9 أبريل، 2024 2:32 ص
Search
Close this search box.

“الإيقاع” .. حينما يوحد ويتنوع في وطن !

Facebook
Twitter
LinkedIn

كتب – عمر رياض :

“كلما اتجهنا إلى جنوب القارة الإفريقية زادت سرعة الايقاع”.

قال تلك الملاحظة “أحمد شعبان” لاعب الدرامز ومؤسس لعدد من الفرق الموسيقية ضمن (جيل من الموسيقى الحديث فى مصر).

لا يعرف “شعبان” سبباً علمياً لتلك الملاحظة التي اكتشفها وجيله خلال التمرينات، بينما يقوم بضبط جهاز السرعة (كليك موترونوم).. حتى يكون التمرين مطابق لزمن الأغنية أو المقطوعة المطلوب، لكن بالتحليل البسيط “قد تكون الطبيعة المختلفة للجغرافية أو القرب والبعد من المدارات أو الغابات واصوات الأشجار والمياه والريح مثلاً”.

محاكاة الطبيعة بشكل عام تصنع الكثير من الفروق في الموسيقى.

بعد تلك الجملة ضبط شعبان العداد على السرعة 60 ودخل إلى غرفة الصوت المعزول بالاستوديو، حيث يقف “الدرامز” الخاص به ليبدأ تمرين المقطوعة، والتي من المفترض ان يشارك بها مع احد الفرق بينما كانت مدينة الاسكندرية تستعد لاستقبال مهرجان “الجاز الإفريقي”.

في ايقاعات الموسيقى أشكالها..

يقول “أبو نصر الفارابي” في كتابه الموسيقى الكبير: “إن الإيقاع هو النقلة على النغم في أزمنة محدودة المقادير والنسب”. ويقول أيضاً: “فأزمنة الإيقاع إذا قدّرت ينبغي أن يكون المقدر لها زمان هو أقل الأزمنة الحادثة فيما بين بدايات النغم ونهاياته، وهذا الزمان هو كل زمان بين نغمتين لم يمكن أن يقع بينهما نغمة أخرى ينقسم الزمان بها”.

اما “ابن سينا” في فصل الإيقاع من بحث الموسيقى من جملة كتاب (النجاة والإيقاع): “كل نقرة ينقل عنها إلى نقرة أخرى، فإما أن تنتقل في مدة لا تمحي في نقلها عن الخيال صورة الأولى حتى تكونا في الخيال كالمتوافيين معاً، وإما أن لا يكونا، والإيقاع إنما يؤلف من نقرات بينها مدد على القسم الأول”.

من هنا فإن الإيقاع في الموسيقى والغناء هو ذلك التركيب الزمني المخصوص الذي يتكون من عدد من النقرات منها القوي ومنها الضعيف، أو الحركات أو الأصوات يعاد لمرات عديدة ليبعث في الإنسان، وحتى في الحيوان، انسجاماً مع ذلك الإيقاع.

كل محاولات واجتهادات الفلاسفة والأكاديميين كانت محاولات نسبية، حيث يظل البشر هم مصدر الابداع الإيقاعي.

فالإيقاع لا ينفصل عن الانسان وتكوينه، قد نجد الايقاع في دقات القلب والتنفس، “وفي توازن خطواتنا عند المشي سواء كان الماشي ذا رجلين عاديين فينتج بمشيته إيقاعاً ثانياً، أو كانت إحدى رجليه أطول أو أقصر من الأخرى فينتج حينئذ بمشيته إيقاعاً ثلاثياً يعرف بالأعرج أو العائب. كما يبرز الإيقاع في جميع حركاتنا وسكناتنا فترى الانسان يبحث عن أي توازن مهما كان بسيطاً في أعماله وأقواله ليسهل على نفسه القيام بها دون أن يشعر بعناء آنذاك”، كما يشير بحث آخر في الايقاع.

باسقاط هذا المفهوم الابداعي الذي ينبع من البشر في الأصل سنجد هذا التنوع الغني والمتباين في ارجاء المساحة الإفريقية ومجاهلها.

سرعة الإيقاع الإفريقي..

يحكم الأيقاع قاعدة مكونة من اربع عدات أو نقرات 4/4 وتكتب في بداية النوته، ويمكن تقسيم هذا الزمن المكون من اربع ارباع إلى اكثر كـ”8/4″ أو “16/4″ بالزيادة أو يمكن ان يمتلئ الزمن الأصلي بعدد من النقرات أو النقصان، بالإضافة إلى ذلك يمكن تسريع الزمن كله بحيث تأخذ (الوحدة) الأربعة عدات الأصلية زمن بالساعة دقيقه أو دقيقتين أو أكثر على حسب المطلوب.

جميع الإيقاعات المعروفة سواء الشرقية أو الغربية محكومة بقاعدة بهذا الشكل كـ”2/4” في الغربي مثلاً، ونحن نعرفها باسماء معينة بمجرد السمع مثل إيقاع (المقسوم) أو (الملفوف) في الموسيقى الشرقية، أو التي أتت من تركيا وتسمى “سماعي” أو “ساز سماعي”.

فهي كلمة من اليونانية تتكون من مقطعين “الصوت والصمت” rhythm، أما الايقاع  وهو الايقاع الأوربى المتعارف عليه.

ويوجد عدد كبير من الايقاعات الغربية المعروفة، (الفالس) على سبيل المثال، بالاضافة إلى ايقاع (البمب)، وبعضها يتشابه مع الايقاع الشرقي.

تميز الشمال الإفريقى بايقاعه المختلف والذى يبدو هادئ وبسيط مثل “البطايحة” في ليبيا، و”الجيناوه” وهي ايقاعات تعود للموسيقى الأصلية (التقليدية) في الجزائر والمغرب.

إلا ان القارة الإفريقية قارة غنية على الرغم من تشابه عدد كبير من ايقاعاتها إلا ان العديد منها بينها تباين كبير.

في الوسط الإفريقي وشرقه، الايقاع السواحيلي وهو يختلف من قبائل (مالي) ونجومها (ساليف كيتا) مثلاً عن (ساحل العاج)، كما تقل سرعة الايقاعات بالملاحظة، في بعض الموسيقى في موريتانيا.. بينما تظل الكاميرون خاصة قبائل “الدولا” هي الأسرع والأكثر امتلاء.

هكذا حتى الجنوب الإفريقي عند النجم “لاكي دوب”..

قد مزج اتجاه مستحدث من جميع تلك الايقاعات بشكل ارتجالي فيما اطلق عليه عروض (البركشن) أو “البركشن شو” الاستعراضي.. بل واصبح له نجومه في مصر، وهو جمل ارتجالية بين كل تلك الايقاعات والسرعات من خلال “هارموني” يحافظ على ثوابتها.

حيث اصبحنا.. يمكن ان نسمع طبلة (ميزو) و(أيهاب بوب) و(شمس) من مصر، ممزوجة مع ايقاع (ساليف كيتا) في مالي.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب