته على التنمية البشرية( عمان: دار جرير للنشر والتوزيع، ط.1، 2010).

24- هيئة الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، “الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع”، تقرير التنمية البشرية 2011.

25- هيئة الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، “التغلب على الحواجز: قابلية التنقل البشري والتنمية، تقرير التنمية البشرية، 2009.

26- هيئة الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، “إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة”، وثيقة السياسات العامة، نيويورك (جانفي 1997).

27- ياسمينة زرنوح، إشكالية التنمية المستدامة في الجزائر(الجزائر: بحث ماجستير في العلوم الاقتصادية والتسيير،جامعة الجزائر، كلية الاقتصاد، 2006).

28- دخيل محمد حسن، إشكالية التنمية الاقتصادية المتوازنة: دراسة مقارنة (بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية، ط.1، 2009).

29- فؤاد جدو، “التنمية المستدامة بين متطلبات الحكم الراشد وخصوصية الجزائر”، مداخلة في ملتقى التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات، جامعة الشلف (16-17 ديسمبر 2008).

30- نعمان عبّاسي، “الحكم الرّاشد وأولوية ترتيب المشهد النخبوي في الجزائر”، مجلة الباحث الاجتماعي ،ع.10(سبتمبر 2010).

31- رعد عبد الرزاق التميمي سامي، العولمة والتنمية البشرية المستدامة في الوطن العربي (عمان: دار دجلة، ط.1، 2008).

32- سورة الأنعام، الآية: 141.

33- سورة الجاثية، الآية:13.

([1])– كريم زرمان، “التنمية المستدامة في الجزائر من خلال برنامج الإنعاش الاقتصادي 2001-2009،” مجلة أبحاث اقتصادية وإدارية (ع.7، جوان 2010) ص. 192-194.

([2])– عمار عماري ، “إشكالية التنمية المستدامة وأبعادها”،ورقة مقدمة للمؤتمر العلمي الدولي حول التنمية المستدامة والكفاءة الاستخدامية للموارد المتاحة (الجزائر: جامعة سطيف،07/08 أفريل 2008)، ص. 194.

* – أنظر الملحق (1)، حول الفرق بين التنمية والتنمية المستدامة.

([3])– كريم زرمان، مرجع سابق، ص. 194.

([4])– ياسمينة زرنوح، إشكالية التنمية المستدامة في الجزائر(الجزائر: بحث ماجستير في العلوم الاقتصادية والتسيير،جامعة الجزائر، كلية الاقتصاد، 2006)،ص.123.

([5])– كريم زرمان،مرجع سابق، ص. 194.

([6])– عمار عماري، مرجع سابق، ص. 3.

)– سورة الأنعام، الآية: 141.[7](

)– مسند أحمد بن حنبل.[8](

([9])– أحمد فريد مصطفى، دليل تفعيل التنمية في التخطيط (الرياض: فهرسة مكتبة فهد للنشر، 2005)، ص. 3.

([10])– سلامة سالم سالمان، “تأثير التجارة الدولية على التنمية المستدامة”، ورقة مقدمة للمؤتمر العربي الخامس لإدارة البيئة (تونس: سبتمبر 2006)، ص.53.

)– سورة الجاثية، الآية:13.[11](

([12])– عبد الموجود إبراهيم أبو الحسن، التنمية وحقوق الإنسان: نظرية اجتماعية (مصر: المكتب الجامعي الحديث، 2006)، ص. 199.

)– المكان نفسه.[13](

([14])– رعد عبد الرزاق التميمي سامي، العولمة والتنمية البشرية المستدامة في الوطن العربي (عمان: دار دجلة، ط.1، 2008)، ص. 44-45.

*– يتمثل أحد أهداف منظمة العمل الدولية في تجميع توليفة من المعايير الدولية لتقديم أدوات أفضل للإدارة ولتحقيق استدامة تنفيذ وإنفاذ معايير العمل الدولية على المستوى الوطني، أنظر:مكتب العمل الدولي، “لجنة العمالة والسياسة الاجتماعية”، إدارة العمل وتفتيش العمل: التحديات والأفاق المستقبلية(جنيف: نوفمبر 2010)، ص. 2.

)– المرجع نفسه، ص ص، 43- 46.[15](

*– أزمة المديونية 1982: انفجرت عندما اكتشفت المكسيك عدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها، مما وضع البنوك التجارية العالمية أمام أزمة طاحنة، وامتحن بشأنها نظام النقد الدولي، وأصبح أحد الأدوار السياسية لصندوق القد الدولي، واحتل نادي باريس مكانا مهما في جدولة الديون العامة. أكثر حول الموضوع في: نصيرة بوعون يحياوي ، الأزمات المالية العالمية وضرورة إصلاح صندوق النقد الدولي (الجزائر: متيجة للطباعة، 2011)، ص. 32.

)– المرجع نفسه، ص ص، 48- 50. [16](

([17])– هدى زوير مخلف الدّعمي، عدنان داود محمد العذاري، الاقتصاد المعرفي وانعكاساته على التنمية البشرية( عمان: دار جرير للنشر والتوزيع، ط.1، 2010)،ص ص. 21،20.

)– سامي رعد عبد الرزاق التميمي، مرجع سابق، ص. 65. [18](

([19])– هيئة الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، “الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع”، تقرير التنمية البشرية 2011، ص. 14.

([20])– بن العجمي بن عيسى محسن، الأمن والتنمية ( الرياض: مركز الدراسات والبحوث، ط.1، 2011 )، ص. 176.

([21])– صالح زياني، مراد بن سعيد، الحوكمة البيئية- قضايا وإشكالات-( الجزائر: دار قانة للنشر والتوزيع، ط.1، 2010)، ص. 17.

([22])– نعمان عبّاسي، “الحكم الرّاشد وأولوية ترتيب المشهد النخبوي في الجزائر”، مجلة الباحث الاجتماعي ،ع.10(سبتمبر 2010)، ص. 117.

)– صالح زياني، مراد بن سعيد، مرجع سابق، ص. 17.[23](

([24])– عبد النور ناجي، “دور منظمات المجتمع المدني في تحقيق الحكم الراشد في الجزائر”، مجلة المفكر ، ع.03(د س ن) ص 107.

([25])– حسين عبد القادر، الحكم الراشد في الجزائر وإشكالية التنمية المحلية (جامعة تلمسان: بحث ماجستير في العلوم السياسية والعلاقات الدولية، كلية الحقوق والعلوم السياسية، قسم العلوم السياسية، 2012)، ص. 27.

([26])– بن معيص ﺁل سمير فيصل، استراتيجيات الإصلاح والتطوير الإداري ودورها في تعزيز الأمن الوطني (الرياض: مركز الدراسات والبحوث، 2007)،ص .136.

([27])– دخيل محمد حسن، إشكالية التنمية الاقتصادية المتوازنة: دراسة مقارنة (بيروت: منشورات الحلبي الحقوقية، ط.1، 2009)، ص. 47.

)– بن معيص ﺁل سمير فيصل، مرجع سابق، ص.141. [28](

([29])– عبد الرحيم محمد عبد الرحيم، “التنمية البشرية ومعوقات تحقيق التنمية المستدامة في الوطن العربي”، ورقة إلى المؤتمر العربي السادس للإدارة البيئية، مصر، (ماي 2007)، ص. 13.

([30])– عاطف عبد الفتاح عجوة، “اثر انتشار الأمن في دفع مسيرة الأمة نحو التنمية الشاملة لمواجهة التحديات”، في عاطف عبد الفتاح عجوة وآخرون(محررون)، الأمن العام وأثره في بناء الحضارة (الرياض: المركز العربي للدراسات الأمنية، 1990)، ص ص. 96-99.

)– المرجع نفسه، ص. 101.[31](

)– فيصل بن معيص آل سمّير، مرجع سابق، ص ص. 139،138.[32](

)– محسن بن العجمي بن عيسى، مرجع سابق، ص 174.[33](

)– المرجع نفسه، ص 175.[34](

([35])– خديجة عرفة محمد أمين، “مفهوم وقضايا الأمن الإنساني وتحديات الإصلاح في القرن الحادي والعشرين”، ص 20.

http://www.emasc.com/content.asp?contld= 2630

* – وهي أزمة النمو الآسيوية والتي وقعت نتيجة للانخفاض الحاد في قيمة الـ Bhat- العملة الوطنية التايلندية- بعد فترة طويلة من الاعتماد على نظام سعر الصرف الثابت، وهذا ما حفز على الاقتراض الخارجي وعرض قطاع الأعمال والمال إلى المخاطر، أنظر: بوعون يحياوي نصيرة، الأزمات المالية العالمية وضرورة إصلاح صندوق النقد الدولي (الجزائر: متيجة للطباعة، 2011)، ص. 39-43.

([36])– خديجة عرفة محمد أمين، “تحولات مفهوم الأمن…الإنسان أوّلاً”،ص 3.

http://www.islamonline.net/arabic/mafaheem/2003/09/articl 001.shtml

([37])– هيئة الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، “التغلب على الحواجز: قابلية التنقل البشري والتنمية، تقرير التنمية البشرية، 2009،ص ص. 55-57.

([38])– خديجة عرفة محمد، “مفهوم الأمن الإنساني” المركز الدولي للدراسات المستقبلية والإستراتيجية، ع. 13(جانفي 2006)، ص.23.

)– تقرير التنمية البشرية 2009، مرجع سابق، ص ص. 79- 82.[39](

)– خديجة عرفة محمد، “مفهوم الأمن الإنساني”، مرجع سابق، ص. 23.[40](

([41])– بيلي إبراهيم أحمد العليمي، “العمالة الوافدة والمسالة الأمنية”، التنمية الشاملة وعلاقتها بالأمن ( الرياض: المركز العربي للدراسات الأمنية والتدريب، ط.1 1977)، ص. 48.

)– مركز الإنتاج الإعلامي، التنمية المستدامة في الوطن العربي..بين الواقع والمأمول(العربية السعودية: مكتبة فهد للنشر، 2007)، ص.206.[42](

([43])-علي أحمد الطراح، غسان منير حمزة سنو، “الهيمنة الاقتصادية العالمية والتنمية والأمن الإنساني” مجلة العلوم الإنسانية، ع.4 (ماي 2003)، ص.4.

([44])–المرجع نفسه، ص.6.

([45])-غادة علي موسى، “إعادة النظر في استراتيجيات الأمن الإنساني في المنطقة العربية”، ورقة مقدمة للمؤتمر الدولي للأمن الإنساني في الدول العربية (14/15/03/2005)، الأردن (2008)، ص. 12.

([46])– غادة علي موسى، “مخاطر غياب الأمن على البيئة والتنمية المستدامة”، ورقة مقدمة للمؤتمر العربي السادس للإدارة البيئية، مرجع سابق، ص ص 159- 158.

([47])– مصطفى أبو بكر بعيرة، أنس أبو بكر بعيرة، “لا تنمية مستدامة بدون إدارة قوامة”، ورقة مقدمة لمؤتمر التنمية المستدامة في ليبيا، جامعة قاريونس (د ذ س)، ص ص. 4- 6.

([48])– عزي الأخضر، “فعالية الحكم الراشد (الحوكمة) في تفعيل خوصصة الشركات”، ورقة مقدمة إلى المؤتمر العلمي الأول حول حوكمة الشركات ودورها في الإصلاح الاقتصادي (15-16 أكتوبر 2008)، سوريا، ص 7.

([49])– فؤاد جدو، “التنمية المستدامة بين متطلبات الحكم الراشد وخصوصية الجزائر”، مداخلة في ملتقى التحولات السياسية وإشكالية التنمية في الجزائر: واقع وتحديات، جامعة الشلف (16-17 ديسمبر 2008)، د ذ ص .

([50])– حسين عبد القادر، مرجع سابق، ص. 72.

([51])– بدوي محمود الدّاعور إسلام، مدى تطبيق معايير الحوكمة الجيدة في بلديات الضفة الغربية، (فلسطين: بحث ماجستير في العلوم السياسية جامعة الخليل، 2008)، ص. 35.

([52])– هيئة الأمم المتحدة، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، “إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة”، وثيقة السياسات العامة، نيويورك (جانفي 1997)، ص 11.

([53])– المرجع نفسه، ص ص. 14،13.

([54])– المكان نفسه.

([55])– عطوي عبد الله، السكان والتنمية البشرية( لبنان: دار النهضة العربية، ط.1، 2004).ص ص. 843-850.

([56])– المرجع نفسه، ص ص. 850-852.

([57])– محسن بن العجمي بن عيسى، مرجع سابق، ص. 196.

([58])– المرجع نفسه، ص ص. 197،196

([59])– المرجع نفسه، ص ص. 198- 200.

محمودي منير – المركز الديمقراطي العربي تحريرا في 9-6-
المصدر/ المركز الديمقراطي العربي

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب